تؤكد الإختصاصية في علم النفس العيادي، دالين باسط، أنه لا يمكن معالجة الخوف من الزواج، إلا بعد أن تتم معرفة الاسباب التي تقف خلف هذا الخوف والتي تكون، في غالبيتها، مصاحِبة للشخص، ذكراً كان أم أنثى، منذ مراحل الطفولة المختلفة، وبحيث يصبح اللاوعي لديه باحثاً عن علاقات لا توصل الى الزواج ومن دون إدراك منه.
ولعل أبرز الأسباب التي تؤدي الى الخوف من الزواج، هي:
- تكوين صورة ذاتية سلبية عن الأسرة، من خلال نشأته في كنف عائلة مفككة تكاد تغيب عنها الأدوار وتسيطر عليها الأجواء السلبية والمشاكل المختلفة، وما يؤدي ذلك من إنعكاسات سلبية على الأطفال وعلى صحتهم النفسية، قد يجعل لديهم خوف في المستقبل من الزواج.
- الخوف من الإلتزام والمسؤولية الذي قد يقف حاجزاً أمام الإرتباط والزواج لديه، لعدم رغبته في تحمّل أعباء الزواج وتبعاته وتربية الأولاد. أو قد يبحث عن علاقة، في اللاوعي لديه، لن توصله الى الإرتباط أو الزواج كإختيار رجل متزوج او امرأة متزوجة.
- عدم تقبل الهوية الجنسية وذلك بسبب صورة الأم أو الأب الجنسية المهزوهة وغير السليمة ما يجعله يرفض التماهي بالأب والأم في سن صغيرة، فينشأ إضطراب معين في هويته الجنسية. أو بسبب تعرضه لإعتداءات جنسية أو خبرات سلبية في طفولته، فيرفض في ما بعد الزواج ويصبح خائفاً منه.
- تعلّق مرضي بأحد الأبوين، كالفتاة بأبيها والولد بأمه، يمكن أن يؤثر بطريقة مباشرة على الخوف من الإرتباط والهروب من الزواج. وتجعل الشخص غير قادر على الإنفصال عن الأهل وتكوين حياة مستقلة عنهما، فيبحث عن علاقات لا توصل الى الزواج.
وفي المقابل قد نجد رفض من الأهل بالإنفصال عن هذا الولد، فيعيقون زواجه.
- الأعباء الإقتصادية والإجتماعية أحياناً تشكل عاملاً هاماً وضغطاً نفسياً معيناً تجعل بعض الأشخاص يهربون من عبء الحياة الزوجية مخافة الفشل وعدم القدرة على تأمين مستلزمات أفراد الأسرة التي سيصبحون مسؤولين عنها.
- الشعور بالمسؤولية تجاه الأبوين المريضين اللذين يعانيان من ظروف جسدية نفسية أو إجتماعية غير سليمة، فيصبح الشخص غير قادر على تركهما بمفردهما ويشعر بأنه مضطر لتحمل ظروفهما، فتصبح الأولوية لديه لوالديه وليس للزواج.
وتشير الإختصاصية دالين الى أنه كلما كان الخوف من الزواج يعود الى مراحل الطفولة الأولى كلما كان علاجه أصعب. أما العلاجات المتوافرة، فتكون من خلال ترك المريض ضمن مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من الخوف أو من مشاكل متشابهة أو متقاربة، قد تجعله يطلق ما بداخله ويعبِّر عن هواجسه وعما يجول بخاطره، ليأتي دور التحليل وتقديم العلاج الملائم. إذ أنه متى تمَّ إكتشاف سبب الخوف يصبح العلاج أكثر سهولة.
وأكدت أن علاجات هذه المشكلة مختلفة، لكن العلاج التحليلي وعلى الرغم من أنه يحتاج الى وقت طويل، لكنه يعود الى أساس المشكلة ويدرك الموضوع تماماً، مما يساعد المحلل النفسي على تقديم العلاج الملائم للمريض وشفائه من هذه الحالة. فمعرفة سبب الخوف يبقى الأهم للوصول الى الطريقة الأفضل للعلاج.
كيف لم يعرفوا، كيف لم يمنعوا ، كيف لم يخجلوا ؟!
08 أكتوبر 2024