من يفكر استراتيجيا و الى اين ستؤول مسارات القضية الفلسطينية و لأي نضوج فكري وطني يجب ان يوضع أمام الأعين وضع عنوان هذا المقال في صورة تساؤل لكي نمتطي سلوك المعالجات للواقع الحالي المدمر و خاصة ما يرافق ذلك من مسلسل و سلسلات و مسلسلات من المشاريع التي دفعت و في تدرج زمني و تدرج في الطرح الى انهاء القضية الفلسطينية كقضية وطنية و قضية عربية و قضية حقوق و قضية اعتداء على الجغرافيا العربية و اقتطاعها و من ثم العمل على تطويب وجود استعمار احلالي على اراضيها و ربما و ما بعد ما يسمى صفقة القرن و الحل الاقليمي التي تذوب فيه معالم القضية الفلسطينية ان تصبح ما يسمى دولة اسرائيل هي احد الدول الفاعلة في لجامعة العربية و هي منظمة شرق اوسطية اي يعني ان قبة الميزان في الجامعة العربية ستكون لاسرائيل و هنا يتغير دور المنطقة الوظيفي و خاصة بعد اعادة ترسيم القوى الاقليمية و مناطق النفوذ مع ايران .
لماذا خصص هذا المقال بهذا العنوان و يخصص فتح ؟
لان فتح هي طليعة المنظومة الوطنية التي تبنت الكفاح المسلح و تبنت ميثاق منظمة التحرير الذي اعده الشقيري و التزاوج بين ادبيات فتح و اهدافها و مبادئها هو تزاوج اندماجي فإن صح الاول يصح الثاني و ان صح الثاني صح الاول و لذلك عندما انحرفت فتح عن مساراتها في عام 1974 انحرفت منظمة التحرير و عندما دب الفساد في تنظيم و مؤسسات فتح ، دب الفساد في مؤسسات منظمة التحرير ، وعندما ضعفت فتح ضعفت منظمة التحرير الفلسطينية و ملآت الفراغ قوى الاسلام السياسي التي تتراوح اهدافها بين الاحلال عن فتح و شعائرها الى البدائل ان لم يتوفر ذلك .
وهنا السؤال هل ضروري فعلا ان تستمر فتح ؟ هل ضروري فعلا ان تستمر ظاهرة الفصائل ام اصبحت عبئ على اي استحداث او حديث عن صياغة برنامج يلائم كل المتغيرات الذاتية و الاقليمية و الدولية ؟
و هنا يأتي سؤال اخر هل العيب في فتح ام العيب في قيادة اساءت توجيه شراعاتها و اخفقت او جبنت ا وجدت مصالحها في التخلي عن مسببات انطلاقتها و مسببات عملية احلالها بدلا من زعامة الشقيري في بداية الامر ، و لكي نكون منصفين نوعا ما هل العامل الاقليمي هو الذي غير القيادة الفلسطينية و اتجاهاتها و اندماجها مع المتغير الاقليمي و اطروحاته ام كان عدم شجاعة القيادة لفلسطينية في التشبث بفكر الكفاح المسلح و تضحياته و تخليها عنه هي من احدى مسببات الرئيسية في صناعة المتغير الاقليمي الذي اصبح واقعا يحتوي على سفارات لاسرائيل في عواصم الاقليم .
اسئلة كبيرة بحجم شعب لم يبخل في دفع تضحيات كبيرة و مازال يضحي بكل الوسائل من المدفع الى الرشاش الى الصاروخ الى البلالين الى السكين الى عمليات الدهس و برغم ذلك مازالت تلك القيادة لم تطرح ذاتها ووجودها و هل يناسب وجودها قيادة المرحلة ، بل تحنطت السياسة الفلسطينية تحت تراهات ربما كانت تجد بريقا بعد المنتصف الثاني من السبعينات وبعد وعود و امال في صناعة مزرعة تمثل خمس فلسطين ليمارسوا اهوائهم وغرورهم و مصالحهم على امتارها المحدودة و ليصل الحال الى اهتزاز عروشهم حتى بعض تلك الامتار من بقايا الوطن .
مازلنا لم نجيب عن التساؤل و ان احطنا به عدة اعتبارات ومتجهات ، هل يمكن ان تعود فتح لاهدافها و مبادئها و نظامها الاساسي ام لا و من هو الذي يمتلك هذه الرؤية و هذا القرار و يمتلك الامكانيات و من هو الذي يمتلك البرنامج التوعوي و التعبوي ليقفز عن معطيات المرحلة و ضرورياتها المفروضة اقليميا و دوليا و خاصة في وجود خطأ تكتيكي و استراتيجي عندما وضعت القيادة الفلسطينية كل البيض في سلة واحدة وتحت قوة فتك المال السياسي الانساني و قوى الاحتلال و امنه و عملية الترويض الثقافي و تقديم مصلحة التوظيف والرتبة والراتب على اساسيات ماجاء في النظام الداخلي لحركة فتح و هي الهوية النضالية لرجل فتح المضحي الذي يحمل روحه على كفه .
مازلت اؤمن ان كل العبقريات الفكرية و التنظيمية و الوطنية و مهما كانت حدة تطرفهم ووطنيتهم لن يستطيعوا صياغة نظام داخلي و متجهات واهداف و مبادئ لحركة تحرر وطني او صياغة ميثاق وطني فلسطيني كما صيغت ادبيات فتح او الميثاق الوطني لمنظمة التحرير ، تم صياغته عندما كانت الطليعة و النخب تتجه نحو الحُلم الفلسطيني اي تحرير كامل التراب الوطني تهاوى هذا الحلم تحت وطئة سلوكيات قيادة قادت الشعب الفلسطيني بالارتجال والمحاباة و الشللية و استخدام رأس المال لتشويه العقول والسلوك و ليس للبناء و زيادة القوة و الاستقراب على الاقل من لحظة او مكان توازن الرعب مع العدو الاسرائيلي .
ولكن اعتقد لكي نجيب عن السؤال فتح بأدبياتها هي البوابة العريضة لكل من يريد ان يعود الى نقطة الصفر وعشرات السنين من التهاوي و الضعف و الفساد لا تعني اغلاق الحلم الفلسطيني بل يستطيع هذا الشعب ان توفرت نخب جادة ان تعيد المعادلات الى اصولها والصراع الى اصوله و ان كان هذا الامل و هذا التوجه غير موجود الان في بحر من المتلاطمات و اهمها تعدد الثقافات و الانحيازات الفصائلية و الجغرافية و القبلية ، فكيف لنا ان نفكر في ذلك في ظل قيادة تدعي انها لها سلاح واحد و قانون واحد و قضاء واحد و مكان نفوذها مهلهل و يعيش في وباء الفلتان الامني من القتل و الاختطاف و السرقة و النهب ووجود عدة ميليشيات لعناصر متنفذة في السلطة تظهر في الافراح والمناسبات و في الثأر العشائري او مناصرة هذا القائد او ذاك و كما حدث مؤخرا و متجها في الخليل ليلة امس عندما تحرك امين سر حركة فتح في الخليل ب 20 ملثما محميا بالسلاح لاقتحام منزل المتحدث باسم فتح المؤتمر السابع واغتياله كما زعم و اغتيال قريبة الوزير ابن فهد القواسمي في تلك الليلة تحرك 200 عنصر من الامن و الامن العشائري لصد تلك القوة و اعتقالها و بعد ثلاث ساعات تم الافراج عنهم بقرار من مسؤول كبير في السلطة لم يذكر اسمه و لكن من المؤشر ان هؤلاء العشرون عنصر ينتمون لجهاز المخابرات العامة ، أهو مؤشر على بروفة مكمل لبروفات سابقة لما سيؤول له الامر بعد عباس ام هذه الحادثة هي من احد تداعيات او توجهات موافقة او نافية اجتماع محمود عباس مع نتاف رئيس جهاز المخابرات العامة الاسرائيلي ، و هل هذه الحادثة و هي من المكون الداخلي لحركة فتح و مؤسساتها و هذا السلاح الذي تواجد اليس كسرا لمحددات و القانون الداخلي للسلاح المتفق عليه بين الاحتلال و السلطة و فتح فكيف لنا ان نتحدث عن حركة يقودها هؤلاء قد تعود للأصول او لمواجهة متطلبات المرحلة فإسرائيل تقتحم رام الله و المدن الفلطينية بحثا عن مناضل في حين توافق على هذا السلاح وهو سلاح تعتبره اسرائيل و المستوطنين نيران صديقة ، وكيف نربط ذلك بتوجهات اشرف الجعبري الذي انشأ غرفة تجارية مشتركة في مستعمرة آيل و هي مركز القيادة الاسرائيلية و كيف نربط ذلك بتصريحاته ايضا التي يقول فيها انه سيقدم ملفات فساد تجاه رجال السلطة و فتح في المحاكم الاوروبية ؟!
كيف يمكن ان تستمر فتح و ظاهرة الفصائل و هي تسير عكس التيار ومتجهات و مصالح الشعب الفلسطيني بد هنا ان نذكر ان من المهم ان نقول اذا تعذر ذلك بل كان من الضروريات ان نحشد و ندعم توجهات الاصلاح التي يقودها المناضل محمد دحلان و المناضل سمير المشهراوي اللذان تحملان الاخطاء الحركية التاريخية و هما غير مسؤولان عنها و بدآ في الاصلاح اصلاح العقول و اصلاح مجتمعي و اصلاح انساني و هي مقومات لبناء مناخات و مجتمع صحي له من الملاءمات و المناخات القابلة و المستوعبة لأي طرح سياسي يستطيع ان يعالج مسببات ضعف فتح و منظمة التحرير و الانقسام و ان كان المشوار مازال في بدايته بما يحمل من ايجابيات و سلبيات و هذه طبيعة تراكمات من الفساد عاثت فسادا عدة عقود من الصعب فيها خلق عمل نموذجي و مثالي و تحتاج الامور الى مزيد من الصبر و عمليات الجمع اولا و الطرح ثانيا و القسمة في اخر الامر و الضرب كل العمليات الحسابية والجبرية فالامور معقدة جدا فلا تنتظروا نتائج بعمل مثالي و الا لن نستطيع ان نقول اننا نخوض مرحلة نضال معقدة بكل عقدها التي تم توارثها تاريخيا .