كتب وزير شئون المفاوضات السابق حسن عصفور انه منذ أن قررت قطر تقديم ما أسمته "منحة لمساعدة الأسر الفقيرة" لأهل قطاع غزة، وهي تتسر على "الشروط الإسرائيلية" المفروضة على صرفها، والفئات التي تستحق، وتشارك حركة حماس في ذلك "الغموض" لغاية سياسية كاملة الأركان.
قطر وسفيرها، هي الطرف العربي الوحيد، الذي يتعامل "واقعيا" مع القدس كـ "عاصمة" لإسرائيل، حيث يعقد سفيرها محمد العمادي اللقاءات مع ممثلي دولة الكيان بمكاتبهم في القدس الغربية، منذ أكثر من عام، ورغم انه خرق سياسي كبير لكن "الحاجة المالية"، والانتهازية السياسية لحركتي فتح (م7) وحماس، صمتا على ذلك مقابل مال لا أكثر، وهي فضيحة تضاف لفضيحة الشروط الإسرائيلية لصرف المنحة القطرية.
مع أول دفعة مساعدات، اشترطت دولة الكيان تصوير هوية من تمنح لهم أموال قطرية، وشارك العمادي شخصيا في عملية المراقبة، كأي شرطي يبحث التدقيق ومراقبة سير العمل دون تزوير، ومع الإهانة الكامنة في تلك العملية، لكن "الحاجة فرضت التنازل عن بعض من كرامة".
يبدو أن الأمن الإسرائيلي لم يرق له سير عملية الصرف السابقة، فأراد أن يفرض مزيدا من اشكال رقابية، قد تصل الى حد مهانة سياسية، ولكن العمادي، الذي لا يمكنه صرف دولار واحد لغزة أو للضفة دون موافقة مباشرة من إسرائيل وأمريكا، حمل "شروط المهانة" الى قيادة حماس وفاوضهم عليها، وعاد حاملا ردهم للطرف الإسرائيلي، ما أوقف صرف المنحة للفقراء الذين كانوا ينتظرون.
الطرفة السياسية تلك التي قالها سفير قطر لتبرير التأخير، بانه "خلل فني"، والحقيقة أنه "شرط إسرائيلي" لمن ستصرف وآلية الصرف...(خلل فني كما كان من صرف رواتب موظفي غزة من سلطة رام الله).
لا يوجد أدنى موقف رافض للمال القطري، شرط ان لا يكون "مالا مسيسا" لخدمة شروط دولة الاحتلال، عندها يتحول من مساعدات الى شكل جديد من فرض "إملاءات" سيكون لها بعد سياسي، قد تصيب حماس ذاتها بأثر سلبي في قادم الأيام، وتمس كثيرا من "مصداقيتها" في التعامل مع دولة الكيان، ومن يعتقد أن تلك ستبقى "سرا من اسرار الدولة" فهو واهم جدا.
فكما نشرت فيديو العمادي وهو يهمس للقيادي الحمساوي خليل الحية في أحد مسيرات الجمعة، "نبيي هدووووء" فأصحبت "تميمة قطرية"، ثم صوره وهو يدقق في هويات المواطنين وينتقل من مركز لآخر، سيتم نشر كل "الإملاءات" الخاصة بشروط صرف "المنحة الجديدة".
ربما تحاول حماس ومن معها من "فصائل" بحث تبريرات "مقاومة" لذلك السلوك غير المستقيم وطنيا، ولكنها بالتأكيد لا تستطيع أن تتجاهل الحقيقة بأنها لو وافقت عليها، ورضخت لقطر وتل ابيب فهي تقدم "تنازلات سياسية" ستمس كثيرا بالموقف العام، وتكرس معادلة "المال مقابل السياسة" تكريسا للصفقة الأمريكية.
رفض حماس الشروط القطرية الإسرائيلية لن يربك دولة الكيان فحسب، بل سيربك جدا قطر قبل تل أبيب، وسيضع حاكمها امام الحقيقة الواضحة، انه لا يخدم فلسطين، بل يؤدي دورا على حساب فلسطين، مسألة لن تتحملها كثيرا حاكمية الدوحة، ولكن يبدو ان قيادة حماس خاصة المقيمة بين قطر وتركيا لن تسمح بالذهاب الى "نقطة الفصل" تلك.
قبول شروط الكيان المضافة لصرف المنحة، هو شكل من اشكال التعامل مع الصفقة الأمريكية، ولا يكفي كثيرا الصراخ ليلا ونهارا بأنهم ضد الصفقة، خاصة عشية عقد "ورشة البحرين" التي ستبحث "المال مقابل السياسة".
على قيادة حماس في قطاع غزة، ان تحسم امرها بعد تفكير ايهما أكثر قبولا لها، مال مسموم بموقف سياسي يساهم في تمرير خطة ترامب، ام رفض مشروط قد يربك الآخرين...مسالة تفرض ذاتها، دون مبررات ملتبسة!
ما يثير السخرية السياسية أيضا، صمت فريق الرئيس محمود عباس على الدور القطري، والسؤال لما...لنترك الجواب لكل من يرى رأيا!
ملاحظة: أحد متحدثي فتح (م7) يصر على انه تعرض لمحاولة اغتيال، فيما جهات أخرى تكذبه...ليش الأجهزة الأمنية مصابة بخرس...وقبلها وين "مركزية الحركة" طيب...بس بلاش تعتبروها عمل للتشويش على موقف "المجاهد الكبير"!
تنويه خاص: الفتى رامي أطلق قنبلته حول رواتب الوزراء وبدل ايجار البيوت...طالب وزير المالية بقول الحقيقة، وبشارة بلع لسانه... احكوا يا شباب بدون خوف، "فساد مؤيدي الرئيس حلال" ومش تهمة...بس احكوا لنفهم!