المتصهين فريدمان رئيسا لمجلس المستوطنات!

التقاط.PNG
حجم الخط

بقلم : راسم عبيدات

 

من شاهد السفير الأمريكي لدى إسرائيل، المتصهين ديفيد فريدمان، وهو يقوم بواسطة مطرقة ثقيلة بفتح نفق استيطاني أسفل بلدة سلوان المحتلة بإتجاه القصور الأموية وحائط البراق في البلدة القديمة من القدس، يدرك تماماً بان هؤلاء المتصهينين في الإدارة الأمريكية وعلى رأسهم الرئيس ترامب وفريقه بومبيو وبولتون وكوشنر وغرينبلات وفريدمان، لديهم حقد وعداء سافرين على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، وهم متفقون تماما مع رؤية الإحتلال الصهيوني واليمين المتطرف، بانه لا يوجد شعب فلسطيني،بل تجمعات سكانية، وهذا عبر عنه المتصهين كوشنر في ورشة المنامة الإقتصادية لتصفية القضية الفلسطينية، فهو لم يذكر اسم الشعب الفلسطيني، بل كان يقول الناس في غزة والناس في الضفة، في حين تحدث عن "الشعب" اليهودي، المتفوق عرقياً، ولذلك لا فرق بين كوشنير وفريدمان وغرينبلات وبين نتنياهو وبينت وليبرمان وحتى يهودا جليك، ورؤساء المجلس الاستيطاني، فكلهم صهاينة، بل ان المتصهينيين الأمريكيين يريدون أن يزايدوا على صهاينة العصر بأنهم أكثر ولاءً منهم للفكر الصهيوني وإخلاصاً لمبادىء الأباء المؤسسين من الصهاينة هرتسل وايزمن وبن غوريون وغيرهم.

والمأساة والطامة الكبرى، أن هناك العديد من قادة النظام الرسمي العربي المنهار، يضعون كل بيضهم في سلة هؤلاء المتصهينين، بل ويشاركونهم في مخططاتهم ومشاريعهم لتصفية القضية الفلسطينية، ويدفعون لهم الأموال لتنفيذ تلك المخططات والمشاريع، ورغم كل ذلك وما يقوم به ترامب وفريقه المتصهين، من "استحلاب" مالي لهم، فهو لا يكن لهم ادنى احترام ويتحدث عنهم بعنجهية وغطرسة وقلة إحترام، فهو يقول بأن هؤلاء العربان لا يملكون سوى المال وعليهم الدفع لأمريكا.

قلنا دوماً انه يجب أن لا نزرع الأوهام عند شعبنا، بأن يكون مثل هؤلاء المتصهينين دعاة سلام او وسيطا مقبولا في العملية" السلمية"، فهؤلاء شركاء في الحرب على شعبنا الفلسطيني، ولا يردون له الحصول على الحد الأدنى من حقوقه المشروعة في دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام /1967 وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئي شعبنا الفلسطيني وفق القرار الأممي (194). فكوشنر الذي أشرف على ورشة المنامة الإقتصادية، يتعامل مع قضية شعبنا الفلسطيني على انها صفقة تجارية، يلتف حولها مجموعة من "الخيرين" و" المحسنين" يقومون بوضع أسعار لثمن الوطن،الأرض، ثمن الشهيد، ثمن الجريح، ثمن الأسير، ثمن اللاجىء، وبأن قضية شعبنا ليست قضية وطن وأرض، بل قضية مال ومشاريع اقتصادية، ولذلك قال بأن الفلسطينيين لا يستطيعون حكم أنفسهم.

والمتصهين الآخر فريدمان، قال بان اسرائيل من حقها ان تقيم مستوطنات في أي مكان في الضفة الغربية على اراضي دولة أو حتى على أراض فلسطينية خاصة، والمشكلة ليست في الاستيطان، بل في حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

كوشنر وغرينبلات هما من قادا حملة التحريض ضد شهداء وأسرى شعبنا الفلسطيني وعائلاتهم، ووصفا نضاله بالإرهاب، ولذلك نشأت مشكلة اموال المقاصة، والسطو الإسرائيلي على عائدات الضرائب التي تجيبها دولة الاحتلال لصالح السلطة الفلسطينية، حيث اقتطعت منذ اربعة شهور منها المبالغ التي تدفعها السلطة لعائلات الشهداء والأسرى، ولتصل البلطجة حد اقتطاع 14 مليون شيكل اخرى تعويضات لعملاء يدعون أنهم تعرضوا للتعذيب في سجون السلطة الفلسطينية.

نتنياهو كافأ ترامب بزرع مستوطنة في قلب الجولان السوري المحتل سماها تلة ترامب، تقديراً له على قراره بإعلان ضم الجولان السوري لدولة الإحتلال ، وسبق ذلك مكافأته ليس لدوره فقط في المشاركة في الحرب مباشرة على شعبنا الفلسطيني الى جانب دولة الإحتلال، بل بالسعي لإطلاق اسمه على شارع صلاح الدين الشهير في مدينة القدس، لأنه نقل سفارة بلاده من تل أبيب الى القدس وأعترف بها عاصمة لدولة الإحتلال.

وبالنسبة للمتصهين فريدمان، يبدو بان مكافأته ستكون أكبر بكثير على خدماته الجليلة للحركة الصهيونية ودولة الإحتلال، وهي لن تقتصر على تكريمه بأنه رجل " سلام" من الطراز الأول، ،فقد يجري ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام على جهوده، فالجوائز هي الأخرى يجري تسييسها، وهي لا تمنح على أساس الكفاءة والإنجاز او ما يقدمه الفرد من خدمات جليلة للإنسانية والبشرية جمعاء، بل في ظل هيمنة الرأسمالية المتعولمة على القرار الدولي، فالجوائز تمنح إستناداً الى خدمة الشخص للمشروع والمؤسسة الرأسمالية واهدافها، ولذلك قد يكون فريدمان المتصهين واحدا من المرشحين لنيل جائزة نوبل للسلام، وخاصة عن دوره في فتح نفق أسفل بلدة سلوان بواسطة مطرقة حديدية ثقيلة وبحماسة، فتح نفق في منطقة ليس فقط تعتبر محتلة وفق القانون الدولي، بل منطقة أثرية محمية وفق منظمة " اليونسكو" الدولية، حيث الحفريات ليس فقط ينتج عنها حفر وتشققات وتصدعات في جدران البيوت الفلسطينية والمنشأت وأرضيات الشوارع في تلك المنطقة، بل ضياع تلك الآثار وتدميرها،ومحو أي معلم من معالم الوجود والتاريخ العربي الإسلامي في تلك المنطقة.

نعم البلطجة الأمريكية تبلغ ذروتها، فعندما يقوم كوشنر بعقدة ورشة اقتصادية في المنامة يسميها " الإزدهار من اجل السلام"، فلا نعرف عن أي ازدهار يتحدث، وهو يعلم علم اليقين بأنه لا إزدهار في ظل احتلال يحاصر شعبنا في الضفة والقطاع ويمنعه من حقه في الحصول على دولته المستقلة وعودة لاجئيه الى ديارهم التي شردوا منها، والمتصهينان فريدمان وغرينبلات عندما يشاركان في افتتاح نفق أسفل البلدة القديمة،فهما يعلنان بأن دولتهما تريد تكريس إحتلال القدس وبانها عاصمة لدولة الاحتلال.

لقد قالها كوشنر بشكل واضح وهو يحاضر في "طلابه" من قادة النظام الرسمي العربي المنهار في المنامة" اسرائيل دولة ذات سيادة ومن حقها تحديد عاصمتها بان تكون القدس"، ولم يشعر العربان بخجلهم وذلهم وعارهم، وبأن القدس بكل ما تحمله من معاني حضارية وتاريخية ودينية ووطنية لا تعني لهم شيئاً.

ونحن نقول لهؤلاء العربان وقادة النظام الرسمي العربي المتعفن، كما قال الشاعر العربي العراقي الكبير مظفر النواب " كيف يحتاج دم بهذا الوضوح ،إلى معجم طبقي لكي نفهمه".

ألم يصبح الوقت وكل هذا الإنكشاف لدور امريكا وشراكتها في عدوانها مع دولة الإحتلال على شعبنا وأمتنا العربية كافياً لكي تصحو هذه الأمة وتعيد للصراع أسسه وقواعده، صراع عربي- اسرائيلي جوهره القضية الفلسطينية، وتعيد للبوصلة اتجاها نحو فلسطين والقدس؟