كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل، أنّ أسباب فشل كل الحوارات والاتفاقات السابقة بين الفلسطينيين منذ عام 2005، هو تركيزها فقط على إيجاد صيغة لإنهاء الانقسام الإداري المتمثل في الحكومة وملحقاتها.
وقال البردويل في تصريح صحفي، اليوم الثلاثاء، إنّ الحوارات لم تلامس القضايا الخلافية الرئيسية، داعياً القيادات السياسية الفلسطينية إلى فتح كل الملفات العالقة بين الفلسطينيين بشجاعة ومسؤولية بعيدا عن "التمسمر عند أوهام الأبوة والمرجعية الوحيدة، وأوهام القوة والاستقواء، والأستاذية العرجاء".
ووفق صحيفة "عربي 21" اللندنية، فإنّ البردويل أكّد على أنّ "المطلوب أولا ترميم النسيج الاجتماعي من خلال استكمال مشروع جبر الضرر الاجتماعي الذي نتج عن الأحداث المؤسفة فورا، لأن أي مصالحة لا تقوم على قاعدة شعبية لا تنجح".
وأشار إلى أنّ "هذا المشروع قد انطلق في غزة ولاقى ترحيبا كبيرا يعكس أصالة شعبنا واستعداده للعض على الجراح من أجل استعادة الوحدة".
وشدّد البردويل على أنّ "الخطوة الثانية التي يجب البدء بها فوراً وقف حالة النزيف في جسد المجتمع الفلسطيني وذلك بممارسة التحريم للاعتقال أو الحرمان على قاعدة المخالفة في الرأي السياسي الوطني - بالاستثناء العملاء للاحتلال فقط - وذلك لإشاعة جو من الحرية واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني الذي يستحق كل الاحترام؛ فلا دولة بلا إنسان ولا إنسان بلا حرية".
واعتبر البردويل أن الخطوة الثالثة والأهم لإنجاز المصالحة هي التوافق على شكل النظام السياسي الفلسطيني ومضمونه، مبيناً أن ذلك يبدأ بالإجابة الصريحة على السؤال التالي: "هل الفلسطينيون في مرحلة تحرر ومقاومة؟ أم في مرحلة دولة مؤسسات؟ أم أنهم بإزاء نظام سياسي يجمع بين الأمرين؟".
وأفاد البردويل بأن "الحكم على شكل النظام وطبيعة القيادة هو فرع عن تصور طبيعة المرحلة التي نعيش، وبالتالي تصبح حواراتنا مبصرة مثمرة، لا عمياء عقيمة"، مضيفاً: "لذلك لا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار المسؤول لرسم خارطة طريق لاستئناف استعادة الوحدة الحقيقية التي لا تغابن ولا تشاطر ولا مخادعة فيها".
ولفت إلى أنه في حال تم التوصل إلى أن الفلسطينيين في مرحلة تحرر، وأن منظمة التحرير هي قائدة المرحلة، وأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كله، وأن حماس والجهاد وكل المكونات التي نشأت خلال الأربعين سنة الأخيرة هي جزء أصيل وهام في هذا الشعب؛ فلا بد من التأكيد على ضرورة مشاركتها في عملية التمثيل، وأن القيادة انعكاس واقعي لموازين القوى، وذلك إما بطريق الانتخابات وإما بالتوافق، وأن القرارات المصيرية - سلما أو حربا - ليست حكرا على طرف من الشركاء، سواء كان يشكل أغلبية أو أكثرية".
وبيّن البردويل، أنه إذا كان النظام الفلسطيني مشتركا، فإن هذه القاعدة تنسحب على مؤسسات السلطة المختلفة؛ حكومة أو برلمانا أو رئاسة. وأن البرنامج السياسي، والاجتماعي والأمني، وبرنامج المقاومة جميعها نتاج للتوافق الوطني الذي اداته النهج الديمقراطي، واستشعار المصلحة الوطنية".
وأكد على أن "ثقافة الهيمنة والسيطرة والتهويش والتفرد في اتخاذ القرار، وإقصاء الآخرين هي ثقافة انتحارية لا تقتل إلا صاحبها، وهي سياسة ثبت فشلها في محطات عديدة، وقضت على هيبة المؤسسات الفلسطينية، ومزقت الصف، وأغرت بنا الأعداء والأصدقاء".
وأردف قائلاً: "إن الاتفاقيات التي تم توقيعها عام 2005م و2006 م و2011م و2017م تحمل في طياتها بعض الغموض النابع من محاولة الوسيط إرضاء جميع الأطراف، والتقريب بين وجهات النظر المتباعدة، وقد أدى ذلك إلى أن يفسر كل طرف هذه الكلمات والعبارات الغامضة وفق وجهة نظره الخاصة، الأمر الذي أعادنا مرة أخرى إلى الجدل والخصام، وانعكس ذلك على مصداقية الفصائل أمام الشعب".
وناشد البردويل الجميع مغادرة حالة التشنج والفهم المشوه للوحدة الوطنية، ومغادرة أوهام الاستعلاء التي تفتقد إلى أي رصيد في الواقع، وأكد "أن الحوار المباشر القيادي المسؤول على طاولة القيادة المؤقتة للمنظمة ضروري لاستئناف تطبيق المصالحة وتطوير نتائجها".
وتراوح جهود الوساطة التي تقودها القاهرة بين حركتي "فتح" و"حماس" مكانها على الرغم من إعلان قيادتي الحركتين تجاوبهم مع الوساطة المصرية، ورغبتهما في إنهاء الانقسام لمواجهة تحديات صفقة القرن، التي يلتقي على رفضها الكل الفلسطيني.
يذكر أنه من المقرر ان يصل الوفد الأمني المصري الى مدينة رام الله بالضفة الغربية وكذلك قطاع غزة نهاية الأسبوع الجاري، لبحث مجموعة من الملفات المهمة.