بين تصريحات كوشنر الخبيثة وجينات نتنياهو الإشكنازية الآرية!!!

33.PNG
حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

لا بد أن نتوقف عند ما قاله قبل أيام جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي وصهره، بأن المشروع الاقتصادي الذي كان محور ورشة المنامة لا يمكن أن يتحقق إلا بعد الاتفاق على الحل السياسي، كما يجب التوقف عند مزاعم نتنياهو، الذي ثبت جينيا أنه اشكنازي آري لا علاقة له بالجنس السامي، والذي زعم أن أصل الفلسطينيين أوروبي!

لقد أكد الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية برئاسة الأخ الرئيس محمود عباس مرارا أن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، القائم على مقررات الشرعية الدولية، هو الطريق الوحيد الذي يجب أن يسبق أي حديث آخر سواء كان اقتصاديا أو غيره، وأن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية سياسية وان حقوق شعبنا لا يمكن التنازل عنها مهما كانت الإغراءات المالية.

والسؤال الذي يتكرر في الأوساط الشعبية الفلسطينية والقيادات ايضا هو: ما دام كوشنر بات يعرف ان الاقتصاد لن يتحقق الا إذا تحقق الحل السياسي، فلماذا كل هذه المسرحية المسمومة ودعوة العالم الى ذلك الاجتماع في المنامة الذي ولد ميتا، والذي فشل فشلا ذريعا؟

طبعا السبب معروف للجميع، وهو فقط اعتقاد كوشنر، اليهودي الاشكنازي ذي الأصول الآرية، وعصابته بأن الكشف عن الخطة الاقتصادية قد يغري الشعب الفلسطيني وقيادته ويدفعهما إلى التنازل عن حقوق شعبنا الوطنية الثابتة أو عن بعض هذه الحقوق مقابل هذه الأموال والمشاريع الاقتصادية. وبالنسبة لنا يعتبر هذا التفكير أو الاعتقاد غبيا بامتياز، لأن اليهود الاشكناز على شاكلة كوشنر أكثر ما يهمهم هو المال وهذا ما يتبين من نهج ومواقف رئيسهم ترامب، وبالتالي يعتقدون ان الآخرين قد يفكرون بنفس الطريقة، متجاهلين أن الحرية وحقوق الشعوب في تقرير مصائرها أغلى من كل أموال الدنيا.

إن ما يلفت النظر هو أن هذا الكلام الآن، وبعد انتهاء الاجتماع الاقتصادي الفاشل في المنامة، يأتي مقدمة لطرح الجزء الأخطر من المخطط الأميركي الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية ، الذي أطلق عليه ترامب "صفقة القرن"، ولكن هذا المخطط يولد ميتا ايضا وبات مكشوفا بعد أن شطبت هذه الإدارة الأميركية القدس وحق اللاجئين في العودة الى أراضيهم وممتلكاتهم، التي سرقتها حكومات إسرائيل المتعاقبة، وسلسلة المواقف المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه، التي أعلنها ترامب.

لقد غلفت إسرائيل هذه السرقة الكبرى بما اسمته "قانون أملأك الغائبين"، رغم أن الشعب الفلسطيني لم يغب يوماً عن وطنه فلسطين، بل اضطر مئات الآلاف للهرب قسرا جراء المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عام 1948 ، التي بلغ عددها ١٥٠ مجزرة موثقة. ويجب على ترامب وكوشنر وإدارتهما قراءة ما كشفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الأسبوع الماضي، عن بعض هذه المجازر وكيف دمرت العصابات الصهيونية مئات القرى الفلسطينية بأمر من بن غوريون لمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة اليها، وكيف قامت هذه العصابات بطرد جماعي للفلسطينيين من ديارهم، وعليهم ان يقرأوا ما كتبه مناحيم بيغن وغيره من قادة العصابات الصهيونية عن مجزرة دير ياسين عام 1948 واعترافات مرتكبيها من الإرهابيين الصهاينة وعن مجزرة ام الصفصاف واعترافات مرتكبيها الصهاينة ايضا وغيرهما من المجازر.

كما أن عليهم أن يعودوا للتاريخ ويدركوا أن هذه العصابات الصهيونية الاشكنازية، سمحت لها بريطانيا الاستعمارية بالهجرة من بلاد الاشكناز إلى فلسطين، حاملة معها أسلحتها وكان عديدها ٦١ ألف مقاتل يهودي اشكنازي بعد الحرب العالمية الثانية، لتواجه شعبا أعزل في وطنه ودولا عربية لم يكن لديها جيوش تستطيع هزيمة هذه العصابات، لان تلك الدول كانت تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي.

وقبل حديث كوشنر عن الاقتصاد، اذا كان يريد فعلا إيجاد حل كان عليه ان يطلب من اسرائيل الغاء قانون أملأك الغائبين وإعادة أملأك الفلسطينيين التي سرقت منهم، وإنهاء احتلالها غير المشروع للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ورفع يدها عن موارد فلسطين واقتصادها، ولا داعي لهذه الدوامة من الورش الاقتصادية ومزاعم محاولة مساعدة الشعب الفلسطيني، فأملاك الشعب الفلسطيني التي سلبت منه من قبل الاحتلال الإسرائيلي سواء بعد عام 1967 أو ما سلبته إسرائيل منذ قيامها بعد النكبة يكفي الشعب الفلسطيني لإقامة اقتصاد وطني مستقل ومزدهر، وكان الأجدر بكوشنر مطالبة إسرائيل بإعادة هذه الأملاك لاصحابها والتعويض عما سببه المحتل من مآس إنسانية ومادية للفلسطينيين.

ومن العار أن يطالب كوشنر الفلسطينيين بنسيان وطنهم وديارهم وان يقترح توطين اللاجئين في البلدان التي لجأوا إليها، وإغراء هذه الدول بالمال، بما يتناقض مع القانون الدولي بشأن حق العودة لكل لاجىء وبما يتناقض مع القرارات الدولية بهذا الشأن.

ونقول لهذا العبقري ان لا الشعب الفلسطيني ولا هذه الدول العربية يقبلون بتوطين اللاجئين مقابل مال العالم. ويدرك كوشنر وأعوانه أمثال السفير الصهيوني الأميركي، ديفيد فريدمان، والمبعوث جيسون غرينبلات، بأن شعبنا الفلسطيني ظلم من الدول الاستعمارية وخصوصا من بريطانيا منذ الاجتماع الصهيوني في بازل في العام ١٨٩٧م بقيادة هرتزل ومن ثم معاهدة سايكس بيكو في العام ١٩١٦ ، وجريمة بريطانيا الكبرى بحق شعبنا بإعلان بلفور في العام ١٩١٧م بشراء ضمائر حكومة ملك بريطانيا مقابل المال من روتشلد على حساب شعبنا ومن ثم ما فعلته بريطانيا لإقامة إسرائيل على انقاض المدن والقرى الفلسطينية ودعمها للعصابات الصهيونية، ثم وقفت أميركا الى جانب هذا الاحتلال وصولا الى احتلال إسرائيل ما تبقى من فلسطين عام 1967 ووقوفها ضد حق شعبنا في التحرر من هذا الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.

الفلسطينيون يذكرون هذه الحقائق لعل ما تبقى من ضمير لدى كوشنر وافراد طاقم ترامب ان يصحو بعد أن أهدى ترامب الاحتلال السارق أملاكا ليست له أو لأمريكا، مثل القدس أو هضبة الجولان المحتلة أو أجزاء من الضفة الغربية المحتلة كما صرح فريدمان، .

كما أن من قلة الأدب والذوق الدبلوماسي أن يتهجم كوشنر وغرينبلات على القيادة الفلسطينية التي نالت اعتراف العالم أجمع واكثر بكثير مما نالته إسرائيل، لا لشيء سوى أن هذه القيادة تتمسك بشجاعة بتحقيق سلام عادل ودائم وشامل بموجب قرارات الشرعية الدولية وبما يضمن حقوق شعبنا المشروعة. و نذكر كوشنر وغرينبلات بأن القيادة الفلسطينية برئاسة الاخ الرئيس محمود عباس تترأس الآن مجموعة الـ77 زائد الصين التي بلغ عدد دولها ١٣٥ دولة ، كما نذكرهما أن مجلس الأمن يصوت لصالح فلسطين مقابل فيتو أميركي واحد، وهذا يعني بان العالم اجمع مؤيد للقضية الفلسطينية. والأنكى من ذلك بانه وفي أي تصويت في الجمعية العامة تنال فلسطين إجماعا دوليا مقابل صوتي أمريكا وإسرائيل وبعض الجزر في المحيط الهادي، وهذا يدل على أن أمريكا وحليفتها إسرائيل تعيشان في عزلة عالمية معيبة خاصة لدولة كبرى مثل أمريكا، التي تدوس إدارتها الحالية حتى على دستورها ومثلها العليا، خصوصا حق تقرير المصير و مناهضة التميز العنصري والاستقلال للدول التي ما زالت تعاني من الاستعمار في العالم.

أما النكتة السخيفة في تصريحات كوشنر فهي ما قاله بأن ترامب يحترم الرئيس محمود عباس، وأنه سوف يتكلم معه في الوقت المناسب، وهنا نقول لكوشنر ان يبلغ حماه ترامب بأن شعبنا لا يريد هذا الإطراء الزائف من رئيس أميركي لا يحترم كلمته، وأن الأخ الرئيس محمود عباس يكتسب شرعيته واحترامه من شعبنا بأسره في الوطن والشتات الذي يدعم رئيسه في موقفه الشجاع والمبدئي بعدم التنازل عن الحقوق الفلسطينية المشروعة والتمسك بالثوابت الوطنية وبقرارات القمم العربية والإسلامية وقرارات الشرعية الدولية، وهي التي كان الأجدر بترامب ان يحترمها وان يقول لهذا الاحتلال الإسرائيلي كفى لا ان يلاحق ضحية هذا الاحتلال ويدعم العدوان الإسرائيلي المتواصل.

وأخيرا لا بد من الإشارة الى مهاترات ومزاعم نتنياهو، ضد شعبنا وحقوقه، والتي تأتي في نفس السياق الذي يتحرك فيه ترامب وكوشنر وغرينبلات وهو محاولة تصفية القضية الفلسطينية. ومن الغريب العجيب أن يواصل هذا النتنياهو كذبه إن كان في التاريخ أو في الدين أو في السياسة، حيث عمد قبل أيام الى التشكيك بتاريخ وجود الشعب الفلسطيني في هذه البلاد المقدسة والتشكيك بأصول شعبا العربية ليزعم ان الفلسطينيين هم من العرق الآري، أي من أصل أوروبي، استنادا الى تحريفه الواضح لنتائج فحوصات جينية لمقبرة عسقلان التي ضمت رفات قدماء فلسطينيين.

ونذكر نتنياهو الاشكنازي الآري بأن البروفيسور أناتولي كلوسوف، البلغاري الأصل، الذي أجرى بحثا جينيا مفصلا وضع نتائجه في مؤلف من مجلدين اكتشف أن الفحوصات الجينية تؤكد أن الكثير ممن يعتبرون أنفسهم يهودا، في الواقع ليسوا لان جيناتهم لا تنتمي الى جينات اليهود الأصليين، فمثلاً الاشكناز ليسوا يهوداً جينياً ونتنياهو نفسه ليس يهودياً جينياً، وان العرب واليهود الأصليين، أي الصبرا والسفارديين، لهم نفس الأصل الجيني السامي، وفِي الدول العربية كافة تتراوح الجينات العربية الأصلية ما بين ٤٠ - ٨٠ بالمائة والباقون جيناتهم أما أوروبية آرية أو أوروبية شرقية، وكذلك إن من يسمون باليهود فنسبة كبيرة منهم ليسوا يهوداً جينياً وإنما يهوداً دينياً فقط أي أنهم ليسوا ساميين.

ويقول البروفيسور اناتولي ان إسرائيل تحظر الفحص الجيني لعدة أسباب ، منها خوفاً من اكتشاف هذه الحقائق.

ويتبين من دراسته العلمية أيضا بأن اليهود الاشكناز هم من أصل أرى أي أوروبي وليسوا من أصل سامي، وان الصهيونية حاولت خلق "شعب يهودي" استنادا للدين فقط.

لقد حاول نتنياهو تزييف نتائج تحليلات رفات مقبرة الفلسطينيين القدماء في مدينة عسقلان التي تعود الى العصر الحديدي ما بين 1200 ق.م إلى 800 ق.م، بالزعم ان النتائج اكدت ان اصول الفلسطينيين آرية اوروبية، رغم ان نتائج التحليلات التي نشرتها مجلة الرابطة الأميركية للعلوم المتقدمة (Science Advances Vol 5, No. 7, تموز 2019 )، أثبتت أن الفلسطينيين القدماء هم من نسيج المنطقة الجيني والحضاري، وليسوا وافدين من البحر، كما أثبتت نتائج تحليل الحمض النووي أن الفلسطينيين المعاصرين هم خلف أولئك القدماء، رغم تأثيراتٍ جينيةٍ طفيفة وهامشية من أوروبا، وهي التي امسك بها نتنياهو ليضلل العالم أجمع.

ونقول لنتنياهو إن الصهيونية وكل ما حاولته مستغلة علم الآثار والعلوم الإنسانية لطمس حقيقة وجود الشعب الفلسطيني الكنعاني في هذه البلاد قبل اليهودية فشلت فشلا ذريعا رغم كل محاولات التزييف، والعبث بالأدلة، والتضليل، في المس بأصلانية الشعب الفلسطيني وساميته وانتمائه لهذه الأمة العربية العظيمة .

وها هو ميناء عسقلان لوحده كما باقي موانيء فلسطين التاريخية التي بناها الفلسطينيون الكنعانيون لا زالت شاهدا حيا يلطم وجه نتنياهو الاشكنازي ويفند كل مزاعمه.

ونقول لنتنياهو : ها هو البحث العلمي للبروفيسور اناتولي ليسكوف وها هي نتائج تحليل رفات الفلسطينيين القدماء في مقبرة عسقلان توجه ضربة قاضية لمزاعمك ومن الأجدر بك الاطلاع عليها بدلا من محاولة تضليل العالم بمزاعم لا أساس لها.

وأخيرا نقول إن شعبنا الفلسطيني لا يريد الدخول في هذه المهاترات وهو يسعى ببساطة لنيل استقلاله في وطنه الأبدي فلسطين، وإنهاء هذا الاحتلال الإسرائيلي البغيض أي انه يريد حلا سياسيا وليس دينيا أو جينيا لقضيته، الواضحة للعالم أجمع وضوح الشمس. والله المستعان.