أين وصلت عجلة المصالحة وسط التحديات الجسام التي تفرضها أميركيا وإسرائيل؟!

4UP8R.png
حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

بداية وقبل الحديث عن المصالحة الفلسطينية لا بد من التطرق الى ما بات يتحفنا به يوميا مبعوثو ترامب في طاقمه الصهيوني بشأن القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي دأبوا فيها على التطاول على الشعب الفلسطيني وقيادته وحقوقه الوطنية المشروعة. وآخر هذه الفذلكات ما صدر عن جيسون غرينبلات، الصهيوني اليهودي الاشكنازي ذي الأصول الآرية، عندما قال قبل أيام إن صفقة العار التي تعدها إدارته لا تتضمن ما يشير الى حل الدولتين، وهو بذلك يكمل ما صرح به سيده ترامب ، بعدما اعتقد انه أزال قضيتي القدس واللاجئين عن الطاولة واعطى الضوء الأخضر لتوسيع المستعمرات في الأراضي المحتلة وهنأ دولة الاحتلال على خصم ما يستحقه أهالي الشهداء والأسرى من مستحقات السلطة الوطنية وبعد أن أهدى ما لا يملك - القدس والجولان لمن لا يستحق - الاحتلال .

وهنا نقول لهذا الغرينبلات الذي يتطاول على حقوق شعبنا ان ليس من حقه ولا من حق رئيسه وإدارته التصرف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والثابتة في سلسلة من القرارات الدولية. ونذكّره أن الشعب الفلسطيني بقيادتة الحكيمة كان مشروعه منذ البداية دولة فلسطينية ديمقراطية واحدة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود بحقوق متساوية وان الذي رفض ذلك هي الصهيونية وحكومات إسرائيل بدعم أميركي، وشتان ما بين مثل هذه الدولة وبين دولة الابرتهايد التي تريدها حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف بدعم الإدارة الأميركية بعد شطب حل الدولتين.

وما من شك ان استمرار الصراع سببه عدم حل القضية لفلسطينية حسب ما قررتة الشرعية الدولية حتى وصلنا الى طريق مسدود، ولم تعد أميركا الدولة الكبرى في العالم تسعى لتنفيذ القرارات الدولية، التي وافقت عليها هي نفسها وإسرائيل .

ونقول لغرينبلات ايضا إن الحقيقة الواضحة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية هي انه اصبحت القناعة التامة بان طاقم ترامب المؤلف من كوشنر ، وغرينبلات وفريدمان فشلوا في وضع خطة عادلة تقوم على الشرعية الدولية ، بل إن نهجهم مبني على شريعة الغاب التي تقوم على الكذب والسرقة وتزييف التاريخ وحتى تزييف التوراة، والبلطجة معتقدين أن القوة العسكرية أو الاقتصادية يمكن أن تكسر شوكة الشعوب المتطلعة للحرية. كما نقول له إننا لسنا بحاجة لصفقة العار فالدولة الفلسطينية المستقلة ستقوم حتما وافق غرينبلات وبقية الطاقم الصهيوني الأميركي وترامب ونتنياهو ام لم يوافقوا لأن منطق الحق والعدل والإنسانية ومنطق النضالات التحررية في العالم اجمع سيبقى أقوى من منطق الاستعمار القديم الحديث الذي يمثلونه.

والآن فان التحدي الأكبر أمام ساحتنا الفلسطينية هو انجاز المصالحة لواجهة هذا الصلف الأميركي الإسرائيلي . وقد قال الأخ هاني ثوابتة، القيادي في الجبهة الشعبية، مؤخرا، بان الوفد المصري الذي حمل مقترحات الفصائل الفلسطينية ، لتحقيق الوحدة الوطنية واطلع الجانبين عليها يواصل مساعيه لتحقيق هذا الهدف. وما من شك ان الشعب الفلسطيني يأمل خيرا بأي وساطة وخصوصا وساطة مصر الشقيقة، التي دأبت على العمل بكل أمانة ونزاهة للوساطة من منطلق الحرص على أن الوحدة هي من مصلحة الشعب الفلسطيني الصابر المناضل، الذي يعاني الأمرين من احتلال عنصري بامتياز، وخصوصا في هذا الجو المحموم من قبل إدارة أمريكية لا ترى إلا بعين واحدة وهي عين حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو.

وهنا فإن آخر المواقف العنصرية التي أعلنها ترامب والتي يجب على الإعلام الفسطيني أولا ومن ثم العربي أن يتعامل معها بمنتهى الجدية هي ما قاله لعضوة الكونغرس، السيدة رشيدة طليب، " نريد من السيدة طليب العودة الى المكان الذي أتت من" وهجومه على عضوات كونغرس أخريات يعارضن مع طليب الاحتلال ومواقف ترامب المنحازة لإسرائيل، وللمفارقة فإن ما قاله ترامب يعني أن الفلسطيني أينما وجد في بقاع العالم ليس له إلا العودة الى فلسطين، مما يتناقض مع خطته في "صفقة القرن" ومواقفه الرافضة لحق اللاجئين في العودة الى ديارهم. والمطلوب من الإعلام الفلسطيني والعربي أن يسلط الضوء على ما صرح به ترامب بهذا الشأن.

وعودة الجهود إنهاء الانقسام وضرورة الوحدة، وهنا لا بد أن نشير الى أن القيادة الحمساوية مرتبطة بقيادة الإخوان المسلمين خارج الوطن، التي تؤمن بأن القضية الفلسطينية لا تتعدى سواك الأسنان، كما ذكر الدكتور محمود الزهار في احدى مداخلاته. وهنا نقول: صحيح أننا نرفع القبعة لإبني الدكتور الزهار وابناء عائلته الذين استشهدوا في العدوان الإسرائيلي على القطاع، إلا أن ذلك يجب أن يكون حافزا له في إنهاء الانقسام ، لا أن يتهجم على الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني أجمع ، الأخ الرئيس محمود عباس، ويقف عثرة أمام إنهاء هذا الانفصال المخزي.

ويبقى الأمل متعلقا بالأخ اسماعيل هنية، رئس المكتب السياسي لحماس ورفيق دربه الأخ يحيى السنوار ، رئيس حماس في قطاع غزة، اللذين يعول عليهما الشعب الفلسطيني لإنهاء هذا الانفصال المأساوي.

لا ندري اذا كان المعارضون لإنهاء هذا الانفصال يعيشون في نفس الظروف المتردية التي يعيشها أهلنا في غزة، أم هم يتابعون فقط ما يجري من متاعب لحليفتهم إيران، والتي هي ضد كل شيء عربي وخصوصا المسلمين السنة منهم.

ما يهم الشعب الفلسطيني هو الوقوف بصلابة وبموقف موحد أمام الهجمة الأميركية بقيادة ترامب، الخادم الأمين

للصهيونية وللعصبة اليهودية الاشكنازية. ونذكر هنا ما قاله الأخ الرئيس محمود عباس عندما قابل ترامب، الذي كان موافقاً على المطالَب الوطنية الفلسطينية، و بحضور بعض من اليهود الاشكناز ومنهم غرينبلات الذي كان يعطي إشارت أو ربما أوامر لترامب لتأجيل وعوده للرئيس!

وعودة الجهود المصرية والتركيز على اتفاق المصالحة للعام ٢٠١١م ، لان ذلك الاتفاق فيه كثير من الواقعية لكن اتفاق القاهرة للعام ٢٠١٧م كان جامعا للاتفاقات الموقعة من قبل حماس وفتح، كما أن هذا الاتفاق يضع بالواقع الآلية لإنهاء الانقسام ، لذلك كانت فتح وحماس متوافقتين على الحل الذي يخدم الشعب الفلسطيني بحكومة وطنية واحدة، وقانون واحد وسلاح واحد.

بعض زعماء حماس أو الجهاد الإسلامي يتهربون من إنهاء الانفصال لأسباب عقيمة ومبررات واهية، واهمها انتقاد اتفاق اوسلو، وينسى هؤلاء أن حماس شاركت في آخر انتخابات تشريعية وذلك بموجب اتفاق اوسلو. وطبعا الجميع يعلم أن اتفاق اوسلو فيه عدة بنود غامضة، ما يكفي لانتقاده، ولكن فيه ايضا بنود حاسمة وإيجابية خاصة الاعتراف بان الشعب الفلسطيني له حقوق وطنية يجب الاعتراف بها، والوحدة الجغرافية بين الضفة وغزة وغيرها الكثير من البنود الإيجابية.

ومع الأسف يبدو أن حماس تريد أن يكون لها دولة وعاصمتها غزة، ولذلك نرى أمام أعيننا أن حماس لا تريد إنهاء أزمة الانقسام بل إدارتها بما ينسجم مع مصالحها، واكبر دليل على ذلك هو عدم التوقيع على البيان الختامي في موسكو، والاتفاقات بين حماس وإسرائيل، وهذا يَصْب في مصلحة إسرائيل وأمريكا ويسهم في تنفيذ صفقة القرن المشؤومة.

ان المشكلة الحقيقية في عدم تنفيذ الاتفاقيات السابقة أن القرار السياسي لحماس مرتبط بتدخلات إقليمية ، وخصوصا من تنظيم الإخوان العالمي وليس إخوان فلسطين لأنه لا يوجد إخوان فلسطين ، وهذا ما أكده الاخ القائد محمد نظمي نصار وهو من مسؤولي حماس السابقين ومن المؤسسين للقسام، والذي اعتذر فيه للشعب الفلسطيني وأوضح أسباب انفصاله عن القسام وحماس ، وليس بسبب حماس كفصيل فلسطيني ولكن لان "قيادتة تأخذ الأوامر من خارج الوطن"، وهي أوامر بعيدة عن مصلحة الوطن.

ونأمل بأن بان يعيد زعماء حماس النظر في مواقفهم وأن يدركوا أن مصلحة شعبنا وقضيته الوطنية يجب أن تبقى في مقدمة الأولويات بعيدا عن حسابات ومواقف أي سياسات خارجية لحزب الإخوان، لن الارتهان لمثل هذه المواقف ضد مصلحة شعبنا وقضيته، وكما قال الأخ نصار أن هذه السياسات تدمر مصلحة الوطن الفلسطيني." وأقول لحماس إن فلسطين تناديكم وتطلب إعادة اللحمة الوطنية والابتعاد عما تخطط له إسرائيل وأمريكا.

وقبل أن اختم لا بد أن أشير الى وطنية الأخ الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين ، الذي يلتصق اسمه بالقدس الشريف والمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين، ويغلب المصلحة الوطنية على أي اعتبار آخر، وياليت حماس والجهاد يسيران بسياستهما لمصلحة الوطن على هذا النحو خدمة لفلسطين وشعبها ومقدساتها، والله المستعان؟