شاهدنا مساء الخميس فيلم “سادة” لمخرجه أكرم الصّفدي، الذي خصّصت ندوة “اليوم السابع″ أمسيتها الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس لهذا الفيلم، حيث تمّ عرض الفيلم وبعد ذلك جرت مناقشته مع مخرجه.
اختار المخرج الصّفدي موضوع ذوي الحالات الخاصّة لفيلمه هذا، الذي تابع فيه حياة الشّاب الغزّاوي الكفيف رمزي أبو الجديان، وشقيقه الطّفل احمد الكفيف أيضا عندما انقطعت بهما السّبل في مدينة رام الله، ومنعهما المحتلون من العودة إلى بيتهم في قطاع غزة.
اسم الفيلم: “سادة” جاء من أنّ رمزي بطل الفلم كان يبيع القهوة السّادة في شوارع رام الله، ليغطي تكاليف حياته هو وشقيقه.
لقد أبدع المخرج الذي قام بتصوير فيلمه في عام 2010 في اختياره شخصا كفيفا يتابع حياته اليوميّة، لمدّة أربعة أشهر، يصوّر خلالها عشرات السّاعات ليختصرها في ثلاث وتسعين دقيقة هي مدّة الفيلم.
واذا كان رمزي أبو الجديان قد اعتمد على نفسه، ببيعه القهوة السّادة في شوارع مدينة رام الله، لتغطية تكاليف حياته هو وشقيقه الطّفل، فإنّ أكرم الصّفدي قد اعتمد هو الآخر على جهده الشّخصيّ ليعمل لنا هذا الفيلم، بامكانياته الشّخصيّة والبسيطة، وهذا بحدّ ذاته انجاز كبير ودرس لمن يتذرّعون بعدم قدرتهم على عمل أيّ شيء دون توفير رصيد مالي لذلك. ورمزي أبو الجديان لم يمثّل في هذا الفيلم، بل كان يمارس حياته بشكل طبيعيّ، فتتبّعه أكرم الصّفدي في شوارع رام الله وأسواقها وفي بيته أيضا وبمعرفته؛ ليقدّم لنا دراما واقعيّة وانسانيّة.
شاهدنا في الفيلم بشكل غير مباشر أنّ ذوي الاحتياجات الخاصّة لديهم قدرات مثل غيرهم من الأصحّاء، فقد اشتغل رمزي مذيعا في احدى المحطات الاذاعية قدّم فيها حلقات تتغلق بذوي الاحتياجات الخاصّة، كما شاهدناه مثابرا في البحث عن عمل في احدى المحطّات الاذاعية في رام الله وبيت لحم والخليل. ولما لم يجد عملا قام بتحضير القهوة المرّة ليبيعها في مدينة رام الله.
ويلاحظ المرء في الفيلم عسف ومظالم الاحتلال التي يلحقها بالشّعب الفلسطينيّ، فرمزي وشقيقه رغم كونهما من ذوي الاحتياجات الخاصّة إلّا أنّهما عانيا كثيرا في سبيل العودة إلى بيتهما في قطاع غزة، رغم تدخّل الصّليب الأحمر الدّولي لمساعدتهما.
وممّا ورد في الفيلم حديث رمزي أبو الجديان، حول الانشقاق بين الضّفّة والقطاع عندما قال بأنّ بيته يطلّ على أحد المراكز الأمنية، فجاءه مسلّحون لا يعرف هويّتهم وانتماءهم وطلبوا منه أن يطفئ الأضواء في منزله، لكنّه رفض ذلك، وسمع أحدهم يقول لزميله بأن يطلق عليه النّار، فأطلق خمس رصاصات داخل المنزل، وهذه اشارة إلى أنّ ضحايا الانشقاق هو الشّعب البريء.
هذا الفيلم واقعيّ وتوثيقيّ ويستحق العرض في التّلفزة الفلسطينيّة والعربيّة، وعرضه في المدارس والجامعات؛ لتعريف النّاس بقدرات ذوي الاحتياجات الخاصّة، وأنّهم قادرون على فعل كلّ شيء. فتحيّة لمخرج الفلم وتحيّة للأخوين رمزي وأحمد أبو الجديان.