محل صغير في سوق الزاوية بمدينة غزة يضجُّ برائحة الذكريات ويعيد للروح الحياة وينتقل بالزائر بين الماضي والحاضر ناسجاً قصة حب للأجيال الصاعدة مع التراث والذكريات التي لا تموت، هواية جميلة عمرها ثماني وأربعون عاماً عاش خلالها الستيني جميل الريس وهو يجمع الأثار القديمة من قطع معدنية، سلاسل وأحجار وكتب قديمة.
بكلمات مؤثره بدأ صاحب المكان يروي قصته مع مقتنيات وحضارات متعددة سكنت فلسطين وكبرت معها الهواية ليحمل مسمى متجر البلدة القديمة قائلاً" محل الأنتيكا يعد حياة وروح معلقة في جسدي ومكان لتوفير قوت أطفالي".
ويضيف: "أن المساحة الأكبر في المتجر تضج بالكتب القديمة العظيمة والذي اهملها الناس في ظل الثورة التكنولوجية التي طمست معالم الثقافة الموروثة من الكتب والتذكاريات فالتطور التكنولوجي كان له الأثر الأسوأ على الإطلاق في ابتعاد الناس عن هذه الأماكن التي تضم الذكريات القديمة.
وأشار الريس أيضاً إلى أكثر ما يجذب الانتباه هو الساعات المعلقة على الجدران، والأواني القديمة، التي تتمثل في بكارج القهوة والمحامص والصبابات والساعات الرملية والنجف وأواني الفخار والمطاحن اليدوية القديمة والعملات المعدنية والأشرطة الموسيقية.
ويتابع: "يتوفر لدي قطع أثرية استعملها أجدادي كبكرج القهوة والمحامص القديمة المستخدمة في القهوة ومحراث الأرض وقطع الأنتيكا التي تتمثل في أشكال ولوحات نحاسية ومجسمات حجرية مصنوعة من الحجارة والسراميك والقطع الفضية والزجاجية".
وشدد على أن السياح الأجانب يقبلون على شراء المقتنيات القديمة التي تعود آثارها إلى الثلاثينات والأربعينيات مشيراً إلى أن طبيعة الزوار والوافدين المحليين يمثلون شرائح مختلفة من المواطنين الفلسطينيين المهتمين بالتراث الفلسطيني وقطع الأنتكيا.
وبيّن الريس أن الحصار الإسرائيلي والوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة قلل من عدد رواد محل الأنتيكا والمشتريين، فيما أثر إغلاق المعابر وخاصة معبر إيرز من إنعدام السياح الأجانب المهتمين بالقطع الأنتيكا في العالم.
وقال: "أن سوء الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن اصحبت المقتنيات القديمة حبيسه لعدم قدرة السياح بالدخول بسبب الاحتلال الإسرائيلي".
ويجمع الريس مقتنياته الأثرية من الأسواق والبيوت القديمة، إلى جانب شراء المقتنيات من أشخاص يعرضونها للبيع، منوهاً إلى أن أقدم الآثار الموجودة هي القطع المعدنية التي يعود أصلها للحضارة الرومانية.
ويشير الريس إلى أنه يتوفر لديه العديد من المفاتيح القديمة التي ورثها عن أجداده والتي ترمز للتمسك بالأرض والوطن، إضافة إلى اقتناء فواتير لتجار فلسطينيين من يافا والقدس وعدد من المدن الفلسطينية تعود أصولها إلى ما قبل النكبة الفلسطينية عام 1948.
ويطمح الريس إلى فتح قناة تواصل بينه وبين معارض الأنتيكا في دول العالم لإبراز المعالم الفلسطينية الحبيسة وقطع الأنتيكا القديمة التي تؤكد أن الأرض لأصحابها الفلسطينيين.