نتنياهو يسقط في شرّ خداعه!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

قبل التصعيد الأخير على الحدود اللبنانية مع إسرائيل، وبينما كانت هناك عدة أطراف تحاول أن ترسم سيناريوهات مختلفة ومحتملة حول الضربة الانتقامية من قبل "حزب الله"، ثم تسريب الصحافة اللبنانية، ونقلتها عنها عدة وسائل إعلام إسرائيلية، أن الانتقام سيتأخر إلى ما بعد احتفالات "الشيعة" في لبنان بعاشوراء، خشية أن تنتقم إسرائيل من هذه التجمعات المحتفلة بعاشوراء إذا تمت الضربة الانتقامية قبل موعد هذه الاحتفالات، لذلك اعتقد البعض أن انتقام "حزب الله" سيتأخر إلى ما بعد احتفالات عاشوراء، إلاّ أن ما حدث كان كما يعلم الجميع، خلافاً لكل هذه التوقعات والسيناريوهات التي تم تسريبها كشكل من أشكال الخداع حول توقيت الضربة الانتقامية.
ردّ "حزب الله" كان كلاسيكياً، متداولاً، صواريخ مضادّة للدبابات، الجديد في ما حدث يوم الأحد الماضي، أن "حزب الله"، اختار أولاً موقعاً "داخلياً" أي ليس في قشرة الحدود بل أكثر عمقاً في الداخل القريب من الحدود، وبحيث تكون الضربة في المكان غير المتوقع، وثانياً، تم اختيار هدف متحرك، وليس هدفاً ثابتاً، وهو الامر الأكثر صعوبة من حيث التسديد على الهدف. الجيش الإسرائيلي، بدوره اختار تكتيكياً متحايلاً، فقد أعدّ العدّة لتصوير حالة من إخلاء قتلى وجرحى، مسرحية تمثيلية، هدفها، إقناع "حزب الله" بأن الهدف قد أصيب، وأن العملية ناجحة، ولا داعي لضربة أخرى، لكن هذه الخدعة لم تستمر طويلاً بعدما نشر "حزب الله" فيديو العملية، عندها تم تغيير الإعلام العسكري الإسرائيلي لروايته عن العملية، قائلاً إن الهدف الذي أصيب هو سيارة إسعاف عسكرية، لم تصيها قذيفة الـ "كورنيت" مباشرة، ما أدى إلى توقفها وهرب خمسة جنود كانوا بداخلها من دون إصابات، هذه الرواية التي تبدو وكأنها مجرد أداة مخادعة، كشفت عن سلبيات ناقشتها وسائل الإعلام والرأي العام في إسرائيل، أولاً، لماذا يتم نقل جنود غير مصابين في سيارة إسعاف، ما يضع إسرائيل أمام مسؤولية دولية إزاء الرأي العام الدولي والمنظمات الطبية العالمية، بعدما كانت إسرائيل تتهم أعداءها بهذا السلوك، وبالترافق مع ذلك، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية باعتراف يؤكد أن مثل هذا السلوك، كان قد بدأ عام 1948 عندما استخدمت إسرائيل سيارات الإسعاف التي تحمل شعار نجمة داود الحمراء، لنقل عصابات "الهاغاناة" (البروفيسور آريه الداد، معاريف 3/9/2019) كما أن المسرحية التمثيلية حول إخلاء جنود غير مصابين، تركت آثاراً سلبية لدى الرأي العام في إسرائيل، بالقول، كيف يمكن أن يصدق الجمهور الإسرائيلي في المرات القادمة، ما تدلي به وسائل الإعلام العسكرية، فإذا مرت هذه الخدعة على "حزب الله"، فإن أمر تصديق الرأي العام لما تنشره المستويات الأمنية الإسرائيلية، أصبح أمراً قيد التشكيك، وهكذا فإن هذا المستوى قد خدع نفسه وجمهوره، أولاً وقبل كل شيء!