ارتفع عدد حالات الانتحار في الضفة الغربية، خلال العام الماضي بنسبة 14% مقارنة بالعام الذي سبقه، علمًا بأنّ أحد أهم أسبابه الإصابة بمرض نفسي، خاصة الاكتئاب.
وأكدت اختصاصية الطب النفسي، رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة سماح جبر، على أن دراسات عديدة خلصت إلى القول بأن الخطاب الديني المعتمد على الطمأنينة والثقة يخفف من الاكتئاب والقلق، ويسهل الشفاء ويعزز الوقاية من الانتحار عن طريق إحياء الروح المعنوية وبث البشرى في النفوس.
وطالبت بإدخال مساقات الصحة النفسية والإرشاد في كليات الشريعة، لتكوين علماء دين مدربين على تقديم الإرشاد النفسي والتعامل مع أحداث الحياة وتقلُّبات النفس البشرية تعاملا إيمانيّا وعلميَا في آن معا.
وأضافت: "نواجه في فلسطين ارتفاعاً بوتيرة الإقدام على الانتحار، وأظهرت الاحصائيات الصادرة عن إدارة البحوث والتخطيط في الشرطة ارتفاع عدد حالات الانتحار في الضفة العام الماضي 2018 بنسبة 14%، مقارنة بالعام الذي سبقه، وشهدت الضفة ما مجموعه 25 حالة انتحار، علما بأن عام 2017 شهد 22 حالة".
وتابعت: "كان توزيعهم حسب الجنس: 15 من الذكور و10 إناث، أما توزيعهم حسب الحالة الاجتماعية: 17 غير متزوجين مقابل 8 متزوجين، ووفقا للتوزيع العمري فقد جاءت أعلى نسبة للأشخاص الذين أقدموا على الانتحار ضمن الفئة العمرية ما بين 28- 25 عاماً، وشكلت ما نسبته 32%، أما بخصوص المستوى التعليمي، فإن أعلى نسبة للأشخاص الذين أقدموا على الانتحار جاءت ضمن فئة حملة الشهادة الثانوية وشكلت هذه الفئة 44% من الحالات المسجلة".
وأردفت أن الإحصائيات الرسمية بينت أن 218 شخصاً حاولوا الانتحار، من بينهم 61 من الذكور و157 من الإناث، مؤكدة على أن أحد أهم أسباب الإقدام على الانتحار هو الإصابة بمرض نفسي وخصوصاً الاكتئاب، وتزيد الخطورة عندما يشعر الإنسان باليأس وأن حياته لا هدف منها ولا معنى لها، وعندما يكون هناك فقدان للاستبصار واختلال الصلة بالواقع كأن الشخص يعاني من ضلالات وأنه ملاحق أو مضطهد على سبيل المثال، أو يعاني من هلوسات سمعية تهدده وتسخر منه، أو تكون لديه مشكلة استخدام الكحول والمخدرات، ولعل أهم عوامل الخطورة أن تكون هناك محاولات سابقة للانتحار.
وذكرت: "نفتقر في فلسطين الى الخطوط الساخنة المختصة بتقديم التدخل للوقاية من الانتحار، أو بدارسة وتقديم البيانات عن تلك الظاهرة من أجل أبحاث مكثفة تساعدنا في الوصول لأفضل الاستراتيجيات الممكنة للتعامل معها، منوهة إلى أن حساسية الانتحار وعدم شرعيته يجعل هذه الظاهرة تنمو في الظل ويصعب الحد منها.
وأكدت على أن التفكير بالانتحار لا يعني أن الشخص سيئ أو ضعيف الإيمان أو أنه يود أن يموت، بل يعني أنه يعاني من ألم يفوق قدرته على التحمل في الوقت الحاضر، فمن الضروري أن نُشعر الإنسان بأننا نتفهم أن هناك سبب لمشاعره تلك ثم "حقنه" بالأمل بأنه لا توجد مشكلة تدوم إلى الأبد والمساعدة متوفرة الآن وعلى المدى البعيد.
وشددت على أن الخطاب الديني المستنير طبيا ونفسيا يرتكز على تعظيم حق الحياة والتأكيد على حرمة الدم والقتل عموما، وقتل النفس خصوصا، ومنح الانسان جرعة من الرحمة والأمل من قوله تعالى:"وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا"، والأمر بالتداوي ومعالجة الأمراض كالاكتئاب، والفصام، والإدمان.
واختتمت بالقول: "لا يجب إخفاء أو إهمال ما يَظهر على الفرد من اضطرابات سلوكية غير مألوفة، ويجدر توجيه المريض إلى الطبيب النفسي أو المختص لعلاجه، وعدم انتظار تفاقم الحالة، ومحاربة ظاهرة الدجالين ممن يدًعون أنهم يخرجون الجنَ. قال صلى الله عليه وسلم: (تداوَوا عبادَ الله؛ فإنَّ الله سبحانه لم يضع داءً إلا ووضع معه شفاء)، والتربية على الأمل واليقين في الله تعالى".