تواجه الحالة السياسية الفلسطينية بكافة مشتقاتها وتفاصيلها منعطفاً حاداً في ظل تراكم العديد من الملفات الشائكة والعالقة التي بحاجة إلى حلول جذرية وسريعة والتي من أهمها وعلى رأسها الانقسام السياسي لشقي الوطن في ظل تصاعد الهجمة الشرسة من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرقة واستقوائها بدعم وقرارات الإدارة الأمريكية في وأد فكرة حل الدولتين والتطلع لسلام عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية.
وكمدخل للحديث عن الخيارات الفلسطينية بعد تصريحات نتنياهو الأخيرة بضم الاغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت والبؤر الاستيطانية الواقعة على أراضي المواطنين بالضفة الغربية، ناهيك عن التهويد المستمر للقدس
المحتلة، في حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية خلال الأيام القادمة، كلها بمثابة مؤشرات على العقلية الاحتلالية الاستيطانية التي لا تتقن سوى التمعن في مصادرة الأراضي وسياسية التهجير التهويد والقمع ضد شعب يتطلع للحرية والاستقلال وفق عدالة قضية أقرتها كافة الشرائع والمواثيق الحقوقية الدولية.
إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق على أن القدس المحتلة عاصمة موحدة لدولة وإعلان الجولان السوري المحتل جزءاً لا يتجزأ من دولة الاحتلال، والحرب المعلنة من قبل إسرائيل والإدارة الأمريكية برئاسة "ترامب" على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومحاولة القضاء عليها بهدف تغييب أحد العناوين الرئيسية للصراع وهي قضية اللاجئين، كل ذلك يدخل في إطار المحاولة الصهيو أمريكية لمحو وشطب الهوية الوطنية للإنسان الفلسطيني من الوجود على اعتبار أنه غير موجود.
مما لا شك به بأن هناك أخطارا محدقة تواجه القضية الفلسطينية في ظل أزماتها المتعددة والمتراكمة ، وفي ظل تصعيد احتلالي غير مسبوق قبيل الانتخابات الإسرائيلية ، وهذا ليس من زعيم حزب الليكود اليميني المتطرف فحسب ، بل من كل الزعماء والساسة الإسرائيليين وخصوصاً نحو قطاع غزة المنقسم على نفسه والمحاصر، وهذا كله يأتي في ظل الحديث عن خطة " صفقة القرن" الأمريكية وتطبيقها على أرض الواقع بعد الانتخابات الإسرائيلية مباشرة، والذي يعني أن الحالة الفلسطينية بكاملها وكافة مشتقاتها إذا لم يتم ترتيب أوضاعها وتصويب أهدافها بطريقة فاعلة ووحدوية ناجحة مع احتضان عربي إقليمي لها وخصوصاً من الدول الإقليمية المناصرة للقضية الفلسطينية وعلى رأسها جمهورية مصر العربية ، من أجل الخروج برؤية وحدوية فلسطينية عربية للمحافل الدولية ، وكسب ودعم التأييد العالمي المناصر للقضية ، فإن دون ذلك فالأمور ستأخذ منحى اخر عنوانه ضياع القضية ومعالمها واندثار المشروع الوطني المستقل في مهب الرياح.
الخيارات الفلسطينية بعد تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة، ورغم الانتقادات العربية والدولية وحجم الاستنكار الذي ورد عبر وسائل الاعلام بضم الاغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت والبؤر الاستيطانية الواقعة على أراضي المواطنين بالضفة الغربية، لا تعدو فقط مجرد دعاية انتخابية لحزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، بل تعد خطة ممنهجة ومدروسة لحكومة متطرفة في حال فوزها في الانتخابات بالأيام القليلة المقبلة.
فلهذا لا بد من خيارات فلسطينية طارئة وعاجلة لمجابهة القرارات الاحتلالية والحد منها والعمل على مواجهتها بكافة السبل المتاحة لكي نتمكن فلسطينياً من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فلهذا يجب على رأس الهرم الفلسطيني المتمثل في الرئيس محمود عباس أن يقوم على لملمة الشمل الفلسطيني بكافة مشتقاته وتفاصيله دون استثناء لأحد، وإعادة الحمة الفلسطينية لشقي الوطن من خلال انهاء الانقسام السياسي المدمر للمشروع الوطني المستقل، وكما يجب على كافة الفصائل الفلسطينية قاطبةً في تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والوطنية وأن تكون بمثابة رافعة للعمل الوطني القائم على أساس وحدة القرار والمصير، وكما يجب تفعيل دور كافة الشخصيات الفلسطينية الاعتبارية ومؤسسات المجتمع المدني وكافة الفعاليات الشعبية من أجل خلق حالة وطنية استنهاضيه غير مسبوقة عنوانها الوحدة في خندق واحد لمواجهة قرارات الاحتلال والإدارة الأمريكية.
لا بد من اتخاذ قرارات فلسطينية سريعة وعاجلة كذلك والتي منها وقف كل أشكال الاتفاقيات مع دولة الاحتلال ونخص ذكراً " اللجنة التي شكلت من قبل السلطة الفلسطينية قبل أسابيع من أجل دراسة السبل الكفيلة في التخلص من الاتفاقيات الموقعة الكيان، والعمل على تفعيلها من قبل جهة الاختصاص وألا تبق رهينة حبر على ورق، والتي من أهمها وعلى رأسها وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.
ولا بد كذلك ومن الضرورة الوطنية تفعيل قرارات المجلس المركزي الفلسطيني التي تنص على تحديد العلاقة مع دولة الاحتلال ووقف كل أشكال الاتفاقيات معه، ولا بد من عقد اجتماع موسع للإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لكي يتم الاجماع على قرارات واحدة موحدة برؤية فلسطينية جامعة، ولا بد أيضا من الإعلان عن انهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون مقدمة لتجديد الشرعيات الفلسطينية عبر صندوق الانتخابات لكي نتمكن من مخاطبة الدول عربياً وعالمياً بشكل موحد يليق بنا كفلسطينيين وفي عدالة قضيتنا.
ومن أجل أن تكون الخيارات الفلسطينية ذات جدوى ونفعاً وأهمية بعد تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا بد من الضرورة الوطنية العمل على إعادة توحيد حركة فتح بكافة شخصياتها وقياداتها واستنهاض الحالة الفتحاوية وكافة هياكلها التنظيمية، لأنه ومن خلال التجربة الوطنية على مدار الثورة الفلسطينية المعاصرة بأن وحدة حركة فتح هي وحدة الكل الفلسطيني، فإن توحدت فتح توحد الوطن بكل فصائله وتفاصيله.
الواقع السياسي العام في المرحلة المقبلة سوف يشهد مرحلة جديدة من المواجهة مع الكيان اليميني المتطرف الذي سوف يترأس المشهد السياسي بعد الانتخابات لعدة سنوات قادمة ، وذلك سواء فاز نتنياهو أم خسر ، لأن من يعتقد أن خسارة نتنياهو ستأتي بمن هو أقل تطرفاً فهو واهم ...!؟ ، لأن المنافسة الانتخابية أصبحت تظهر من هو أكثر تطرفاً للفوز في الانتخابات ، فلهذا يجب كفلسطينيين موحدين الاستعداد لمواجهة مفتوحة وشاملة مع العصابات المتطرفة التي سوف تسيطر على التوجه السياسي الإسرائيلي العام ولسنوات ليست بالقليلة .
رسالتنا الوطنية للكل الفلسطيني..
الواقع السياسي الفلسطيني صعب وفي مأزق كبير، وهنا لا بد من إعادة النظر في كافة الأمور والمعطيات والعمل على التغيير، من أجل احداث التأثير لكي نتمكن فلسطينيا جمعياً من أخذ شعبنا وعدالة قضيته إلى طريق الحرية والاستقلال وتقرير المصير، ونكسب بوحدتنا وهويتنا الفلسطينية المستقلة كل محايد ومؤيد ونصير.