لا فرق بين نتنياهو و غانتس

حجم الخط

بقلم: د. مصطفى البرغوثي

 

المغزى الحقيقي لنتائج الإنتخابات الإسرائيلية يكمن في ثلاثة أمور، أولا، أن الأحزاب العربية قادرة عندما تتوحد أن تكتسب دعم وتأييد الفلسطينيين المقيمين في الداخل، وبوحدتها رفعت نسبة المشاركة بعشرة في المئة ورفعت عدد مقاعدها بنسبة ثلاثين بالمئة.

وهي قوة صاعدة، يمكن أن تكون ركيزة فعالة للنضال الفلسطيني ضد نظام الأبارتهايد العنصري الإسرائيلي.

الأمر الثاني، أنه إذا إستثنينا المقاعد الثلاثة عشر التي حققتها القوائم العربية، بأصوات الفلسطينين العرب من سكان أراضي 1984، فإن الغالبية الساحقة من مقاعد الكنيست الإسرائيلي أي مائة ومقعدين من أصل مائة وسبعة مقاعد ذهبت للأحزاب الصهيونية اليمنية التي ترفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وفي إقامة دولته الحرة المستقلة.

الأمر الثالث، وعلى عكس ما تروج له وسائل الإعلام فإن التنافس الرئيسي في هذه الإنتخابات لم يكن بين يمين ويسار وسط، بل بين قائمة يمين عنصري متطرف، يرأسها غانتس وتضم ثلاثة من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي السابقين وبين قائمة يمين عنصري أشد تطرفا برئاسة نتنياهو.

كلتا القائمتين وحلفائهما ترفضان حق الفلسطينيين في القدس، وتصران على أن تبقى " عاصمة موحدة" لإسرائيل، وكلتاهما ترفضان تفكيك المستوطنات التي يقر العالم كله بعدم شرعيتها، وكلتاهما ترفضان حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتؤيدان قانون القومية العنصري، وكلتاهما ترفضان قطعا حق اللاجئين في العودة، و تؤيدان خطة ترامب المسماة " صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، وكلتاهما تدعمان استمرار الحصار الخانق على قطاع غزة.

وكلتا القائمتين تريدان حشر الفلسطينيين في اطار حكم ذاتي هزيل، كبديل لدولة فلسطينية ذات سيادة على تجمعات سكانية مفصولة عن الأرض، فيما يمكن تسميته جيتوستانات ضمن نظام أبرتهايد عنصري أسوأ مما كان في جنوب افريقيا.

وأيا كانت الحكومة الإسرائيلية التي

ستأتي، والتي ستفشل على الغالب كلتا القائمتين في تشكيلها منفردة، وبالتالي ستكون حكومة وحدة وطنية، لن تكون مختلفة بشيء عن الحكومة الليكودية الحالية.

لا فرق بين نتنياهو الذي يريد ضم الأغوار و62% من الضفة الغربية مما يسمى مناطق( ج) وغانتس الذي يريد إستمرار إبقائها تحت السيطرة الإسرائيلية والإستمرار في التوسع الإستيطاني فيها، وكلا الطرفين ساهما بشراسة في إرتكاب جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، وفي الحروب الدموية التي شنت عليه.

ويخدع نفسه، من ما زال يتوهم ويحلم بإمكانية التفاوض مع مثل هذه الحكومات، أو بالعودة إلى نفق أوسلو الذي وصل إلى نهايته المحتومة.

العبرة الرئيسية فيما جرى أن الغالبية الساحقة من المجتمع الإسرائيلي غارقة في بحر العنصرية المتطرفة، وتدعم اليمين المتطرف لأنها تشعر بالإختلال الشديد في ميزان القوى لصالحها.

لا يوجد بين الأحزاب الصهيونية يسار، ولا يوجد " معسكر سلام" ، ولن يتغير المجتمع الإسرائيلي إلا إذا شعر بقوة المقاومة الشعبية الفلسطينية المترافقة مع عقوبات ومقاطعة دولية حقيقية.

قلناها مرارا، لسنا في مرحلة حل مع الحركة الصهيونية، بل في مرحلة نضال وكفاح ضد احتلالها وعنصريتها وشوفينية نظام الأبرتهايد الذي أنشأته.