انطلقت اليوم الإثنين، أعمال الملتقي العربي الثالث "مكافحة الفساد-أولوية تنموية في المنطقة العربية" في مقر المنظمة العربية للتنمية الإدارية، بالتعاون مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التونسية وذلك خلال الفترة من 30 سبتمبر – 1 أكتوبر 2019م.
وافتتح الملتقى نيابة عن مدير عام المنظمة، مدير إدارة التدريب بالمنظمة، أ. طارق سالم البقلي، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالجمهورية التونسية العميد شوقي الطبيب، بحضور المندوب الدائم للجمهورية التونسية لدى جامعة الدول العربية السفير نجيب المنيف سفير تونس، ومعالي وزير البترول الأسبق بجمهورية مصر العربية المهندس أسامة كمال، ورئيس وزراء مصر الأسبق بجمهورية مصر العربية أ. د عصام شرف، ومفتش عام جهاز مكافحة الإرهاب بجمهورية العراق أ. قيصر أحمد عكله، ومعالي وزير المالية الأسبق بالجمهورية العربية السورية أ.د خالد المهايني، ومن هيئة الرقابة الإدارية العميد أحمد عبد الرسول، ووكيل هيئة الرقابة الإدارية اللواء محمد سلامة، والرئيس بالنيابة الإدارية وعضو المحكمة الدولية للتحكيم بفرنسا المستشار محمد بكر صبّاح، ورئيس قطاع الوقاية من الفساد بالرقابة الإدارية في جمهورية مصر العربية اللواء محمود فاروق، وعضو الأمانة الفنية للجنة الوطنية لمكافحة الفساد بالرقابة الإدارية بجمهورية مصر العربية، العميد أحمد عبد الرسول، والمسؤول عن ملف الفساد في وزارة الداخلية والبلديات ونقطة اتصال الوزارة لتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد – الجمهورية اللبنانية، المقدم الدكتور وجدي كليب.
بدوره، قال الدكتور طارق سالم البقلي: "تواجه التنمية في منطقتنا العربية تحديات عديدة من أكثرها تعقيداً وشراسة الفساد بشقيه المالي والإداري وتحول الفساد في بعض الأحيان إلي منظومة موازية تنهش في عضد الدول وتقضي على أي ثمار للتنمية".
وأضاف: "كثيراً ما نتساءل هل قلة والموارد أم وفرتها المسبب للفساد؟، ونستطيع أن نؤكد على أنّ سوء الإدارة للموارد (قليلة أو وفيرة) بشرية أو طبيعية هي سبب رئيسي من أسباب الفساد".
وأشار إلى أنّ مكافحة الفساد في الأوطان العربية يجب أن تعتمد على منظومة متكاملة من الأساليب والإجراءات والسياسات والتشريعات التي تهدف إلي:
أولاً: تشكيل بيئة مجتمعية وعقل جمعي يؤمن بمبادئ النزاهة والشفافية والأخلاق الفاضلة وذلك لؤد الدوافع السلبية في مهدها وتحويلها إلي دوافع إيجابية وتعزيز مفاهيم الرقابة الذاتية ويبرز هنا دور الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في توعية أفراد المجتمع وتسليط الضوء على الظواهر الإيجابية لتعزيزها وعلى الظواهر السلبية وبيان أثرها المدمر على الفرد والمجتمع لتفاديها وكذلك يظهر أهمية دور منظمات المجتمع المدني والمشاركة المجتمعية لمواجهة خطر الفساد.
ثانياً: تقليل فرص الفساد أمام ضعاف النفوس من خلال إعداد هياكل تنظيمية للمؤسسات بشكل علمي واحترافي يحقق الفصل بين السلطات ويعزز مبادئ محاسبة المسؤولية منعاً لشيوع المسئولية والاهتمام بأنظمة الرقابة الإدارية والمالية الوقائية وتطبيق قواعد الحوكمة لتحقيق الأهداف بالكفاءة والفعالية المطلوبة.
ثالثاً: تطبيق مبادئ الحكومة الالكترونية وتطبيقاتها الإلكترونية المصاحبة لتقليل فرص الفساد أمام مقدمي ومتلقي الخدمات.
رابعاً: التوجه نحو تطبيق موازنة البرامج والأداء عوضاً عن موازنة الأبواب والبنود في القطاع الحكومي لتحقيق كفاءة الاستخدام للموارد.
خامساً: سن التشريعات المانعة لتعارض المصالح وكذلك تطبيق مبادئ العدالة الناجزة من سرعة في الإجراءات التقاضي وفرض عقوبات رادعه على مرتكبي جرائم المال العام عملاً بمقوله من خاف العقوبة أحسن الأدب.
سادساً: الاهتمام بتطوير القدرات البشرية لموظفي القطاع الحكومي وإمدادهم بالمهارات والمعارف اللازمة التي تمكنهم من الفهم الجيد والتطبيق المحترف للأعمال دونما الوقوع في أخطاء مهنية جسمية (تدخل تحت بند الفساد) دون وعي أو سوء نيه.
كما وجّهَ العميد شوقي الشكر إلى جمهورية مصر العربية والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، على احتضان الدورة الثالثة للملتقى بعد أن عُقدت الدورة الأولى والثانية في تونس، مُشيراً إلى أنّ الوطن العربي لا يمكن أن ينهض ويحقق ما تصبو إليه تنمية ورفاه بدون مكافحة حقيقية لآفة الفساد.
وتابع: "إما حوكمة وحسن تصرف وتدبير في شؤوننا ومواردنا وإما فناء هذه الأمة هذه الأمة العربية كما فنت من قبلها شعوب أخرى، ففي تونس يكلفنا الفساد وضعف الحوكمة ما لا يقل عن 4 نقاط نمو سنوي كما تكلفنا هذه الوضعية ما لا يقل عن 20% من إجمالي الصفقات العمومية التي تضيع في جيوب الفاسدين".
وأردف: "في أفريقيا تبلغ التكلفة السنوية للفساد 50 مليار دولار سنوياً وهو نتيجة فقرها على الرغم من غنى مواردها، وفي المقابل فإن البلدان التي تتربع على أعلى مستويات النمو والرفاه في العالم هي نفس البلدان التي تحتل المراتب الأولى في مجالات الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد وعليه فإن دولنا مدعوة إلى القيام بمراجعات عميقة وإلى الاتجاه كيف يمكن مكافحة آفة الفساد من جهة وإلى دراسة وفهم المكونات والمبادئ التي تقوم عليها الحوكمة بهدف إرساء منظومة فعالة لمختلف القطاعات وإلى خلق مناخ سياسي واقتصادي ملائم بغاية تأمين ثرواتنا ومقدراتنا من الفساد وحسن التصرف فيها من جهة ثانية".
وقال: "علينا تجاوز مرحلة التوصيف والشروع في العلاج عبر ممارسة كل أنواع الاقناع والضغط الإيجابي بهدف تطوير وتجويد منظومتها التشريعية وهذا يعد من أهم آليات مكافحة الفساد، علينا كذلك وضع استراتيجية وطنية وإقليمية للحوكمة ومكافحة الفساد بهدف تحقيق الغايات التالية وفي أسرع وقت ممكن"، وهي:
أولاً: تأكيد الإرادة السياسية وإرساء تغيير فاعل ومستمر في مجال مقومات الحوكمة ومكافحة الفساد.
ثانياً: تحين الشفافية والنفاذ إلى المعلومة فيما يتعلق بتنظيم المرفق العمومي والتصرف بالموارد والنفقات.
ثالثًا: تشجيع المشاركة المجتمعية الفاعلة في جهود الدولة الرامية إلى إرساء الحوكمة ومكافحة الفساد
رابعاً: تدعيم المسائلة والمحاسبة للحيلولة دون الإفلات من العقاب ولضمان المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون دون تمييز
خامسًا: تطوير أدوات عمل وتعزيز قدرات الأطراف الفاعلة في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد
سادسًا توضيح دور مختلف للفاعلين العمومين التنفيذين في مجال الحوكمة ومكافحة الفساد.
يُذكر أنّ الملتقى انطلق بمشاركو ممثلي ست دول عربية، وهي: "العراق، فلسطين، تونس، سوريا، لبنان، السودان".