تقدم ثلاثة أعضاء بالكونغرس الأمريكي هم الجمهوريان جيمس لانكفورد وتشك جريسلي، والديمقراطية تامي دوكورث، بمشروع قانون يحمل اسم “العدالة لضحايا الأرهاب” ورقمه “S2132”.
وفي حال تم إقرار القانون سيضع القيادة الفلسطينيية أمام خيار الانسحاب من الهيئات الدولية التي تعتبر جزءاً من سعيها لتحقيق العدالة والضغط على إسرائيل، أو أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي عمليات عسكرية ألحقت بالمستوطنين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وأعدادهم عالية، أي إصابات أو قتل، وهذا يصل لحد السماح برفع قضايا بمبالغ كبيرة جدا ضد أفراد من القيادة العليا للشعب الفلسطيني وأجهزة الأمن والمسؤولين في موضع القرار وهو ما سيقود إلى إفلاس الحكومة الفلسطينية في النهاية، كما جاء في مدونة “If Americans Knew Blog” (لو يعرف الأمريكيون)، وهو موقع متخصص بنشر أخبار ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ومعاناة الشعب الفلسطيني والتي أسسته الصحافية الأمريكية أليسون وير.
وفي تموز/يوليو 2019، أقرَّ مجلس النواب الأمريكي مشروعَ قانون أكثر محدودية يسعى أيضًا إلى تعديل قانون آتكا بحيث يضمن تعويضًا لضحايا الإرهاب، ويُعرف باسم مشروع قانون تعزيز التعاون الأمريكي الإسرائيلي والأمن الإقليمي. يربط مشروع القانون هذا الولايةَ القضائية بتقدم المنظمة بطلب الانضمام لعضوية الأمم المتحدة أو بفتحها مكتبًا على أرض أمريكية. ولا يزال يتعين التوفيق بين التعديلات المختلفة التي أقرها مجلسا النواب والشيوخ على قانون آتكا.
وإذا أُقرت نسخة مجلس الشيوخ من تعديلات قانون آتكا، فإنه سيتعين على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية أن تختارا ما بين:
الاحتفاظ بمكانتيهما في الأمم المتحدة وتحمل المسؤولية عن المطالبات بتعويض ضحايا الإرهاب والتي ردتها المحكمة في السابق، أو
تخفيض مكانتيهما في الأمم المتحدة، والتخلي عن دعواهما المرفوعة ضد إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب وذلك بالانسحاب من نظام روما الأساسي، المعاهدة المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، واستئناف تلقي الدعم الأمني الأمريكي.
بموجب الخيار الأول، سوف تعلن السلطة الفلسطينية إفلاسها، وسوف تعامل الولايات المتحدة منظمةَ التحرير الفلسطينية كمنظمة إرهابية بحتة.
وبموجب الخيار الثاني، سوف تتخلى منظمة التحرير الفلسطينية عن كل ادعاء بأنها قادرة فعلا على تمثيل حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه، وكلتا الحالتين تعني نهاية الشريك المفاوض الفلسطيني في أي محادثات سلام مستقبلية، إضافةً الى هذا التشريع هناك أيضا أكثر من عشرة مشاريع أخرى لقوانين في ذات السياق السابق في مراحل مختلفة معروضة حاليا على الكونغرس.
وسيمكن التشريع الجديد من مقاضاة السلطة الفلسطينية وأفراد قيادتها أمام المحاكم الأمريكية ويتيح للمستوطنين من حملة الجنسية الأمريكية العمل من خلال النظام القضائي الأمريكي المطالبة بمبالغ ضخمة عن الأضرار التي حلت بهم، في حين لن تمنح القوانين الجديدة نفس الحق للضحايا الفلسطينيين من حملة الجنسية الأمريكية أو الأمريكيين الذين تعرضوا للعنف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أو عنف المستوطينين، وهو ما يعد مثالا صارخا على سياسة الكيل بمكيالين.
ويستهدف هذا التشريع رفع الحصانتين الدبلوماسية والدولية عن منظمة التحرير وقيادتها، وهو الأحدث في سلسلة محاولات ابتزاز القيادة الفلسطينية عبر إجبار وزارة الخارجية والحكومة الأمريكية على اتخاذ إجراءات عقابية مالية وسياسية ودبلوماسية لإجبار القيادة الفلسطينية على دفع الغرامات التي صدرت ضدها عام 2006، والتي وصلت إلى نحو 650 مليون دولار، حيث أصدرت إحدى محاكم نيويورك حكما بهذا المبلغ لصالح عائلات عشرة مستوطنين قتلوا أو أصيبوا في الأرض الفلسطينية الخاضعة للسلطة الفلسطينية، لكن الحكومة الأمريكية لم تسعَ لتنفيذ الحكم باعتبار أن منطمة التحرير الفلسطينية تتمتع بالحصانة الدولية وأن مكتب تمثيلها في نيويورك تابع للأمم المتحدة.
ورغم أن هذا القانون قدم بذريعة تعويض المستوطنين إلا أنه كتب ليقوض “قدرة منظمة التحرير الفلسطينية على استخدام القنوات الدبلوماسية والقانونية لدعم التطلعات الوطنية الفلسطينية من خلال الآليات الدولية”، كما جاء في تعليق للموقع المذكور. وبموجب هذا التشريع الجديد ستتمكن القيادة الفلسطينية فقط من الحفاظ على عضويتها في الأمم المتحدة كمراقب وأن تحتفظ بمكتبها في نيويورك لمتابعة الأعمال الرسمية المتعلقة بالأمم المتحدة، في حين تعتبر نصوص القانون أن عضوية فلسطين في الهيئات الدولية الأخرى مثل “اليونسكو” أو “المحكمة الجنائية الدولية” بمثابة “اعتراف فلسطيني بأن القيادة الفلسطينية تتحمل المسؤولية كدولة مستقلة ولذلك فإنها توافق على الولاية القضائية للمحاكم الأميركية” وبالتالي على تنفيذ الأحكام الصادرة ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية وستكون فلسطين عرضة للدعاوى القضائية العديدة.
ويضع هذا القانون، إن أُقر، القيادة الفلسطينية أمام اخيارين أحلاهما مرّ: إما الانسحاب من الهيئات الدولية وإما الابتزاز المالي والقانوني اللامحدود وتوريط القيادة الفلسطينية في محاكم جنائية في الولايات المتحدة وتحمل تكاليف باهظة لهيئات الدفاع القانونية.
وقد نشر موقع الكونغرس الرسمي ملخصا للقانون الذي سيعرض للمناقشة من أجل الإقرار ويقع تحت تصنيف: (H.R.1837 — 116th Congress (2019-2020.
والقانون المقترح مكتوب بطريقة قد تقوض قدرة منظمة التحرير الفلسطينية على استخدام القنوات الدبلوماسية والقانونية لدعم التطلعات الوطنية الفلسطينية والسعي إلى المساءلة من خلال الآليات الدولية. ويبدو أن الكثير من الفلسطينيين والناشطين في مجال التضامن مع الفلسطينيين لا يقدرون تمام التقدير كيف أن نزع الشرعية الدولية عن منظمة التحرير الفلسطينية أو إفلاسها- وهي الهيئة الوحيدة التي ما زالت تتمتع بالاعتراف بها كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني- يمكن أن يؤثر على الدعوة للالتزام بحقوق الإنسان في الولايات المتحدة والعالم. ومهما كانت وجهات نظر المرء حول منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية، فإن عدم وجود عنوان للتطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني سيجعل الدعوة الدولية والأمريكية أكثر صعوبة.