كوشنير إذ لا يتعظ !

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

لا تتعلم الإدارة الأميركية من أخطائها وتجاربها السابقة حول دورها في إدارة المفاوضات على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ونعود هنا للتذكير بما أحاط بمفاوضات مدريد ثم أوسلو عام 1991 وعام 1993 على التوالي، حول مسألتين: الأولى، تتعلق بالتمثيل الفلسطيني عندما رفضت إدارة بوش الأب وإسرائيل تمثيل فلسطين عبر منظمة التحرير الفلسطينية في الوفد العربي، إلاّ من خلال تمثيل فلسطيني من الضفة الغربية وغزة، من دون القدس المحتلة، وعبر الوفد الأردني، والثانية تتعلق بمرجعية ما يسمى بعملية السلام: القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن، إلاّ أن هذه المرجعية لا تبدأ إلاّ في مفاوضات الوضع النهائي وبعد أن يوافق الفلسطينيون سلفاً على ترتيبات مرحلية لحكم ذاتي لمدة خمس سنوات، ورغم عقد عدة جولات تفاوضية، الا ان الأمر لم ينجح رغم أن الإسرائيليين، كما الأميركيين كانوا يعلمون تماماً أن الممثلين الفلسطينيين، في اطار الوفد الأردني هم فعلياً وعملياً ممثلون عن الشعب الفلسطيني في اطار منظمة التحرير الفلسطينية.
ويعود فشل مفاوضات مدريد، مع أسباب أخرى إلى مسألة التمثيل الفلسطيني بالدرجة الأولى، لذلك تم الالتفاف على مفاوضات مدريد، عندما تم عقد المفاوضات السرية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في العاصمة النرويجية أوسلو، والذي حمل اتفاق المبادئ اسمها المتداول إعلامياً.
نعود إلى قرابة ثلاثة عقود على المؤتمرين، مدريد وأوسلو، للتأكيد على أن مشكلة أي مفاوضات تتعلق أولاً وقبل كل شيء بالتمثيل الفلسطيني وبمرجعية هذه المفاوضات، وهما الأمران اللذان تم تجاهلهما عملياً من قبل إدارة ترامب في سياق ما يسمى «صفقة القرن»، مقدمات هذه الصفقة من خلال قرارات أميركية حول القدس المحتلة وحق العودة وقرارات أخرى، دفعت الجانب الفلسطيني إلى اعتبار إدارة ترامب باتت شريكة للدولة العبرية بما لا يؤهلها لإدارة عملية تفاوضية، وبمعنى آخر، ليس هناك تمثيل فلسطيني، أو قبول فلسطيني بمبدأ إدارة اي مفاوضات في سياق هذه الصفقة، أو «الفرصة» كما تطلق عليها بعض القيادات الأميركية من قبل الإدارة الأميركية برئاسة ترامب.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بمرجعية المفاوضات، فقد نسفت إدارة ترامب وفريق «صفقة القرن»، أي مرجعية يمكن قبولها، من الجانب الفلسطيني، لعملية تفاوضية ناجحة، عندما تراجعت إدارة ترامب عن كافة التزامات أميركا تجاه قرارات دولية سابقة على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، مثل «حل الدولتين»، والاستيطان والقدس المحتلة، بل ان واشنطن في ظل إدارة ترامب، شككت في النظام السياسي الدولي الذي تعبر عنه المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والجمعية العامة، والمنظمات الدولية التابعة لها، مثل الجنائية الدولية، واليونسكو، بما يتعلق بالشأن الفلسطيني أو الشؤون الدولية الأخرى، ولم تعد الأمم المتحدة، حتى من الناحية النظرية، مرجعاً تحترمه الإدارة الأميركية وتعترف به.
العودة من قبلنا لهذه الإشارات، تتعلق بقرب وصول عرّاب «صفقة القرن»، كوشنير إلى إسرائيل، للبحث من جديد بشأن هذه «الصفقة»، وهذه المرة، مع رئيس الحكومة المكلف «غانتس» حول فرص الإعلان عن هذه «الصفقة»، وتوطئة للحملة الانتخابية للرئاسة الأميركية في العام القادم، ويمكن القول في هذا السياق، إن فشل هذه «الصفقة»، ربما يشكل إحدى النقاط التي من شأنها تراجع فرص ترامب في الفوز بولاية ثانية!