لن يستطيع البحر بعد اليوم ابتلاع غزة

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

يسوق نتنياهو وجماعته (من سياسيين وامنيين وعسكريين) انهم يستطيعون ان يطولوا كل من يعتدي عليهم حتى لو كان نائما في فراشه، وقصدوا قائد السرايا بهاء ابو العطا، لكنهم لم يقولوا انهم طالوا معه زوجته، اما عن القيادي العجوري في دمشق فلم يقولوا اي كلمة، ذلك انهم لم يطولوه، بل طالوا ابنه ومرافقه، وبالنسبة لهم ، فالزوجة والابن والمرافق، كلهم فلسطينيون، بمن في ذلك الاطفال الذين قتلوا نياما في غارة دير البلح ، من ضمن 34 فلسطينيا حرمتهم الطائرات حياتهم .

يسوق نتنياهو ايضا ان صواريخ الجهاد لم تجرح اسرائيليا واحدا، لكنه لم يسق شيئا عن فشل القبة الحديدية في اعتراضها، ولم يذكر شيئا عن مسارعته وجاهزيته لوقف اطلاق النار "التهدئة" .

يسوق الفلسطينيون انهم اجبروا حوالي مليوني اسرائيلي على النزول الى الملاجيء على مدار يومين او بالقرب منها، تعطيل المدارس والاعمال ما تسبب في خسائر وصلت الى نحو ربع مليار شيكل .

قبل وقت ليس ببعيد، كان ضابط اسرائيلي مكلف، يستطيع ان يجوب قطاع غزة من بيت لاهيا شمالا الى رفح جنوبا في ليلة واحدة، يعدم مطلوبا في بيت حانون ويعتقل في الشجاعية، يمنع التجول على جباليا ويهدم منزلا في الشاطيء ويتوغل في النصيرات ويصادر قوارب صيد في خانيونس، ويشق شوارع في رفح لتسهيل حركة آلياته .

قبل وقت ليس ببعيد ، اغتالت اسرائيل رغم السلام، مؤسس حركة حماس الشيخ القعيد احمد ياسين، الدكتور الرنتيسي، يحيى عياش، ابو شنب، صلاح شحادة، سعيد صيام، الجعبري وعشرات قيادات الصف الاول ، بل لقد اغتالت امين عام الجهاد فتحي الشقاقي في مالطا و تونس ودبي وماليزيا، فكيف تغير الوضع على ما نراه اليوم بهذه الوتيرة الغريبة والسريعة، فيصبح اغتيال قيادي واحد، يتطلب اطلاق مئات الصواريخ دون ان تعير الحركة ادنى اهتمام بالليل من النهار ولا بالصبح من المساء .

عندما قال اسحق رابين مطلع التسعينيات، انه يتمنى ان يصحو من النوم ليجد البحر قد ابتلع غزة، لم نكن نفهم من ذلك الا كراهيته لهذه البقعة الصغيرة الفقيرة التي تعد الاكثر اكتظاظا في العالم قاطبة، فهل كان يقرأ اكثر مما قرأنا، ام انه كان يستشرف انها ستصبح مهلكته، ووفق ما قاله احد محلليهم: حركة واحدة جعلت دولة تقف على قدم واحدة، فما بالكم لو شاركت كل الحركات، في حين ان امين عام هذه الحركة زياد النخالة قال بوضوح وتواضع الواثق ان مستوى الصواريخ المستخدمة كان في حدوده الدنيا او العادية، في حين قال آخر ان وضع المقاومة في غزة اليوم اقوى مما كانت عليه قوة حزب الله عام 2006 .

كأني بالذي قال عنها ذات مرة انها مواسير وحدايد ، يتدارك قائلا: كنت مخطئا. وكأني بالبحر، لا قدرة له على ابتلاعها، ذلك ان لا سجان ينتصر على السجين ولا احتلال ينتصر على مقاوميه.