التوسّع الإسرائيلي في الضفّة يخدم الحلم الفلسطيني

حجم الخط

بقلم: إيتان بن - إلياهو


في هذه الأيام من فشل الاتصالات الائتلافية يمكن أن نجد وجه شبه كبيراً بين المفاوضات التي يخوضها "أزرق أبيض" مع "الليكود" وبين مفاوضات إسرائيل والفلسطينيين: في الحالتين لا يصلون إلى أي مكان. عملياً، حالتا المفاوضات هاتان تدلان على أنه يكفي أن يكون أحد الطرفين ليس معنياً بالصفقة، فلا تتحقق أبداً، فما بالك عندما يكون الطرفان غير معنيين بها؟ بالمقابل إذا كان الطرفان معنيين بإنهاء الصفقة فدوماً سيوجد السبيل للوصول إلى اتفاق.
الأساس لفهم رفض الفلسطينيين لكل تسوية منذ عشرات السنين هو معرفة أنهم غير معنيين بدولة أراضيها غزة و"يهودا" و"السامرة". فهم يرون أن كل "بلاد إسرائيل" بلادهم ووطنهم – هكذا كان في الـ 150 سنة الأخيرة، وهكذا هو الحال اليوم. بداية اعتقدوا أنه يمكن تصفية اليهود، وبعد ذلك أملوا بإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، ولكن تبدد هذا الوهم. وفي ظل انعدام البديل، تخلى الفلسطينيون عن فكرة التخلص منا، ولكنهم لم يتوقفوا بأي شكل عن الإيمان بأن "بلاد إسرائيل" هي بلادهم وطنهم. العكس هو الصحيح: كلما ازدهرت إسرائيل أخذت شهيتهم وطموحهم ليكونوا جزءاً منها بالتعاظم. عملياً، أخذ الفلسطينيون فكرة "الحائط الحديدي" التي وضعها جابوتنسكي وتبناها بن غوريون، وبموجبها فإن دولة إسرائيل، رغم أنها ستواصل التعرض للضربات، إلا أنها ستثبت قوتها وتردع أعداءها إلى أن يضطروا للتسليم بوجود الدولة اليهودية، فجعلوها نهجهم.
كان في أوساط الفلسطينيين أيضاً من أرادوا دولة مستقلة – كان ميلهم لأن يوافقوا على دولة في حدود غزة و"يهودا" و"السامرة". ولكن أغلبية الفلسطينيين، لا سيما زعماؤهم، رأوا في هذه الإمكانية هزيمة لا يقبلها العقل. وإذ رأوا ما هو معنى الدولة الصغيرة، المحدودة، المجردة من السلاح والمحاصرة، فقد فهموا أنه من غير المعقول الموافقة على مثل هذه التسوية، وبالتأكيد ليس عندما تكون لا تزال في الخلفية مطالبتهم بحق عودة اللاجئين الذين يصل عددهم، حسب تقديراتهم، إلى نحو 4.5 مليون نسمة.
وعليه، فالفلسطينيون غير معنيين بدولة في حدود غزة و"يهودا" و"السامرة"، بل بالحرية الوطنية. من اليوم الذي يئسوا فيه من إلحاق الهزيمة بنا، وسلموا بفكرة أنه لا يمكن طردنا من البلاد، لم تتبقّ لهم سوى إمكانية واحدة: التمثل داخلنا. إرادتهم هي أن يكونوا جزءاً من دولة إسرائيل، حين لا يبدو أن شيئاً يتغير: الإسرائيليون يوسعون تواجدهم في "يهودا" و"السامرة"، الفلسطينيون يبقون في أماكنهم، وفي نهاية المطاف يختلط السكان بعضهم ببعض، ومع السنين سيندمجون بعضهم ببعض أيضاً.
من ناحية الفلسطينيين، فقد مهدت التربة لذلك. في إسرائيل يعيش منذ اليوم بمكانة مواطنة كاملة مليونا فلسطيني، وفي "يهودا" و"السامرة" 2.5 مليون – منهم 300 ألف في القدس فقط – وفي غزة مليونان آخران. عددهم الكامل يشبه عدد اليهود الذين يعيشون بين النهر والبحر. كل الجماعات السكانية الفلسطينية موحدة تحت دين واحد، باستثناء عدد قليل من المسيحيين، وقومية واحدة، وهم يرون أنفسهم شعباً واحداً، تجمعاً أهلياً واحداً، بل عائلة واحدة. فلماذا سيوافقون على مد خط يغلق عليهم داخل أرض حجمها 5.8 ألف كيلومتر مربع، بدلاً من أن يكونوا جزءاً من دولة إسرائيل التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 25 ألف كيلو متر مربع؟ المشكلة هي أننا، نحن اليهود في إسرائيل، نسرع ونقرّب تحقق هذا الحلم: نحن نقترب من تجسد حلم "بلاد إسرائيل الكاملة" – من ناحية جغرافية – وهكذا نساعد الفلسطينيين على تحقيق حلمهم في أن يكونوا مواطني كل البلاد.
طالما لا يريد "أزرق أبيض" و"الليكود" فإنهم لن يجلسوا معاً في حكومة. طالما لا تريد إسرائيل والفلسطينيون فلن تكون بينهم تسوية على أساس تقسيم البلاد. غير أن تجميد الوضع يزيل عن الطريق رويداً رويداً كل عائق في الطريق إلى دولة واحدة. إذا لم نسارع ونجرِ انعطافة سياسية حادة، فخوفي هو أن نصل إلى نقطة اللاعودة، بعدها لا يعود تقسيم البلاد وارداً.

 عن "يديعوت"