يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني: خيبة أمل!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، عاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للتأكيد على التزام المنظمة العالمية بالتمسك بحقوقه وأنها لن تتزحزح في التزامها تجاه الشعب الفلسطيني، وبالعودة إلى تصريح غوتيريس، خلال الأعوام السابقة في إطار إحياء يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكذلك احتفالات «اليونسكو» ومنظمات دولية ومواقف الدول المختلفة في هذا اليوم، لاحظت، كما لا بد لاحظ جميع المتابعين، أن صياغات المواقف والخطابات تكاد تنسخ نفسها من جديد وبحيث يمكن القول، إن لا جديد، رغم أن هناك أكثر من جديد على هذا الصعيد، وخاصة في سياق ما يسمى «صفقة القرن» حول القدس و»الأونروا» وإزالة ملفات ما يسمى الحل الدائم من أمام أي عملية تفاوضية.
الرئيس محمود عباس، يبدو أنه قد وصل إلى هذا الانطباع وهذه الحقيقة، عندما أشار في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بهذه المناسبة، إلى أن الشعب الفلسطيني يعبر عن «خيبة الأمل» رغم تمسكنا في فلسطين بالمنظمة الدولية والانخراط في جميع الجهود الرامية لتعزيز سيادة القانون الدولي.
خيبة أمل الرئيس عباس ومعه كل الشعب الفلسطيني، تعود كما هو واضح إلى أن العالم في معظمه، رغم تعاطفه ودعمه للقضية الفلسطينية، إلاّ أنه بات معتاداً على أن يقف هذا الدعم وهذا التعاطف عند تجديد التزامه بالقضية الفلسطينية دون أن يتقدم بالخطوات المطلوبة نحو تفعيل هذه الالتزامات مكتفياً بصياغة المواقف والخطابات، التي من شأنها الإبقاء على جملة قرارات المنظمة الدولية، وخاصة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك معظم قرارات منظمات الأمم المتحدة الفرعية، مثل «اليونسكو» ومنظمات حقوق الإنسان، مجرد قرارات تحمل أرقاماً ولا تحمل آليات تنفيذها.
نعم، كما يعلم الجميع، أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير قابلة للتنفيذ، فالأمر يعود إلى قرارات مجلس الأمن بهذا الصدد، غير أن هناك العديد من قرارات هذا الأخير، لم تجد طريقها للتنفيذ نتيجة للدعم الأميركي المتواصل لدولة الاحتلال، غير أن الولايات المتحدة، وفي أواخر حقبة الرئيس أوباما، وقبل أسبوعين من تسلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض العام 2016، تجنبت استخدام حق النقض «الفيتو» على القرار 2334، حول الاستيطان من حيث إدانته ووقفه، القرار المذكور، يعيد إحياء قراراته السابقة بهذا الشأن والخاصة بعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، رغم ذلك، فليس هناك بالأفق ما يوحي بأن المجتمع الدولي الذي اتخذ هذه القرارات، بصدد الضغط نحو تنفيذها، يعود بذلك في تقديرها إلى أنه اعتاد على التعامل مع القضية الفلسطينية من خلال تجاهل إمكانية تنفيذ القرارات الدولية حول المسألة الفلسطينية، الأمر الذي أسهم على الدوام، في استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ونتيجة لخضوع المنظمة الدولية في نهاية الأمر للسطوة الأميركية.
وهناك إمكانية، لدى العديد من الدول، لإظهار دعمها وتعاطفها مع القضية الفلسطينية باعتبارها حقوق شعب يرزح تحت احتلال مجرم، دون الحاجة، وربما بدعم من قرارات الأمم المتحدة، كالاعتراف بدولة فلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي، المواقف الأوروبية عموماً تقترب من هذا الموقف، لكنها مع ذلك لم تصل إليه، فإذا كانت هذه الدول، قادرة على ترجمة قراراتها ومواقفها من القضية الفلسطينية، فعليها أن تنسجم مع ذاتها ومع مبادئها وتراثها الديمقراطي، المعلنة، وربما تعويضاً منقوصاً عما ارتكبته بعض هذه الدول بحق الشعب الفلسطيني، سواء من خلال وعد بلفور البريطاني، أو ما أقدمت عليه هذه الدول من دعم لإسرائيل مالياً وتسليحياً، ما مكّنها من استمرار جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة!