الغرب يقاطع إسرائيل والعرب يتقرّبون منها

حجم الخط

بقلم: أوفير دايان


في الأسبوع الماضي انعقد في لندن مؤتمر شاركت فيه شخصيات معروفة من دول المغرب، ليبيا، السودان، مصر، لبنان، العراق، ودول الخليج.
موضوع المؤتمر هو إسرائيل. في الأيام العادية كان يمكن لمثل هذا المؤتمر أن يصبح بسرعة كبيرة جدا على نحو مؤكد موضوع اهتمام مركزيا لـ "الموساد"، ولكن هذه أزمنة استثنائية. والسبب: لم ينعقد المؤتمر للبحث في سبل ابادة دولة اليهود بل كيفية التعاون مع اسرائيل. فالحاضرون ليس فقط اعترفوا بوجود اسرائيل، بل ادعوا بأن مقاطعتها تضر العالم العربي، بل تضر مساعي السلام واقامة دولة فلسطينية.
وفي الوقت الذي تقرؤون فيه هذه السطور، أجدني أنقح خطابي امام مجلس الطلاب في جامعة كولومبيا، والذي سيبحث، هذا المساء، بتوقيت نيويورك، في سحب استثمارات الجامعة من شركات اسرائيلية، بل من شركات تعقد الصفقات مع اسرائيل.
هذا هو الواقع في العام 2019، عشية 2020. في الوقت الذي يجتمع فيه الزعماء العرب لالغاء المقاطعة وللتعاون مع اسرائيل، والمزيد فالمزيد من اصوات العرب تدعو للسير في هذا الطريق، فان مجلس الطلاب "المتنور" لجامعة كولومبيا في نيويورك يجتمع للبحث في فرض المقاطعة على اسرائيل. وتبرز الازدواجية الاخلاقية بالاساس لأن الحركات المناهضة لاسرائيل، والتي ترفع مشروع المقاطعة لمجلس الطلاب، تدعي بانها تعمل انسجاما مع ارادة الزعماء والمواطنين في الدول العربية، وتثبت اساسا جهلها للواقع الشرق اوسطي الجديد.
المشروع في مجلس الطلاب سيقر اغلب الظن، بعد أن فشل مرتين ورغم حرب الابادة التي نخوضها ضده، ببساطة لأنه يوجد اناس يجلسون على مسافة الاف الكيلومترات عن الشرق الاوسط ولكنهم واثقون بأنهم يعرفون بشكل افضل مما يعرفه الناس الذين يعيشون فيه ما الذي ينبغي أن يحصل فيه. فهم واثقون بانهم فقط اذا ما قاطعوا دولة اسرائيل، فان كل مشاكل العالم ستحل، وذلك لان دولة اليهود هي مصدر المشاكل في العالم.
وبالتالي فانه توجد لمجموعة الزعماء العرب الشجعان الذين التقوا في لندن رسالة لهم: ليس فقط المقاطعات لا تنجح بل انها ايضا تضر باقتصاد وأمن باقي دول المنطقة، ولم تدفع الى الامام بمسيرة السلام بصفتها هذه. فالدول العربية تقاطع اسرائيل منذ سنوات عديدة، والسلام لا يبدو في الافق.
اسرائيل ليست فقط حقيقة على الارض، ودولة سيادية في الشرق الاوسط، بل ذخر للمنطقة كلها.
هي دولة مع اقتصاد وديمقراطية قويين، مع ارث فاخر ومساهمة هائلة في مجالات عديدة.
هذا بالضبط هو السبب الذي جعل مجموعة الزعماء العربي يقررون تشكيل لجان ضمن امور اخرى في مواضيع الفن والسياسة، من اجل التعاون في هذه الحقول ايضا.
في الوقت الذي يتبنى فيه العالم الغربي طريق المقاطعات الفاشل، فان العالم العربي بات يفهم بأنه هذا الطريق لا يؤدي الى اي مكان ايجابي، وواصل السير الى الامام.
في الوقت الذي ستقاطع فيه محافل غربية اسرائيل وتسم منتجاتها، ستتعاون دول عربية وتتاجر معها.
في الوقت الذي ستقاطع فيه محافل غربية اسرائيل، سيسير الشرق الاوسط الى مستقبل التعاون، والغرب هو الذي سيبقى متخلفا.

عن إسرائيل اليوم"