رؤية إسرائيلية للانتقال من التهدئة إلى هدنة طويلة الأمد!

هاني حبيب.jpg
حجم الخط

هاني حبيب

نتنياهو يهدد قطاع غزة مجدداً رغم انشغاله بالتهرب من الذهاب إلى البيت أو إلى السجن جراء لوائح الاتهام ضده، هذه المرة تعليقاً على مناخات ومؤشرات سادت في الآونة الأخيرة حول إمكانية التوصل إلى تفاهمات بين الاحتلال و»حماس» تؤدي إلى تهدئة طويلة الأمد. نتنياهو يقول إنه ليس هناك من إمكانية للتوصل إلى مثل هذه التهدئة طالما استمر «تنقيط» الصواريخ، ويضيف: لدينا خطط عملياتية مفاجئة لوقف هذا الأمر!
الحديث عن تهدئة طويلة الأمد، أو هدنة بين الاحتلال وحركة حماس، في الآونة الأخيرة، ليس جديداً، وأمكن ملاحظة أن هذه الأحاديث تتكرر، اثر كل حرب عدوانية تشنها إسرائيل على القطاع ومن ثم التوصل إلى تهدئة، كما تتكرر اثر كل تصعيد بين الاحتلال والمقاومة، لكن هذه المرة الأمر مختلف من حيث تجاوز الحديث، إلى الميدان، بعدما تم اقامة مستشفى ميداني أميركي، هناك العديد من الشكوك حول استهدافاته الأمنية والسياسية، وفي وقت تشير حركة حماس إلى أن ذلك تم بالتوافق مع الفصائل الفلسطينية على خلفية الوساطة المصرية، فإن الفصائل الفلسطينية الأساسية، أعلنت بشكل لا يقبل التأويل، أنها ضد إقامة هذا المستشفى، باعتباره تكريساً لفصل القطاع عن الضفة، وأن أميركا إذا كانت حريصة على دعم الشعب الفلسطيني فالأولى أن تتراجع عن قرارها إزاء وقف دعمها المالي لوكالة «الأونروا»، إضافة إلى مخاوف أمنية حقيقية سردتها المنظمات تعقيباً على إقامة هذا المستشفى.
ورغم تراجع حركة حماس عن القرار بوقف مؤقت لمسيرات العودة بالتزامن مع هذه الأحاديث حول تهدئة طويلة الأمد، إلاّ أن عودة الاحتلال للحديث عن مشروع وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس حول بناء جزيرة صناعية، على شواطئ غزة، ودعم وزير الحرب بينيت لهذا المشروع، في وقت يعرض فيه رؤساء المجالس الإقليمية في مستوطنات غلاف غزة مخططات لإقامة مناطق صناعية على طول الحدود، لإتاحة المجال أمام عمال القطاع للعمل فيها، كل ذلك أسهم في اهتمامات وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أبرزت هذه المؤشرات، وغيرها، باعتبار أن الأمر لم يعد مجرد أحاديث عن تسوية تنطلق من تهدئة إلى هدنة طويلة الأمد في سياق استثمار سياسة هدوء مقابل هدوء لتعزيز الحل الاقتصادي والإنساني على حساب الحل السياسي المفترض.
وكان الكاتب الصحافي والمحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هرئيل، قد أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي بات يتحدث أكثر من أي وقت مضى عن «تهدئة واسعة» وأن رئيس الأركان أفيف كوخافي وجه رسالة مؤخراً إلى قادة وحدات الجيش، يصف فيها حركة حماس كعامل استقرار في القطاع وأن على إسرائيل مساعدتها من أجل تعزيز قدرتها على الحكم.
وزير الحرب نفتالي بينيت، وهو يدعم خطة كاتس حول إقامة جزيرة صناعية على شواطئ القطاع بهدف تلبية الاحتياجات الاقتصادية لمواطنيه الفلسطينيين، يقوم باتخاذ خطوات غير مسبوقة في الضفة الغربية، وخاصة في مدينة الخليل عندما قرر بناء بؤرة استيطانية على أنقاض السوق الشعبي بعد هدمه وتدميره، وكذلك إطلاقه تصريحات يهدد بها مطلقي الصواريخ من قطاع غزة، إضافة إلى احتمالات متزايدة حول إمكانية عدوان إسرائيلي جديد على قطاع غزة  وتصدير الأزمة الداخلية الإسرائيلية، من شأن ذلك كله التشويش على إمكانية التوصل العملي لتفاهمات من شأنها الانتقال من التهدئة إلى هدنة طويلة الأمد. ان الدعم الدولي من خلال المبعوث الخاص ملادينوف، ودعم مصر من خلال وساطتها، والحديث عن أن هذه التفاهمات، إنما هي جزء من مؤتمر المنامة حول الحل الاقتصادي في سياق «صفقة القرن»، كل ذلك، قد لا يكون كافياً لاجتياز كافة العقبات التي تنتصب أمام التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، على ضوء معارضة قوية في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لدواع وأسباب متباينة بطبيعة الحال!