انتقاد إسرائيل ليس عداء للسامية

حجم الخط

بقلم:فينيان كانينغهام*

 

إنه لموقف سخيف أن يوصم كل من ينتقد إسرائيل- شخصاً كان أو حكومة- بسبب اعتداءاتها على الفلسطينيين أو الدول العربية المجاورة بأنه «معادٍ للسامية».

ونحن نرى ذلك يحدث دائماً في بريطانيا والولايات المتحدة. وأحد الأمثلة البارزة هو اتهام نائبتين مسلمتين في الكونجرس الأمريكي بأنهما «معاديتان لليهود»؛ لمجرد أنهما تنتقدان سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحتجان على «النفوذ الخبيث لإسرائيل» في السياسة الخارجية الأمريكية.

وفي بريطانيا، كثيراً ما يتعرض زعيم حزب العمال جيريمي كوربن، عبر وسائل إعلام بارزة، لتهمة «معاداة السامية». وفي الحقيقة، كوربن ليس معادياً لليهود ولا هو عنصري. والاتهامات المخادعة التي توجه إليه وإلى آخرين في حزب العمال تستند فقط إلى انتقاداتهم القاسية لسياسات إسرائيل ومعاملتها للفلسطينيين. وقد أعلن حزب العمال البريطاني أنه في حال فوزه في الانتخابات العامة، فسوف يعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ويوقف المبادلات العسكرية بين بريطانيا وإسرائيل.

وفي الواقع، الخلط بين انتقادات محقة لإسرائيل و«معاداة السامية» أو «معاداة اليهودية» إنما هو تشويه يُقصد منه منح إسرائيل حصانة تحميها من عقوبات القانون الدولي. وهذا الخلط هو في جوهره ابتزاز لمنتقدي إسرائيل من خلال مساواتهم بمضطهدي اليهود في أوروبا، بمن فيهم النازيون.

وهذا التحريف للواقع يدينه حتى كثيرون من اليهود أنفسهم الذين يدافعون عن حقهم في انتقاد سياسات إسرائيل. وهؤلاء اليهود يرفضون ادعاء دولة إسرائيل بأنها تمثل يهود العالم، وتتحدث باسمهم. وهم يقولون دائماً إن معارضة ممارسات دولة إسرائيل لا تعني بأي حال معاداة اليهود ككل.

ولنتذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني أن حكومته تعتزم توسيع نطاق ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل - علماً بأن احتلال إسرائيل للأراضي التي استولت عليها في حرب 1967 هو احتلال غير مشروع بموجب كلا القانون الدولي ومجمل قرارات الأمم المتحدة. وهو يحظى بدعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد

ترامب، التي أعلنت حديثاً أنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في أراضٍ فلسطينية غير مشروعة.

واللافت للنظر هو أن الإعلان عن هذه المواقف الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة يتزامن مع تصعيد للاعتداءات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة المحاصر، الذي يعاني سكانه المليونان أصلاً ظروفاً حياتية لا تطاق؛ بسبب الحصار الإسرائيلي.

وعندما يرفع جيريمي كوربن وحزبه العمالي، وكذلك عدد صغير من سياسيين أمريكيين، أصواتهم للتنديد بانتهاكات إسرائيل، فهم إنما يفعلون ذلك انسجاماً مع القانون الدولي، ودفاعاً عن ضحايا عنف دولة. وهذا موقف مبدئي ومشرف، وليس «عداء للسامية». ولكن الأمر المخزي هو أن الحكومتين الأمريكية والبريطانية، ومعهما طائفة كبيرة من وسائل الإعلام الرئيسية، لا تنتقد إسرائيل أبداً على انتهاكاتها واعتداءاتها، بل هي تحمي قادة إسرائيل من المحاسبة القانونية الدولية من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تبني قرارات في الأمم المتحدة تدين إسرائيل وممارساتها، وكذلك من خلال التغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

والحكومتان الأمريكية والبريطانية، ومعهما دوائر سياسية متعددة في الغرب، تلعب دائماً ورقة «معاداة السامية» من أجل حماية إسرائيل من الانتقادات ومن المحاسبة القانونية.

*صحفي بريطاني بارز يكتب حول الشؤون الدولية - موقع «إنفورميشن كليرينغ هاوس»