09 أيلول 2015
إذا كان هناك شيء يبدو مثل الاوزة ويُسمع مثل الأوزة وطعمه مثل طعم الأوزة، فهو أوزة. بهذا القول أحاول وضع تحدٍ أمام القراء بالتفكير أنه اذا كان الرئيس اوباما سيقوم باجراءات تعمل على اضعاف اسرائيل، أمنيا واقتصاديا، ومؤخرا تحدث ضد زعمائها، فان الأمر قد يتسبب بعزلتها السياسية والاقتصادية. اذاً، هو يريد إضعافها. لا يمكن تفسير ذلك بشكل آخر بناء على الاتفاق الغريب فيما يتعلق بالمشروع النووي الإيراني.
هل الملك عارٍ؟ لا. يعمل اوباما على تغيير النظام العالمي، والاشخاص يعطونه الاعتماد بشكل غير مفهوم، انطلاقا من أن هناك أموراً خفية في الاتفاق تحوّله إلى اتفاق جيد. الامر ليس هكذا. عند الحديث عن أمور استراتيجية يجب الصعود مثل طائر، والنظر الى التطورات. يجب النظر الى الاتجاهات العامة وترك الامور غير المهمة.
عندما ننظر الى تطور موازين القوى العام في الشرق الأوسط، في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران، نرى تطوراً لا يمكن لاسرائيل أن تتحمله. عندما نرى القوة المسيحانية، التي يبثها أوباما عندما يتحدث عن الاتفاق، يجب علينا فهم أن هذا الشخص لا يتصرف بناءً على الاعتبارات الاستراتيجية التي تهدف الى تعزيز العالم الغربي، بل انطلاقا من الروح المسيحانية التي تحركها أولويات المشاعر.
أراد أوباما التوقيع على الاتفاق بين ايران والدول العظمى، الامر الذي يمكن ايران من تطوير القدرة النووية. ويزعم ايرانيون أن اوباما قال من قبل إنه ليست له مشكلة مع ايران نووية. الرئيس يعد الدول الاسلامية السنية أنه سيسلحها بسلاح كثير لتقف في وجه ايران. وهكذا هو ينشئ احتمالية للضرر باسرائيل عندما تتغير الحال كما حدث، ويتم تصويب السلاح ضد اسرائيل. في اعقاب الاتفاق النووي فان الرئيس يشجع الدول العربية على التسلح بالسلاح النووي. توجد لدى هذه الدول الموارد، وهي بحاجة فقط الى القرار. بذلك يتسبب الرئيس في الغاء الأولوية الاساسية لدى اسرائيل في موازين القوى، غير الممكنة تقريبا بين اسرائيل والعالم العربي كله. عن طريق الاتفاق مع ايران يسمح الرئيس بانتقال مصادر ضخمة الى «حزب الله»، وبذلك يصبح التهديد حقيقيا على اسرائيل من الشمال. وفي السياق ستنقل ايران مصادر الى «حماس» أيضا، وبذلك يزداد التهديد على إسرائيل من الجنوب. في المجال السياسي فان أفعال أوباما معادية لإسرائيل، إلا انها تتم بلطف تجاه سكان اسرائيل ويهود الولايات المتحدة. ويحاول اوباما ايصال العالم الى قناعة بأن اسرائيل تسعى الى الحرب. هو لا يتجرأ على قول ذلك بشكل علني، لكن هذا ما يمكن فهمه. وبهذا فانه يدفع اوروبا الى كراهية اسرائيل، ويؤدي الى عزلتها الاقتصادية والسياسية، الامر الذي قد يصل الى ذروته في التصويت في مجلس الامن. عندما يكون الرأي العام في الولايات المتحدة مهيأ لذلك، ويصور اسرائيل على أنها تسعى للحرب ضد ايران، فانه يخلق الاختيار بين اسرائيل وبين سكان الولايات المتحدة الذين ملوا من الحرب. عندما يقول محللون إننا نفقد تحالفنا مع الولايات المتحدة التي هي الذخر الامني الاهم، فأنا أقول إنه لا يوجد تحالف كهذا برئاسة اوباما. ليس بسبب سلوك اسرائيل بل بسبب مسيحانية الرئيس الأميركي.
لاحظ نتنياهو ذلك، وهو يعمل بتصميم على افشال الاتفاق رغم أنه تلقى ضربة، الاسبوع الماضي، عندما قيل إن اوباما حصل على الاغلبية في الكونغرس للمصادقة على الاتفاق النووي. اعتقد ان اسرائيل كانت ستكتفي بايجاد اغلبية عادية في الكونغرس ضد الاتفاق، الامر الذي كان سيعطي الشرعية لالغائه سواء كان الرئيس القادم جمهوريا أو ديمقراطيا، بشرط ألا يكون مسيحانيا.
عن «معاريف»