150 مليار دولار أملاك اليهود في الدول العربية وإيران

حجم الخط

بقلم: دان لفي



150 مليار دولار. هذا هو الحجم الهائل للممتلكات التي خلفها يهود البلدان العربية ويهود إيران بعد أن طردوا من دولهم، وهاجروا إلى البلاد مع قيام الدولة. هذه المعطيات، التي تنكشف هنا لأول مرة، هي تقدير متحفظ، دون قياسها بالقيم الحالية، وهي نتيجة عملية حساب استمرت بضع سنوات. تكشف هذه الأرقام بعضا من فصل مأساوي على نحو خاص في تاريخ يهود البلدان العربية وإيران، والذي لم يجر الحديث فيه كثيرا في الخطاب الجماهيري في إسرائيل. هذه هي المرة الأولى التي تكون تحت تصرف دولة إسرائيل معطيات شاملة في هذا الموضوع المهم، ذي الوزن التاريخي، الاجتماعي، السياسي، والسياسي الدولي الأهم.
منذ 2002 نشأت الحاجة لإجراء حساب بديل للممتلكات عن ذاك الذي أجراه الفلسطينيون. غير أنه لم يتحقق تقدم كبير في هذا الشأن إلى أن وقع في 2017 التغيير المنشود: فقد عملت وزيرة المساواة الاجتماعي، غيلا جمليئيل – بالتعاون مع هيئة الأمن القومي – على مشروع سري كانت غايته الوصول بطرق متنوعة إلى إجراء حساب للممتلكات في كل الدول العربية تقريبا. ويدور الحديث عن نهج وطرق لا يمكن الدخول في تفاصيلها، تفحص تلك المقاييس التي اتخذها الفلسطينيون في حساباتهم.
في الأسابيع القريبة ستعرض جمليئيل على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، النتائج المفصلة في هذا الموضوع، بعد أن اطلعت على المعطيات ومراجعة المجلس الوطني للأمن القومي. وصرحت الوزيرة جمليئيل بأن "هذا لا يقل عن بداية إصلاح لظلم تاريخ. في إطاره سيكون ممكنا أن يعاد لمئات آلاف اللاجئين اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم، ما يستحقونه، إلى جانب مكانهم المنسي في الرواية التاريخية للدولة الشابة، التي قامت بالتوازي مع لجوئهم".
رغم أنه سُنّ في 2010 قانون بموجبه سيعوض اليهود من البلدان العربية وايران عن فقدان ممتلكاتهم في اطار مفاوضات مستقبلية، الا انه عمليا لم تكن الدولة تعرف حجم الممتلكات العظيم الذي خلفوه وراءهم أو مكانها الدقيق، حتى استنفاد الخطوة الحالية كما أسلفنا.
في الغالب، عندما طرحت في اثناء السنين مسألة "اللاجئين" في سياق الشرق الاوسط، كانت الدول المختلفة والجماهير المختلفة تتعاطى وبشكل تلقائي مع اصطلاح اللجوء الفلسطيني، وذلك رغم انه في الفترة الموازية (1948 – 1967) ترك الدول العربية وإيران أكثر من 850 الف يهودي، حيث إن 600 الف منهم وصلوا إسرائيل، وانتقل الباقون أساسا إلى الولايات المتحدة أو أوروبا. وبدأت العملية نفسها في الثلاثينيات من القرن الماضي، بمحاذاة إقامة دولة إسرائيل، حين بدأت المغادرة الجماعية للطوائف اليهودية من بلدانهم الأصلية في الشرق الأوسط، واستمرت في الخمسينيات والستينيات.
وهكذا، فان تاريخ نحو مليون يهودي كانوا يعيشون قبل قيام الدولة في الدول العربية وإيران، على مدى آلاف السنين، اختفى وكأنه لم يكن، كما دحرت حياة طوائف يهودية عن الوعي القومي. بعض هذه الطوائف كان يعيش في الشرق الأوسط قبل اكثر من 2.500 سنة، أي اكثر من الف سنة قبل مجيء الإسلام. الوضع الحالي هو أنه في الوقت الذي يعترف فيه الجميع بادعاء اللجوء الفلسطيني، فإنه على المستوى الجماهيري ثمة قلة واعية لوجود مشكلة اللاجئين اليهود الذين اضطروا الى ترك بلدانهم الاصلية.
وعلمت "إسرائيل اليوم" أن المعطيات عن الممتلكات توزعت، ضمن أمور أخرى، وفقاً للتصنيفات التالية: أراض وعقارات قروية، عقارات مدينية، قيم الأعمال التجارية، ضياع الدخل واحتمال الدخل، أغراض وممتلكات عامة/ طائفية يهودية. ومن بين المعطيات التي يمكن الكشف عنها في هذا الإطار نشير إلى أنه في التقسيم وفقا للدول يتبين أن قيم الممتلكات التي خلفها المواطنون اليهود في إيران تقدر بنحو 31.3 مليار دولار، في ليبيا نحو 6.7 مليار دولار، في اليمن نحو 2.6 مليار دولار، في سورية نحو 1.4 مليار دولار، وفي عدن نحو 700 مليون دولار.
الفرضية المجمع عليها بين مجري الفحص هي انه "كي تكون كل المسيرة السياسية ذات مصداقية وبعيدة المدى، يجب ان تضمن أن يتلقى كل اللاجئين في الشرق الأوسط معاملة متساوية وفقا للقانون الدولي". ونشير إلى انه عند هجرة يهود البلدان العربية الى إسرائيل اتخذت عدة قرارات حكومية غايتها ترتيب المبدأ الذي بموجبه كل بحث يعنى بحقوق اللاجئين الفلسطينيين سيترافق وبحثا مشابها يتعلق بحقوق اللاجئين اليهود من الدول العربية.
حصل هذا المبدأ على تعبير إضافي في القرار 185 الذي اتخذه مجلس النواب الأميركي في 2008، كما تلقى سندا إضافيا من الكنيست لهذه السنة. غير أنه من الصحيح حتى العام 2017 نفذت إسرائيل تسجيلا قليلا جدا للممتلكات التي اضطر يهود البلدان العربية وإيران تركها خلفهم (نحو 14 الف نموذج تمت تعبئتها بالإجمال) وهذا التسجيل لم يستند إلا على الذاكرة العربية للمهاجرين ولم يكن له أي سند آخر. ونفذ هذا التسجيل من قبل وزارة العدل في الستينيات، وإن لم يجر أي عمل شامل في هذا الشأن.

"تقدم دراماتيكي"
بعد أربعة عقود، في العام 2002، تقرر كما أسلفنا استئناف النشاط في هذا الموضوع، ولكن أيضا بعد اكثر من عقد من ذلك لا يزال لم تتبلور سياسة في هذا الشأن أو تتخذ قرارات حكومية. محاولة أخرى جرت قبل نحو خمس سنوات في وزارة المواطنين القدامى، وهي أيضا لم تعطِ ثمارها، حتى الحساب الحالي.
وبالنسبة للإهمال طويل السنين في معالجة الموضوع في ضوء أهميته في الساحة السياسية، قالت جمليئيل، انه "عندما قررت الاهتمام بهذا الموضوع المهم جدا، دهشت لاكتشاف انه لم يطرأ فيه تقدم دراماتيكي على مدى سنوات طويلة واهمل عمليا. اما الفحص الحالي فهو هام بالطبع للماضي ايضا، ولكن للحاضر ولهذه الايام، فما بالك في الوقت الذي تكون فيه مخططات سياسية مثل (صفقة القرن) للرئيس ترامب توجد على جدول الاعمال بكل معانيها السياسية المرافقة".

عن "إسرائيل اليوم"