قرار البرلمان الفرنسي بشأن الصهيونية: ماكرون لاساميّ!

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


كان للرئيس الفرنسي، عمانويل ماكرون، في حينه شيء واحد ليقوله بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس: هذه الخطوة تسببت القتل («هآرتس»، 6 /6 /2018). أغضبت هذه الأقوال الحكومة الإسرائيلية. لقد كانت ضربة وجهت لبطن الصهيونيّة الجديدة، الصهيونيّة القومية المتطرفة والعدائية. في بداية الشهر، قررت الجمعية العمومية في فرنسا أن مناهضة الصهيونيّة هي صورة جديدة للاساميّة. كانت أقوال ماكرون مناهضة للصهيونيّة، أي أنه حسب القرار الجديد فإن الرئيس الفرنسي هو لاساميّ.
في الشهر الماضي، قررت محكمة العدل العليا التابعة للاتحاد الأوروبي أنه على جميع دول الاتحاد تطبيق القرار الذي اتخذ في العام 2015، القاضي بوسم منتجات المستوطنات بصورة واضحة. هذا بشكل صريح قرار مناهض للصهيونيّة، لذلك ليس فقط المحكمة، بل جميع الدول الأوروبية التي طبقت القرار، هي لاساميّة. وحسب هذا التعريف فإن القانون الدولي، حتى الذي نص على أن المستوطنات غير شرعية، هو لاساميّ، وهكذا أيضاً معظم زعماء دول العالم وجزء كبير من يهود العالم ودول عربية والعرب في إسرائيل واليسار اللين واليسار المتطرف والكثيرون من أعضاء الكونغرس الأميركي وسياسيون إسرائيليون أظهروا معارضتهم للقرار الأميركي بضم هضبة الجولان أو استمرار الاحتلال.
«الصهيونيّة، سواء أكانت على حق أم لا، وسواء أكانت جيدة أم سيئة، متجذرة في عرف قديم جداً وفي احتياجات الحاضر وفي آمال المستقبل. احتياجات وآمال أكثر أهمية إلى درجة يصعب تقديرها من الرغبة والآراء المسبقة لـ 700 ألف عربي يعيشون الآن في هذه البلاد القديمة»، كتب في العام 1919 اللورد بلفور، الذي صاغ التصريح الذي منح تأييد بريطانيا لإقامة الوطن القومي لليهود قبل سنتين من ذلك. ولكن مثل بلفور، أيضاً قرار الجمعية العمومية الفرنسية يشوبه عوار في موضوع جوهري. فهو لا يُعرّف ما هي هذه الصهيونيّة.
هل الكولونيالية اليهودية هي صهيونيّة؟ هل حلم «أرض إسرائيل الكاملة» هو جزء من هذه الآمال «الأكثر أهمية من رغبة العرب»؟ وبالأساس، هل إسرائيل كدولة يهودية هي الدمية المخلصة للصهيونيّة، وسياسة الحكومة هي التفسير الموثوق الوحيد لتعريف الصهيونيّة؟
لا يوجد خلاف حول كون دولة إسرائيل درة تاج الحلم الصهيونيّ، تجسيد الأيديولوجيا الموجهة نحو منح اليهود فضاء خاصاً ليعيشوا حياتهم فيه. الاعتراف الدولي بإسرائيل منحها الشرعية في أن تكون وطناً قومياً ليهود العالم، لكن في الوقت ذاته، ألزمها بالتصرف حسب قواعد المجتمع الدولي: القانون الدولي وقوانين الأخلاق العالمية، التي تلزم أي دولة وقعت على المواثيق الدولية. تعترف هذه المواثيق بأوضاع الاحتلال، لكنها أيضاً حددت قواعد للاحتلال والسلوك في «المناطق» المحتلة. عندما تتبنى إسرائيل قوانين عنصرية وتخرق المواثيق الدولية المتعلقة بالاحتلال، وتسمح بنقل سكان من الدولة المحتلة إلى «المناطق» التي تم احتلالها، وتحرض ضد أقلية قومية تعيش في «المناطق»، فإن شرعيتها تتآكل، وأيضاً الفكرة التأسيسية لها، وهي الصهيونيّة، تكون طفرة شيطانية تسحق قيمها.
هذه الطفرة تغذي المسخ اللاساميّ الذي لا يعرف التمييز بين اليهودية والصهيونيّة والإسرائيلية. وبصورة متناقضة، فإن تشخيص ماكرون بأن مناهضة الصهيونيّة هي لاساميّة، يساعد اللاساميّة. وحسب معادلته، فإن دعم الصهيونيّة حتى عندما تكون مشوهة وعندما تتسبب بمأساة شعب آخر وعندما تحظى بتفسير عنصري من حكومة إسرائيل، يكون الاختبار الأعلى للإنسانية، بالضبط مثل محاربة اللاساميّة. من الآن، كل من يريد محاربة اللاساميّة ملزم بأداء قسم الولاء للصهيونيّة. فهذه رزمة واحدة. هيا نرى كم من محاربي اللاساميّة في العالم سيوافقون على التوحد حول علم الصهيونيّة.

 عن «هآرتس»