مهمة إسرائيل التالية: جلب إيران إلى اتفاق نووي محسَّن وإخراجها من سورية

حجم الخط

بقلم: ألون بن دافيد


أُجريت جولتان من الانتخابات السابقة في ظل أحداث أمنية في غزة، ولكن تكثر المؤشرات إلى أنه في انتخابات الموعد الثالث سيتجه اهتمامنا الى الشمال. فالجهود التي لا تتوقف من جانب إيران للتموضع في سورية، ونقل قدرات دقيقة الى «حزب الله»، ستتطلب في لحظة ما من إسرائيل أن تتدخل، وقد بات واضحا منذ الآن أن مثل هذا التدخل سيجر في المرة القادمة رد فعل من الطرف الآخر. ويتصاعد احتمال التصعيد في الحدود الشمالية وسيحصر التحدي في إسرائيل في يوم أو في عدة أيام من القتال وعدم الدخول في مواجهة واسعة.
يحرص وزير الدفاع، نفتالي بينيت (الذي لا يزال ينفعل لسماع اسمه مرفقا باللقب) على ان يستغل كل منصة كي يوضح بأنه مصمم على رأيه تفكيك البنية التحتية الإيرانية في سورية، وطرد الإيرانيين من هناك أخيرا. في المقابل، فإن الإيرانيين مصممون على ألا يتجلدوا على الهجمات الإسرائيلية ضدهم. لا حاجة للمبالغة في تقدير قدرات الرد التي لدى إيران في سورية. فحتى الآن تلخص معظم محاولات الرد من جانبهم بنار غير ناجعة للصواريخ الى الجولان أو أنها اكتشفت من الاستخبارات الإسرائيلية فاحبطت. كان بود إيران أن تنفذ هجوما دقيقا ضد إسرائيل، على نمط الصواريخ الجوالة والطائرات المسيرة التي أصابت السعودية، ولكنها تجد صعوبة في أن تجلب هذه القدرات الى مدى فاعل ضد إسرائيل.
هدد المسؤول في الحرس الثوري، مرتضى جرباني، قبل اسبوع بأنه «إذا ارتكبت إسرائيل خطأ تجاه إيران، فسنمحو تل أبيب، من داخل لبنان». أما زعيم «حزب الله»، حسن نصرالله، الذي يقف ضد ما سمي منذ الآن «الانتفاضة الشيعية» ضده في لبنان، فقد تخوف وسارع إلى الإصلاح: «إذا ضرب أحد ما إيران، فإنها سترد بقوة». ونزعاً للشك أضاف: «لن تسمح إيران لنفسها بأن يرد حلفاؤها بدلاً منها».
يوجد نصر الله اليوم في إحدى الازمات السياسية الأصعب. فالشبكة اللبنانية غارقة بالشتائم ضده، وشيعة صوتوا في الماضي لـ «حزب الله» يخرجون للتظاهر، ويتهمون المنظمة بأزمات لبنان الاقتصادية. ويعلق رجال «حزب الله» في مشادات في شوارع بيروت وطرابلس مع لبنانيين ينددون به. واذا كان هذا غير كاف، فقد جاءت ملكة جمال لبنان، هذا الاسبوع، وأوضحت الرسالة نيابة عن نصر الله: «إسرائيل هي عدو ونحن نكرهها، ولكن اللبنانيين هم الذين سيختارون متى سيقاتلون ضدها».
ولكن ماذا سيحصل إذا ما قتل في سورية مرة اخرى لبنانيون بهجوم إسرائيلي؟ لقد سبق لنصر الله أن قيد نفسه في أيلول الماضي بالرد على المس باللبنانيين حتى لو تم على الاراضي السورية. والآن، تصوروا ان تكون الصواريخ المضادة للدروع التي أطلقها «حزب الله» في حينه نحو افيفيم ستصيب سيارة الإسعاف العسكرية فتقتل نزلاءها. يقولون في الجيش الإسرائيلي إنه «لو كان لنا خمسة قتلى في هذه الحادثة، لكان لحزب الله خمسون قتيلا في ردنا».

كلمة ترامب
هذا بالضبط هو السيناريو الذي تدربوا عليه، هذا الاسبوع، في قيادة المنطقة الشمالية: حدث في سورية يتدهور الى تصعيد في الحدود اللبنانية. يحاول «حزب الله» إدخال قوات برية إلى إسرائيل، فيدفع الجيش الإسرائيلي بقوات نظامية لصدها قبل أن تدخل البلدات، وفي ختام بضعة أيام من القتال يقع عشرات القتلى اللبنانيين، ويلحق ضرر جسيم بالقرى الشيعية المجاورة للحدود. فهل سيكون ممكنا وقف مثل هذا التصعيد قبل أن ينتقل ليصبح حربا واسعة؟ لا يملك أحد جوابا دقيقا.
في قيادة المنطقة الشمالية يفهمون بأن هذا السيناريو ذو صلة لا مثيل لها، وان خطر التصعيد على الحدود اللبنانية قائم وملموس. فقد أطلق لواء كوماندو، هذا الاسبوع، الى الشمال لمناورة دفاع عن البلدات ضد دخول قوات «الرضوان» من «حزب الله»، وبالتوازي يفكك الجيش الإسرائيلي قواعد «حزب الله» التي تقع في القرى في الجانب اللبناني. وقبل إخلاء سكان من زرعيت، يعتزم الجيش الإسرائيلي ان يخلي بالنار عيته الشعب ويرون.
يفهم نصر الله بأن معاقل التأييد له لن تبقى على حالها في ختام جولة قتالية مع إسرائيل. في ايلول سارع لطي حدث اطلاق النار، ووفّر الجيش الإسرائيلي له الذريعة في شكل مناورة خداع مع المروحية التي مثلت وجود مصابين. هذه المناورة لن تنجح مرة اخرى، وسيتعين على نصر الله أن يحذر في الحادثة الثانية ألا يجر لبنان الى مواجهة.
ليس «حزب الله» فقط هو من يجتاز أياما غير سهلة في لبنان. فأسياده الإيرانيون ايضا يرون بلادهم ترزح تحت عبء العقوبات ضدها. فصندوق النقد الدولي يتوقع هبوطا بنحو 10 في المئة في الانتاج الإيراني لهذه السنة، الذي هو ليس عاليا على اي حال. وفي الاسبوع الماضي أغلقت المدارس والجامعات في إيران في اعقاب تلوث جو شاذ عطل المدن المركزية. وتبدو اجواء الازمة ملموسة في كل ارجاء إيران، وتوشك الآن محاولة من إيران لجعل العراق جريرة شيعية لهم على الفشل.
هذا الضغط قد يؤدي بإيران الى سياسة عدوانية اكثر، سواء ضد إسرائيل ام في المجال النووي. وقبل اسبوعين وعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، جمهورا من آلاف الإسرائيليين في ميامي بانه لن يكون هناك سلاح نووي لإيران. ولكن في الوقت ذاته قال انه يجب جلب إيران الى اتفاق نووي جديد. عندما نتفرغ من الهواية الجديدة التي تبنيناها، حيث الانتخابات في كل بضعة اشهر، ينبغي لهذه ان تكون مهمة إسرائيل: جلب إيران الى اتفاق نووي جديد ومحسن وإخراجها من سورية.

 عن «معاريف»