جولة الجندي (القاتل) "أزاريا" المخطوفة في مدينة الخليل

حجم الخط

بقلم: موران شرير


توقفت في المجمع التجاري في كريات أربع سيارة تندر صغيرة ومنها نزل حوالى عشرة أشخاص وهم فرحون.
لقد جاؤوا إلى احتفال «أضواء في مدينة الأجداد» بتوجيه من اليميني ران كرمي بوغلو.
المحطات الأربع التي وعدهم بها هي «زيارة لمغارة الماكفيلا، توزيع الحلوى على الجنود، إشعال شعلة في مفترق طرق «اليئور» والاستماع لقصة معركة اليئور أزاريا البطولية».
الجولة، كما تم وعدهم، ستجرى بحضور اليئور وأبناء عائلته.
بدأت  الجولة بأغنية «يصنع السلام في الأعالي» و»من يؤمن لا يخاف».
وأغنية الموسم التي أشعلت الحماس لديهم أكثر من غيرها هي «بنيامين هو صديق الله»، التي كتبها أريئيل زلبر لمدح رئيس الحكومة. ومن هو الذي لم يحضر؟ اليئور نفسه.
بدأت هذه المجموعة التي كانت في معظمها من النساء، بالرقص. رفعت إحدى النساء علماً صنعته بشكل متسرع، وقالت: «لقد كسر دافيدي المكنسة وأعطاني العصا من أجل العلم».
وقد بدؤوا بالغناء «حتى المكنسة تطلق النار». ومن الذي لم يحضر بعد؟ اليئور نفسه.
عرف قائد الاحتفال ران كرمي (وهو اسم أشكنازي خالص، أضاف كلمة بوزغلو للاسم كخطوة احتجاج اجتماعي)، كأحد النشطاء ذوي الصوت المرتفع في حركة تحرير اليئور أزاريا.
وقد اشتهر عندما حاول تطيير طائرة ورقية حارقة نحو غزة فأحرق حقلاً قرب ناحل عوز.
المهم أنه اشتهر. ومؤخراً هو يقدم جسمه وروحه من أجل هدف واحد: بنيامين نتنياهو وحربه ضد عصابة سلطة القانون. وإذا اهتمت وسائل الإعلام بهذا الأمر، فما هو الأمر الأفضل من ذلك.
وقف كرمي بوزغلو في الساحة واضطر إلى الاعتراف لمن سأل إذا كانت عائلة أزاريا لا توجد في المنطقة. «ولكن هناك مفاجأة بدلا من ذلك»، وأعلن، «السيدة آن بولارد». المجموعة بدأت على الفور بالغناء «إحدى الوصايا الكبيرة هي أن تكون مسروراً».
انضم في هذه الأثناء للجولة المتأخرون، وكرمي بوزغلوا جمعهم لإعطاء التعليمات: «في مغارة الماكفيلا يمكنكم مقابلة الجنود والمجندات الشجعان. وأنتم ستشاهدون هناك مجندات في حرس الحدود يظهرن كفتيات بعمر 12 سنة ولا أحد يتعرض لهن. والآن هناك عدة أمور مهمة أريدها وبحق: يوجد هنا وباء فيروسات يسمى «نحطم الصمت». لماذا لا أريد مواجهتهم؟ أولاً، هذا مرض معدٍ.
لقد كان هنا عدد من مؤيدي جدعون ساعر وقد أصيبوا بالعدوى. والآن هم يقومون بعلاجهم.
ما أريده منكم حقا هو معرفة «أننا لم نأت إلى هنا من أجل التظاهر، لقد جئنا للاستمتاع. هذا عيد الأنوار، ولدينا ضيفة شرف هي آن بولارد. وإذا كان هناك من لا يعرف، هذه هي آن بولارد».
أحد الحضور قال: «كيف لا يمكن أن نعرف؟». وشخص آخر قال: «لقد أصبت بالقشعريرة». وآخر قال: «هل يمكنني احتضانك؟»، وآخر قال: «أنا لا أعرفها، من هي؟». كرمي بوزغلوا قال: «هذه المرأة قبعت في السجن أربع سنوات تقريبا. والآن هذا السجن الفيدرالي ليس مثل السجن الذي يحتجز فيه المخربون. هذا فيلم حقيقي مثلما في الأفلام. ولكن انظروا كم هي قوية». شخص آخر أضاف: «وهي جميلة». وآخر قال: «أهلاً وسهلاً».
بوزغلو قال: «انظروا، حتى أنا من الصعب علي مشاهدة هؤلاء البراغيث يضايقون الجنود. ولكني تعلمت أمرين: الأول هو أن هناك فضيلة في طرد البراغيث، أنا اخترعتها وهي مشروعي الجديد. أعطني للحظة العلم. فهم يخافون كثيراً من العلم. ومثل الخفاش الذي يخاف من الصليب هم يخافون من العلم. وأنا أريد منكم إبداء نضجكم. لماذا؟ لأنهم يبحثون. وسمعت أصوات الموافقة في أوساط الجمهور.
بوزغلو: «لأنهم يبحثون عن الاستفزاز. لماذا؟ كي يقوموا بالتصوير. ولكن نحن جئنا إلى هنا من أجل الاستمتاع وتوزيع الحلوى. هيا، بصحة الجنود، لقد قمت بإعداد العصيدة».

اللعنة، يساريون
عندما انطلقت الحافلة نحو مغارة الماكفيلا كانت مليئة تماما والأجواء كانت مثل أجواء الرحلة السنوية. وسيطر الأشخاص المقبولون على الميكروفون وصرخوا «من يؤمن لا يخاف».
كوخافا، التي هي يمينية عنصرية من شعرايم في الأصل، والتي سكنت مناصفة بين إسرائيل والولايات المتحدة قالت إن هذه المرة الأولى التي تزور فيها الخليل. ولم تكن الوحيدة. فبسرعة تبين أن هذا الجمهور لم يتعود على المجيء إلى هنا. فهم ليسوا مستوطنين أو مسيحانيين ولا يصوتون لبن غفير.
ويبدو أن الاستيطان اليهودي في الخليل بشكل عام غير مهم بالنسبة لهم. فهم ببساطة ليكوديون، وبدقة أكبر، هم بيبيون متحمسون، يلتقون في تظاهرات دعم رئيس الحكومة.
والجولة في الخليل هي مثل حدث اجتماعي بالنسبة لهم، يوم للاستمتاع من أجل التبلور والترفيه.
وهم في الحقيقة أيضا يحبون الجنود. وفي كل مرة شاهدوا فيها جيبا عسكريا دخلوا في حالة نشوة، أحاطوه وتوسلوا للجنود كي يأخذوا الهدايا. («أنا أقوم بإعداد الفرو للجنود. لأنهم ربما يكونون غير نباتيين»).
وقد نزلوا من الحافلة على مدخل مغارة الماكفيلا وبدؤوا يصرخون «أوحانا، أوحانا».
في الساحة انتظر باروخ مرزيل، الذي ألقى محاضرة تاريخية على خلفية أبونا إبراهيم في الخليل وعلى قدسية هذا الموقع الاستثنائية. «لقد جئتم إلى هنا من أجل شعب إسرائيل ودولة إسرائيل»، لخص مرزيل.
وأضافت إحدى الحاضرات: «ومن أجل نتنياهو». مرزيل لم يرد وقال فقط: «قوموا بالصلاة من أجل المستوطنين ومن أجل الجنود».
وأضافت امرأة أخرى: «صلوا من أجل بنيامين نتنياهو». ومرزيل صمت.
على بعد بضعة أمتار من مدخل المغارة جلس أشخاص آخرون وتلقوا التعليمات. وبسرعة انتشرت شائعة بأن هذه جولة لـ «نحطم الصمت».
«تجاهلوهم»، أمر بوزغلو. وطلب منا الدخول إلى المغارة. في المقدمة سار أحد الأبطال وهو يحمل علم الليكود. ومر قرب المجموعة الثانية وقال: «اللعنة، يساريون».
وهو بذلك أعطى هوية للاحتفال. وكل من ساروا وراءه رددوا «اللعنة، يساريون».
على مدخل مغارة الماكفيلا كان يوجد شرطي باسم الكسندر. وقد عرف نفسه للمجموعة وأعلن أنه قائد المنطقة. «هذا موقع عبادة»، شرح الكسندر للجمهور الذي بدأ يفقد صبره.
«الصلاة مسموحة هنا. ومحظور ممارسة النشاطات السياسية والدعائية». وقد طلب منهم ترك الأعلام واللافتات في الخارج. اقترب مرزيل منه من أجل تهدئته، ولكن الكسندر لم يكن بحاجة للمساعدة. «باروخ، لقد اجتزت دورة في الشرطة»، قال الكسندر. ومرزيل رد على الفور «وأنا اجتزت عشر دورات في الشرطة».
«ادخلوا بصورة مدنية ومحترمة، دون أدوات، وصلوا كما تريدون»، صمم الشرطي. حدثت فوضى. «منذ متى علم إسرائيل هو أمر سياسي؟»، «علم إسرائيل ليس للدعاية»، «العلم بالنسبة لي أهم غطاء للرأس».
بوزغلو حاول تهدئة النفوس، ولكن عدداً من الأشخاص انفعلوا: «ما هذا؟ أنا غير مستعدة لذلك بأي شكل من الأشكال»، قالت إحدى النساء. وقد قامت بربط علمين ولبستهما. «هذه تعليمات المفتش العام للشرطة الأسبق، الشيخ»، قال شخص باستخفاف. «لا يهم. سيكون لدينا واحد جديد»، ردوا عليه. وطلب بوزغلو منهم الاستجابة للشرطي وقام بجمع الأعلام. «أنا سأرسل رسالة لشرطة إسرائيل»، قالت المرأة التي ارتدت الأعلام وهددت «جلعاد أردان سيسمع مني بأنه أنهى حياته السياسية بالنسبة لي. وسأرفع هذا في الفيس بوك».
وفي نهاية المطاف دخلوا بهدوء. وانتهت زيارة المغارة دون أحداث استثنائية.
المسيرة من المغارة وحتى مفترق طرق أزاريا كانت تظاهرية جداً، مع رفع الأعلام ولافتات كتب عليها «نتنياهو – قيادة حاضرة» وغناء عدائي لأغنية «جسر ضيق جدا».
وبين فينة وأخرى تم توجيه الشتائم للجولة التي سارت أمامنا والتي اشتبه بأنها لـ «نحطم الصمت».
آن بولارد، التي لا تتحدث العبرية، سارت وحدها وظهرت كالمسحورة، رغم أنها لم تكن مرتبطة جدا بالمجموعة.
- هل تأتين للزيارة هنا كثيراً؟
«هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها كريات أربع والخليل.
- هل جئت مع ران؟
«نعم».
- هل تشاركين في كل نشاطاته؟
«ليس في جميعها».
- هو الآن يحارب بالأساس ضد التحقيق مع بيبي. فهل هذا الأمر يعني لك أي شيء؟
«أنا يمكنني التماهي مع ذلك بسبب ما حدث لي. أنا أعرف تماما أوضاعاً من الظلم، التشهير وصيد الساحرات».
- من قبل من؟
«من حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية. تجاهي وتجاه جونثان. ليس الآن ولكن في الماضي. لذلك أنا أتماهى مع ما يمر عليه. أنا أعرف كيف يكون الأمر عندما تقوم وسائل الإعلام بالتشهير بك وتسرب معلومات».
- هل مر عليك ذلك من جهاز القضاء؟
«لقد خبرت ذلك مدة ثلاثين سنة».
- من جهاز القضاء الإسرائيلي؟
«بالتأكيد. عندما اعتقلونا قالوا إنهم لا يعرفون من نحن، وإننا لم نعمل لصالحهم. ببساطة قاموا برمينا».
- كان ذلك لأسباب سياسية.
«هذا كان مقرفا. أنت لا ترمي جماعتك وتسلمهم للـ اف.بي.آي. وأنا حتى الآن أقرأ أموراً غير صحيحة. يروون القصص عن جونثان، التي لم تحدث أبدا».
- هل تشعرين بأن نتنياهو هو ضحية لنفس الجهاز؟
«هذا صيد ساحرات. أنا لا أعرف ما الذي يحدث. ولكن المحكمة هي التي يجب أن تحسم وليس المحامين الذين يسربون المعلومات. وأنا أعتقد أنه يوجد لكل شخص الحق بأن يحاكم من قبل قاضٍ».
- هل تثقين بالقضاة؟
«بالتأكيد. ولم لا؟».
- إذا هل ستوافقين على أي قرار حكم؟
«كما يبدو، نعم».
- وما صلة كل ذلك بالخليل؟
«لا توجد صلة. لقد تأثرت جدا بالقدوم إلى الخليل. هذا مكان رائع».
- هل أنت على اتصال مع جونثان؟
«لا. وأنا آمل أن يتغير الأمر عندما سيأتي».
فجأة جاءت واحدة من المجموعة مع بشرى مهدئة: «أيها الأصدقاء، لقد فحصت الأمر. هذه ليست جولة لنحطم الصمت أو بتسيلم. كل شيء تمام. هم ينتمون لإحدى المدارس العسكرية التمهيدية».
«مدرسة عسكرية تمهيدية لليساريين»، قال أحدهم.
في مركز مفترق أزاريا قطع بوزغلو الحركة من أجل أن يقص علينا تراث المعركة عما يسميه «معجزة أزاريا».
«يبدو أنهم في بتسيلم أعدوا الكمين المخطط لأليئور»، شرح. وبعد ذلك أعطى مرزيل رأيه. وبحسبه فإن أزاريا أوقف بجسده انتفاضة الأفراد التي اندلعت في حينه. بين عشية وضحاها توقفت العمليات. مئات العمليات وفرها علينا اليئور.
تحدث مرزيل بشروحاته طوال اليوم كثيراً عن العرب وعن «المشاغبين» وحاول أن يعدي من يستمعون إليه بكراهية العرب. ولكنهم لم يصابوا بالعدوى. «نحن بالذات نريد العيش معهم بسلام»، قالت إحدى النساء، ورد عليها أحدهم «اليساريون يحمسونهم».
بالنسبة للبيبيين فإن اليساريين هم أكثر خطورة. وعن العرب كانت لديهم بالتحديد كلمات جيدة. «ماذا لدي ضد العرب؟ لقد كانوا يتحدثون العربية عندنا في البيت»، هذه الجملة تكررت كثيراً. أكثر من شخص اشتكوا من بطاقة الهستدروت الحمراء – ضرر غير قائم في عالم مفاهيم الاستيطان اليهودي في الخليل. والذين يرون التاريخ بحجم آلاف السنين، فإن السبعين سنة قليلة عليهم.
حاول مرزيل تقريب البيبيين منه. ولكن هؤلاء الرحالة لن يضحوا بحياتهم من أجل مغارة الماكفيلا أو قبر رحيل. فلا يوجد لهم آباء ثلاثة، بل فقط اله واحد، مقره في شارع بلفور.
«عاش بنيامين نتنياهو»، صرخ أحدهم، والجمهور ردد من ورائه «عاش، عاش، عاش».

عن «هآرتس»