تصعيد مع إيران.. أو «لبنان آخر» في سورية!

حجم الخط

بقلم: شمريت مئير



ليلة أخرى، هجوم آخر منسوب لإسرائيل على أهداف ايرانية في سورية. ظاهراً حدث شبه عادي؛ اما عملياً فإن اللعبة بين الدول ترتفع درجة، رغم الوضع الداخلي الحساس عندنا وعندهم.
وزير الدفاع نفتالي بينيت، الطموح دوما، وان كان خفض قليلاً شدة التصريحات العلنية، ولكنه لا يزال في الغرف المغلقة يفكر بأمور عظيمة – في أن يجعل تواجد الإيرانيين في سورية صعباً، بحيث يفهم التلميح ويخرج من هناك. ولهذا السبب قد سعى لأن يرفع مستوى الضرب لهم – ليس فقط شاحنات سلاح بل وايضاً منشآت لوجستية؛ ليس فقط رجال ميليشيا شيعية، خليط من الأجناس والقوميات ممن علقوا بشكل ما في سورية، بل التركيز على الجنود والضباط الإيرانيين، الذين باتوا يعودون اكثر فأكثر الى ديارهم في التوابيت.
منذ زمن ما يوجد بين الولايات المتحدة وإسرائيل تفاهمات هادئة: الأميركيون مسؤولون عن العقوبات، وإسرائيل مسؤولة عن القضاء على التواجد العسكري الإيراني في سورية.  تؤدي ادارة ترامب، على أمل الا تقع انعطافة غير مرتقبة، الدور المنوط بها. فقد تقلص الاقتصاد الإيراني بنحو 9 في المئة في السنة الماضية. ومن المتوقع للأرباح من النفط ان تقل بنحو 70 في المئة في 2020، البطالة ترتفع، العملة تتحطم. لقد اخرج الضغط الاقتصادي كما يذكر الإيرانيين الى الشوارع، في احتجاج اجتماعي ثمة من يدعون بأنه لم يُشهد له مثيل منذ الثورة في 1979. وصعق في ظل استخدام القوة الشديدة.
يعد الضعف في منطقتنا شيئاً ما يلاحظ بسهولة. ومشاكل الإيرانيين جاءت بتواتر: لبنان والعراق معقلا سيطرتهم في المنطقة، مشتعلان ومشلولان كنتيجة لاحتجاج شعبي. وبروح خلاصة العام، فان 2019 شكل انتقال الإيرانيين من التوسع الإقليمي الى حالة لا تتوقف من الدفاع عن النفس. فهم يقاتلون في سبيل حياتهم، اي في سبيل استقرار النظام، في ظل استخدام الأدوات التي يعرفونها: محاولة كسر المتظاهرين بالعنف الوحشي من جهة، ومحاولة الدفع الى الأمام بسياسيين مريحين من جهة أخرى. غير أن هذا لا ينجح في لبنان وفي العراق على حد سواء. فالاحتجاج أصيل، شعبي ويعتمد على فكرة تأسر القلب: مواطنة تتجاوز الطائفية. فالناس الى جانب كونهم شيعة أو سُنة او مسيحيين يريدون ببساطة ان يكونوا مواطنين. ان يعيشوا في دولة تؤدي مهامها، أن تصل الكهرباء فيها وتخلى القمامة، والا يكون الفساد فيها جزءاً طبيعياً من المنظومة، وان يعمل منتخبو الجمهور لدى الجمهور وليس لدى سيدهم الإيراني او السعودي.
وإذا عدنا الى فكرة بينيت – فان فيها أيضاً بعداً من المخاطرة. فالدفتر الإيراني مفتوح، ويسجل الأحداث التي تتطلب رداً متراكماً. التقدير هو أن هذا الرد سيأتي، رغم أوجاع الرأس التي تسببه لقاسم سليماني في كل أرجاء الشرق الأوسط. وبالمقابل اذا لم تجد إسرائيل القوة والصحوة، رغم العراقيل السياسية، لتصفية المشروع الإيراني في سورية فإنه سينتهي بها الحال في حصار للصواريخ مع لبنان شمالي – شرقي آخر.

 عن "يديعوت أحرونوت"