أصبح خطاب الدفاع لرئيس حكومة اسرائيل ضد اتهامات المحكمة الجنائية الدولية جاهزاً، ها هي الفقرة الأولى: «هذا يوم صعب جدا، وانا اعرف ان هذا صعب للكثير جداً من الاشخاص الذين يؤيدون دولة اسرائيل ويحبونها. أنا اريد ان اقول لكم عدة امور من القلب الى القلب. انا احترم جداً سلطات القانون الدولي. لقد اصبح لديهم شهرة عالمية وبحق. ولكنني اعتقد انه يتوجب ان تكون اعمى من اجل الا ترى ان شيئا غير جيد يحدث لدى محققي محكمة الجنايات الدولية. حيث اننا هذا المساء شهدنا محاولة انقلاب في الحكم ضد دولة اسرائيل، بافتراءات عبثية وبعملية تحقيق متحيزة وملوثة».
هذا معروفٌ، اليس كذلك؟ بالمجمل هي عملية قصيرة من القص واللصق مع تعديلات طفيفة. من الخطاب التاريخي لبنيامين نتنياهو عشية بيانه بشأن المستشار القانوني حول قراره بتقديمه اياه للمحاكمة. الروح نفسها. وبالاساس الادعاء المضحك نفسه عن التطبيق الانتقائي للقانون. لماذا لا يحققون مع سورية والعراق ومع الصين وايران ومع «حماس»، يتباكى المحدثون المهنيون عن المتهمة، عفوا المشتبه بها، حيث ان الحديث يدور حاليا حول «فحص» وليس تحقيقا تحت التحذير.
تطبيق انتقائي دولي هو ادعاء بائس وخطير. بائس، نظراً لأنه يشبه ادعاء سائق مخالف تم ضبطه في حين ان سائقين آخرين يمرون بسرعة على الشرطي. وخطير نظراً لأن اسرائيل بهذا تضع نفسها في صف واحد مع اسوأ الدول في العالم وتطالب بتعامل مشابه معها. لا يمكن ان يكون هناك هتاف تشجيعي مقنع اكثر للتحقيق من المطالبة الاسرائيلية بالتحقيق مع الدول الزميلة لها التي نفذت نفس الجرائم كما يبدو. هذا يشبه الاعتراف بالتهمة. هل اسرائيل تريد حقا ان يتعاملوا معها كما يتعاملون مع الصين، ومع ايران او سورية، وهل ربما هي تشعر بشراكة مصيرية بالتحديد مع روسيا التي احتلت شبه جزيرة القرم؟
هنالك عقوبات مفروضة على روسيا بسبب ذلك الاحتلال، ايران تعاقب ليس فقط بسبب البرنامج النووي بل ايضا بسبب المس بحقوق الانسان، وبالنسبة للصين - فإن مجلس النواب الأميركي وافق هذا الشهر على مشروع قرار يدعو الى فرض عقوبات عليها بسبب المس المتواصل بالاقلية الايغورية. اذاً ربما ان اسرائيل تريد ان تحظى بعلاقة (مميزة ايجابيا) والتي تحظى بها تركيا، والتي لا تحقق معها محكمة الجنايات الدولية بسبب قتل مدنيين اكراد على اراضيها؟. الكونغرس الأميركي بقسميه اعترف مؤخرا بقتل الارمن سنة 1915 كابادة شعب، والرئيس دونالد ترامب فرض في السنة الماضية عقوبات على تركيا بسبب اعتقال القس الأميركي.
معاقبة هذه الدول لا تحتاج الى الاجراءات المنهكة لمحكمة الجنايات الدولية اذا كان هناك انفاذ انتقائي للقانون الدولي فإن اسرائيل بالتحديد هي التي تحظى به.
في ذات الشأن، من ناحية اسرائيل وحتى اذا قررت المحكمة الدولية التحقيق مع تلك الدول وحتى الحكم عليها فإن ذلك لا يغير شيئا. لأن اسرائيل لا تعترف مطلقا بالمخالفات المنسوبة لها وعلى رأسها انشاء المستوطنات في مناطق محتلة. او كما اوضح نتنياهو: «المحكمة جاءت وقالت لنا إنه ليس من حقنا العيش، واذا كنا نعيش هنا فإننا نرتكب جريمة حرب». أي، اسرائيل في الطريق الى استهانة كبيرة بالمؤسسات الدولية المجرمة والتي فقط تريد التنكيل بها.
هذا بالطبع ادعاء كاذب. المحكمة لا تنفي حق اسرائيل في الوجود في دولة اسرائيل، والتي اعترف المجتمع الدولي بحدودها، ذلك المجتمع الذي انشأ محكمة الجنايات. هو ايضاً لا ينفي حق المستوطنين في العيش في المستقبل في اراضي الضفة او على القمر، اذا وافقت اسرائيل والفلسطينيون على ذلك. ولكن في هذه اللحظة وحسب القانون الدولي هذه تشكل مخالفة. وليست لاسامية على خلفية صهيونية وليس تمييزاً ولا انتقاماً.
عن «هآرتس»