الاحتكاك العسكري الممكن بين إسرائيل وإيران

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



 تحولت ­المحاضرة السنوية في الندوة التي تعقد في ذكرى رئيس الأركان أمنون ليبكن شاحاك مع مرور السنين إلى ما يشبه احتفال التدشين لحقبة رئيس الأركان الجديد.
لقد جاء أفيف كوخافي إلى المحاضرة يوم الأربعاء قبيل انتهاء السنة الأولى لتوليه منصبه.
عرض رئيس الأركان في خطاب طويل وشامل وبليغ في المركز متعدد المجالات، هرتسيليا،  تحليلا جذريا للوضع الاقليمي.
النتيجة التي خلص إليها غير متفائلة (هل كانت النتيجة في يوم من الأيام مختلفة عن ذلك؟): يشخص كوخافي وجود ساحات نشيطة أكبر عدداً تهدد إسرائيل، وعددا أكبر من التنظيمات المعادية وعدداً أكبر من الصواريخ والقذائف وتحسينا في مستوى الدقة للصواريخ الموجودة بيد العدو.
ومثل من سبقه في هذا المنصب، فإن كوخافي كرر مقولة: «إن أحدا من أعداء إسرائيل لا يريد خوض حرب معها. ولكن، وبصورة أكثر من رئيس الأركان السابق، جادي ايزنكوت، في خطابه في نفس المكان قبل عام، فإن كوخافي سُمِع وكأنه يتحدث عن أمر محتوم عندما قدّر أن الاحتكاك العسكري بين إسرائيل وإيران من المتوقع أن يزداد هذا العام، ومن شأنه في ظروف معينة أن يتدهور ليصل إلى حرب. فيما يأتي بعض النقاط الرئيسة التي برزت في خطاب رئيس الأركان الذي استمر لمدة ساعة:

الشرق الأوسط               
 أكد كوخافي العلاقة بين الساحات المختلفة – من إيران وحتى الفلسطينيين في المناطق - واحتمالية أن يؤثر الاشتعال في إحدى الساحات على ساحات أخرى.
وهو يرى في إيران والجماعات التابعة لها التهديد الأساسي على إسرائيل. قطاع غزة في نظره هو ساحة ثانوية، والتي سيساعد التوصل إلى تهدئة طويلة المدى فيها في التركيز على المشاكل مع إيران.
 ألمح رئيس الأركان إلى احتمالية تعميق العلاقة بين إسرائيل وجزء من الدول السنية في المنطقة. وقد أكد بصورة استثنائية العلاقات العسكرية الجيدة مع روسيا، ولكنه سارع ليضيف إن الذخر الاستراتيجي الرئيس لإسرائيل – إلى جانب أذرعة الأمن – هو الدعم التي تمنحه لها الولايات المتحدة.
لقد أكثر كوخافي من ذكر عمليات هجومية للجيش الإسرائيلي، جزء منها سري، في كل الساحات وفي أماكن بعيدة عن حدود إسرائيل.
خلال ذلك قال للمرة الأولى تقريباً وبصورة مباشرة إن إسرائيل تهاجم إرساليات إيرانية أثناء تهريبها عبر الأراضي العراقية. وقال إن إسرائيل لن تسمح باستمرار هذه الظاهرة.

إيران
في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو التهديد الإيراني، فإن الجيش متمسك بعادته في إبراز برنامج الصواريخ الإيراني، والتمركز العسكري للحرس الثوري في سورية وتدخل طهران في عمليات إرهاب إقليمية.
 ألمح كوخافي إلى عجز دول الخليج والولايات المتحدة إزاء الهجمات الإيرانية على المنشآت النفطية والسفن. «كان من الأفضل ألا نكون وحدنا».

قطاع غزة
في هذا الشأن، أوضح كوخافي للمرة الأولى وعلنا، الرسالة التي يرسلها كبار ضباط هيئة الأركان العامة منذ خمسة أسابيع، منذ انتهاء التصعيد الأخير في القطاع (عملية حزام أسود). الجيش الإسرائيلي على قناعة بأن وجهة حماس هي نحو تهدئة طويلة، ويرى كوخافي وجود فرصة للتوصل إلى اتفاق غير مباشر مع حماس.
وقال رئيس الأركان «حماس تنظيم إرهابي، ولكنه منشغل في السنتين الأخيرتين بأمر واحد وهو تحسين الرفاه الاقتصادي للسكان».
وأضاف: «بالإمكان التوصل إلى تحسن كبير في الوضع الأمني في غزة بمساعدة إعطاء تسهيلات. وهذه هي سياسة الحكومة – وأنا أؤيدها».
 وصف كوخافي الفرصة كـ «هشة» وكـ»لحظة فريدة من نوعها»، أي، فترة زمنية قصيرة والتي حسب رأيه يجب استغلالها بسرعة وبنجاعة.

دور الجيش الإسرائيلي
الجيش، كما يرى قائده، يجب أن يوفر الأمن والشعور بالأمان لمواطني الدولة (في غلاف غزة، اعترف بأن الجيش وجد صعوبة في القيام بالمهمة الثانية).
في حالة نشوب حرب، عليه أن ينتصر بنتيجة ساطعة، بحيث يخلق الردع الذي ستأتي في أعقابه فترة زمنية أطول حتى وقوع الحرب التالية (احتمالية اتفاقيات سلام لم تذكر في خطابه). حسب أقواله، الجيش الإسرائيلي يردع بفضل قوته، ولكن أيضا نظرا لأن إسرائيل تعطي إشارات توضح استعدادها لتفعيله. وقد قال كوخافي: إن الهدف الرئيس للجيش الذي يقوده سيكون تطوير قدراته لتحقيق انتصار أكبر، في فترة زمنية أقصر.

تنسيق التوقعات:
هذا لن يكون سهلاً، اعترف رئيس الأركان. أيضا في هذه النقطة، يبدو أنه خطا خطوة أبعد من سابقه، في خطابات مشابهة.
تطرق كوخافي  بتفصيل نسبي لم يُتوقع، للجبهة الداخلية الإسرائيلية في حالة وقوع حرب تشمل إطلاقا مكثفا لصواريخ من الشمال، وحذّر من أن الجمهور سيكون عليه استيعاب حقيقة أن الجيش الإسرائيلي سيتعرض لخسائر كبيرة في مواجهة كهذه، وأوضح، بعد أيام معدودة من بيان المدعية في المحكمة الدولية في هاج، أنه خلال المواجهة في لبنان ستعمل إسرائيل بقوة على إخلاء السكان المدنيين من مناطق القتال في الجنوب.
وأضاف إن إسرائيل سوف تستخدم قوة نيران كبيرة في مناطق حضرية مكتظة – وقال إنه في كل مواجهة مع كل منظمة إرهابية، فإن الجيش الإسرائيلي سيهاجم منشآت بنية تحتية للدولة المستضيفة لهذه التنظيمات، أيضاً هذه أفكار طرحت في الماضي، منذ أيام رئيس الأركان غابي أشكنازي وما بعده، ولكن يبدو أن كوخافي صاغها بصورة أكثر حدة.
من الواضح في هذه الأقوال محاولة رئيس الأركان لمواءمة التوقعات مع الجمهور الإسرائيلي، وليشرح لهذا الجمهور كم ستكون الحرب القادمة قاسية وباهظة الثمن، والتي فيها ستتعرض الجبهة الداخلية إلى نيران لم تعهدها في أي وقت مضى.
هذه صراحة جديرة بالتقدير، ولكن كما يبدو، رافقها هدف ثانوي: إعداد الأرضية لمعارك الموازنة، عندما تشكل هنا أخيرا حكومة بعد الانتخابات في آذار القادم.
التحركات التي يرغب رئيس الأركان في الدفع بها قدماً، في إطار البرنامج المتعدد السنوات «تنوفا» وتعني زخما، ستكلف مليارات الشواكل. لهذا فهو بحاجة إلى إضافة كبيرة في الموازنة. صحيح أن كوخافي يبث وعوداً ضبابية إلى حد ما لتحسين موازنة الأمن، ولكن وزارة المالية كما هو متوقع تعارض بشدة – ولا أحد يستطيع معرفة فيما إذا كان نتنياهو سيكون موجوداً في منصبه بعد الانتخابات، بافتراض أنه ينوي تنفيذ وعوده التي قطعها على نفسه للجيش.                                             

عن «هآرتس»