بقلم: يوسي يهوشع
تسوية أم تفويت فرصة؟ ضيعت إسرائيل ثلاث سنوات وثمانية أشهر، بعد حملة «الجرف الصامد»، ولم تستغل الفرصة الاستراتيجية التي نشأت بعد الحرب مع «حماس» كي تدفع الى الأمام بتسوية تحقق هدوءاً طويل المدى في الجنوب. غير أنه في حينه، في آذار 2018، بدأت المواجهات على الجدار ومعها جولات القتال وإطلاق النار. والآن، يقول رئيس الأركان، أفيف كوخافي، بشكل حاد وواضح، إنه توجد فرصة متكررة ويجب استغلالها.
يدفع الجيش الإسرائيلي عملياً، بقوة، خطوة التسهيلات، ولكن «الشاباك» يعارض بعضها، وأساساً إدخال عمال يعملون في البلاد. المواجهة بين الجهازين هي التي تعيق الخطوة التي يؤيدها عموم الجنرالات ذوي الصلة، إضافة الى رئيس الاركان، قائد المنطقة الجنوبية، اللواء هيرتسي هليفي، ورئيس شعبة العمليات، اللواء اهرون حليوة، ومنسق أعمال «المناطق»، اللواء كميل ابو الركن. في الجيش يخشون من أنه اذا لم تستغل نافذة الفرصة للتسوية، ستكون النتيجة معاكسة: انفجاراً.
أعلنت اللجنة العليا لمسيرات العودة في غزة، أمس، تبنيها لخطة عمل للعام 2020، وفي إطارها تتوقف المسيرات الاسبوعية، وتجرى مسيرات في مناسبات وطنية، مرة في الشهر، ابتداء من نهاية آذار. وكتب في البيان انه ستجرى مسيرات يوم الجمعة القادم، وبعد ذلك ستكرس الفترة حتى 30 آذار للاستعداد وإعداد ملف قانوني عن «جرائم الاحتلال ضد المتظاهرين». ويدل هذا البيان على استعداد «حماس» لخطوة التسوية، التي تتعاطى مع تصريحات رئيس الاركان كوخافي، وبموجبها فان اهتمام «حماس» الاساس هو لتحسين رفاهية سكان القطاع. ثمة رغبة شديدة لدى «حماس» في عدم تصعيد الوضع والدفع بالمسيرة الى الامام.
في مسألة التسهيلات المقدمة لـ»حماس» يوجد الآن الجدال حول إدخال عمال ليعملوا في البلاد. في الجيش يدعون بأنه يمكن أخذ مخاطرة محسوبة وإدخال عمال كبار في السن دون ماض معروف من النشاط «التخريبي». ويدور الحديث عن أرباب عائلات ليعملوا في الزراعة أو في البناء، فيضخوا المال الى داخل غزة ويحسنوا الوضع الاقتصادي. في الجيش يضربون مثالا عما يجري في مناطق «يهودا» و»السامرة»، حيث التحسن في الوضع الاقتصادي هو الذي يجلب الهدوء الأمني، ويدعون بأنه يمكن استنساخه الى غزة رويدا رويدا وبحذر. وعلى حد قول مصادر في الجيش الإسرائيلي فان عاملا يعمل في البناء يخرج من غزة مثلا سيكسب ما لا يقل عن ألفي دولار تحسن بشكل دراماتيكي وضعه ووضع عائلته ويدخل الاكسجين الى القطاع. أما في جهاز «الشاباك» فيدعون بالمقابل بأن ادخال العمال ينطوي على مخاطرة شديدة بشأن تنفيذ العمليات، وان «حماس» تعمل كل الوقت على تحريك عمليات ذات مغزى. كما يقولون في «الشاباك» انهم أحبطوا في السنوات الاخيرة محاولات لاستغلال دائم للمرضى الحقيقيين لاهداف «الارهاب» – مثل نقل وسائل قتالية، اموال، وتعليمات الى النشطاء، فما بالك ان يستغل عمال أصحاء ومحصنون لـ «الارهاب» ولجمع المعلومات والمسؤولية عن كل شيء هي عليهم؟ في «الشاباك» يشجعون دخول التجار، وصادقوا على زيادة عدد التجار المسموح بدخولهم الى إسرائيل، انطلاقا من الفهم بأن هؤلاء يحركون الاقتصاد، وينتجون أماكن عمل، ولكنهم يدعون بأن ليس للعامل ما يخسره، ومن شأنه أن يفعل كل شيء كي يكسب مزيدا من المال.
وتجدر الاشارة الى أن عموم أجهزة الامن تؤيد التسوية، بما في ذلك منسق الأعمال في «المناطق»، الذي يؤيد موقف الجيش في مسألة العمال. غير أنه بينما يبدي الجيش استعداداً لأخذ مخاطرة محسوبة من أجل التقدم، في «الشاباك» يطلبون التصرف بشكل حذر وبطيء أكثر، ما من شأنه في نهاية المطاف أن يؤدي الى تفويت آخر للفرصة الناشئة الآن.
لماذا، الآن، بالذات توجد فرصة؟ الجواب على ذلك يكمن في تصفية بهاء أبو العطا، كبير الذراع العسكرية لـ «الجهاد الاسلامي»، قبل شهر ونصف. وكان رئيس الاركان كوخافي وصف التصفية كخطوة استراتيجية وليس تكتيكية، تتمثل بإخراج جهة تدق طبول الحرب بخلاف موقف «حماس» المعنية بالفعل بالتسوية. وهذا الاسبوع كانت إشارة من «الجهاد الاسلامي»، حين اطلق «الجهاد» النار نحو اجتماع لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في عسقلان، وتسبب له للمرة الثانية في غضون ثلاثة أشهر بالنزول عن المنصة في اجتماع عام. الجيش و»الشاباك» قالوا كلمتهم. وسيكون نتنياهو هو الذي يتعين عليه أن يحسم.
عن «يديعوت»