هل ستحاكم القيادات الإسرائيلية فعلاً؟؟!

حجم الخط

بقلم: الأسير جمعة تايه

 

لست سوادوياً، ومهما تجبر الاحتلال بشعبنا ومارس كل أشكال القمع والإرهاب والاذلال، يظل الفلسطيني متفائلاً، ويردد أن القادم أجمل، وأن الاحتلال زائل لا محالة مهما طال الزمن، فإن سنن التاريخ علمتنا أن الظلم لايدوم، ولابد أن يأتي يوم تثور فيه الجماهير، ويتغير ميزان القوى وتتهيأ الظروف لصالح شعبنا المناضل، ولكن هذا مرهون بالعمل الدؤوب والكفاح المستمر والتضحيات الجسام.

إن قرار المحكمة الدولية في لاهاي، بأنه يرتكب جرائم حرب في غزة والضفة والقدس، من قبل دولة الكيان الصهيوني، وجيشها ومستوطنيها، وأن الخطوة التالية ستكون فحص ودراسة الشهادات والتقارير المقدمة للقضاة من قبل الفلسطينين، حيث يكون من الممكن تقديم ضباط إسرائيليين للمحاكمة.

إنه قرار بالاتجاه الصحيح، وهو فعلاً خطوة متقدمة وربما تكون جريئة، رغم أنها جاءت متأخرة بعد ١١ عاما من رفع هذه القضايا لمحكمة لاهاي.

تحاول دولة الاحتلال وصحافتها تصوير الامر وكأنه صاعقة وقعت عليهم أو أن دولتهم ستنتهي بعد أيام قليلة، برعم كل الاجرام والإرهاب الذي يمارسونه بحق شعبنا، يحاولون أن يظهروا للعالم أنهم الضحية، وأنهم المعتدى عليهم. حتى أنهم يبحثون عن ماضي المدعية الافريقية التي أصدرت القرار، وقالوا أنها خدمت شخصية ديكتاتورية في غامبيا لعدة سنوات، وفجأة خرجت علينا تعلمنا حقوق الانسان، وتدين دولة إسرائيل الديمقراطية، متناسية ارتكابها جرائم هي الأخرى، وتساءلوا لماذا لم يحاكموا ايران وسوريا وتركيا وحزب الله وحماس.

ولكن من جانب آخر، هل فعلاً ستحاسب القيادات الصهيونية؟! أم أن القرار سيظل على الرفوف وفي ملفات القضاء بعيداً عن الواقع والأرض والحقائق؟؟

وماهي الاجراءات القضائية التي يمكن أن تتخذها المحكمة الدولية ضدهم؟؟ السجن مثلاً؟! غرامات مالية؟! أم منع من السفر لدول أوروبا؟؟

لقد قامت إسرائيل بعملية التطهير العرقي في فلسطين عام ١٩٤٨، ودمرت ٥٣٢ قرية ومسحتها عن وجه الأرض، وشردت ٨٠٠ ألف فلسطيني.. ومازالت تستخدم الأسلحة المحرمة دولياً وترتكب المجازر وعمليات القتل والطرد والإبعاد والهدم على مرأى ومسمع العالم كله، ولم نر إلا الشجب والاستنكار، ولم يتقدم أحد بخطوة عملية واحدة.

تبجحت دولة الاحتلال بكل جرائمها. وتجسست على كل دول العالم، حتى على أمريكا، واغتالت عشرات القيادات في دولة أوروبا والدول العربية، ولم نسمع باعتقال وسجن ضابط إسرائيلي!! أو ادانته فعلياً!!

لقد علمتنا التجارب والتاريخ منذ مئة عام، أن هؤلاء القوم لا يفهمون إلا لغة القوة ولا يحسبون حساباً للضعيف والمستجدي ولا يتنازلون لأحد، "ولا يأتون الناس نقيرا"

وكذلك المؤسسات الدولية لم تصنع لنا شيئا. وقد ذكر الرئيس الفلسطيني أبو مازن في احدى خطاباته " أن هناك ٩٤ قرارا صدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمؤسسات الدولية لصالح الشعب الفلسطيني وقضيته ولم يطبق منها قراراً واحداً!!

فما هو السبب يا ترى؟؟ أهو ضعف الشعب الفلسطيني وفصائله وأنه لا يشكل ضغطاً وحرجاً للاحتلال وللدول الداعمة له؟؟ أم بسبب عربدة إسرائيل وتبجحها وقوتها الباطشة؟؟

أم هو الفيتو الأمريكي الذي يصطف لصالح دولة الاحتلال في كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.

لست سوداوياً.. ولكني لست متفائلاً من أن محكمة لاهاي ستحاكم مجرمي الحرب الصهاينة!! للأسباب المذكورة سابقاً.

وهذا لا يعني أن نتنازل عن هذه الوسيلة في النضال والكفاح، فالمعركة طويلة وبحاجة لكل الجهود وكل الوسائل الدبلوماسية والسياسية والقانونية والإصرار على انتزاع الحقوق.

وكما أن لدينا الاصرار على أن نظل نطرق أبواب المؤسسات الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال، كذلك لا بد أن يرافق ذلك على الأرض الفلسطينية مقاومة شعبية شاملة تجبر الاحتلال على التوقف عن توغله في دماء أبناء شعبنا وتحاكمه على الأرض وفي المحاكم الدولية.