عقد أسود... أسود من قرن الخروب!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

بانتهاء اليوم ، تنتهي آخر سنة في العقد الثاني من المئوية الاولى من الالفية الثالثة ، لندخل السنة الاولى في العقد الثالث الجديد ، ولكي لا نطيل كثيرا ، فلقد كان عقدا عربيا خرائبيا تدميريا سيئا بامتياز ، انقضّت منذ مطلعه قوى الشر المعهودة عالميا والربيبة العنصرية المزروعة اقليميا، ومعهما ما تيسر من صنائع واذناب محلية عربية مرة ودينية مرة اخرى لتمزق الوطن الكبير شر تمزيق في كل جنباته الاربعة دفعة واحدة ، معلنة على الاشهاد وبدون اي لف او تورية: نريد خيراتكم، نحن أحق بها منكم. وفي الهزيع الاخير منه ، كانوا أكثر وضوحا حين قالوا نريد نقدكم ايضا "الكاش"، ووصل الامر بهم ان يهدوا بعضهم قدس العروبة والاسلام ، و الجولان المتاخمة لبحيرة طبريا وفي الطريق غور الاردن المتاخم للبحر الميت .

تخيلوا ان عملية التمزيق التي طالت معظم اقطار هذا الوطن مستمرة وتجري على قدم وساق منذ مطلع العقد حتى آخر يوم فيه، كما مع ليبيا وسوريا واليمن ومصر والعراق ولبنان والسودان، راح ضحيتها عشرات الاف الارواح العربية في كل قطر، دمرت المدن على رأس سكانها، نزح الملايين ، نهبت الثروات، بما في ذلك الآثار التي اطلقوا عليها "الاصنام" والتي قيل ان بعضها لا يقدر بثمن، عاش الناس آلام الفقد واليتم والثكل والترمل، واصبح هذا الوطن أشبه ما يكون بمقبرة جماعية كبيرة او مآتم للعزاء المفتوح، ظنا أنها آمنة، لكن ، لكم من مرة تفجرت المقابر والجنازات والمآتم ودور العبادة الاسلامية والمسيحية ، السنية والشيعية والقبطية والرومية والدرزية ، المستشفيات والمدارس والجامعات والاسواق .

بدت احلامنا في الحرية والانعتاق والنماء والرخاء احلام يقظة، او كوابيس نرجو سرعة مغادرتها، خاصة ما عرف بصفقة القرن، التي شهد العقد تطبيق معظم بنودها على الارض قبل ان ترى النور، كالتطبيع العربي الرسمي الذي نلمحه في الكثير من عواصم العرب، في انتظار الترسيم وتبادل التمثيل ورفع الاعلام الاسرائيلية في السماء العربية.

هل ينتهي سواد هذا العقد بانتهائه؟ هذا ما يتمناه كل عربي وعربية، ولهذا بالتحديد، نتبادل التهاني بانتهائة ونتمنى لبعضنا عاما سعيدا وعقدا واعدا، ولكن "بحر الاماني ليس له مواني"، وعلى مدار سنوات العقد العشر التي انقضت، كنا في كل سنة نقدم لبعضنا التهاني والامنيات السعيدة، دون ان يتحقق شيء ، بل لقد لجأ الكثيرون الى تدخيل الجن في قضايانا الاجتماعية، واجهزنا على تطلعات نصفنا الآخر، وخرجت قوى الكهف من جديد تصر على تزويج الطفلات وفتح مستشفى امريكي قي غزة .

سيستمر الوحش الامبريالي، في تمزيق هذا الوطن في العقد الجديد، إذ ان عقدا واحدا لا يكفيه، فالوطن الذي اصاب الشلل نصفه، لن يستطيع النهوض على ساق واحدة قبل ان يعالج الساق الاخرى، وهذا أضعف الايمان . وكل عام والجميع بخير .