شاهدوا: فيلم "الفلوس" الفنان المصري "تامر حسني " في فيلم جريمة

تامر حسني
حجم الخط

القاهرة - وكالة خبر

حقق فيلم تامر حسني السابق "البدلة" إيرادات قياسية، واحتل لفترة الترتيب الأول في أعلى إيرادات للأفلام المصرية، لكن يجب أن نقول أن الفيلم كان يحتاج إلى قراءة أخرى، إذ وهو فيلم كوميدي جيد ولكنه ليس استنثائيًا بحال، استطاع التفوق على عدة أفلام ذات مستوى أكثر جودة، ولنجوم ذو جماهيرية كبيرة مثل محمد رمضان الذي عرض له في نفس التوقيت "الديزل".



ربما ليس هذا هو الوقت لهذه القراءة لفيلم "البدلة"، ولكن نجاح ذلك الفيلم والأفلام السابقة له من بطولة تامر، يؤكد أنه كممثل يتمتع بجماهيرية كبيرة لا يمكن إغفالها تنافس جماهيرية أبرز نجوم السينما. لكن هل هذا يعني بالضرورة أن تامر ممثل جيد؟ أو أنه كاتب قصة متمكن؟ فهو من كتب القصة لفيلم "البدلة" رغم كونه مقتبس من فيلم أجنبي كما كُتب على تتراته، وهو أيضًا من كتب القصة لـ"الفلوس".

دعونا نجيب عن السؤالين السابقين من خلال أحدث أفلام تامر "الفلوس".

السطور التالية قد تحتوي على كشف لبعض أحداث الفيلم.

أن تكتب فيلم سرقة
بنظرة سريعة على أفلام تامر السابقة سنجدها تنتمي عادة إلى النوع الرومانسي، وهو أمر لا يعيبه، في الأساس هو مطرب، ومن خلال تاريخنا السينمائي، سنجد أن الجمهور عادة ما يحب مشاهدة المطربين في أدوار رومانسية، وإن كانت هذه الأفلام تنجح بالفعل، فلا ضرر لدى المنتجين من إعادة تدويرها وتقديمها مرة أخرى، أغلب أفلام فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ متشابهة إلى حد ما، ومع ذلك لم يطالبهم الجمهور بتغيير ما يقدماه أو الظهور في أفلام بوليسية مثلًا.

رغم أن تامر اختار الرومانسية أيضًا، لكنه حاول الخروج من فخ التكرار بالبحث عن أفكار مختلفة في أفلامه، وهو ما شاهدناه في "تصبح على خير" الذي كان رومانسيًا أيضًا لكنه اعتمد على فكرة طريفة، ثم "البدلة" الذي كانت الكوميديا فيه تعلو على الرومانسية، وأخيرًا قرر الدخول إلى نوع الجريمة، وتحديدًا أفلام السرقة.

تدور أحداث الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار محمد عبد المعطي، حول سيف (تامر حسني) الذي يعمل نصابًا، وتستعين به حلا (زينة) للنصب على شريكها سليم (خالد الصاوي) الذي هو أيضًا شريك سيف في عمليات النصب للتتقاطع المصالح بين جميع الشخصيات.

عادة ما تكون أفلام السرقات جذابة بما تحمله من مفاجآت وخطط ذكية والتواءات (Twist) قرب نهايتها، لكن لو كانت هذه التفاصيل أقل ذكاءً من المعتاد، فإن الأمر يتحول للضد مباشرة، فكيف ظهر "الفلوس"؟

اعتمد السيناريو على تقديم شخصية النصاب بحيل ليست مبهرة ولا جديدة، يكفي أن نقول إنه في الوقت الذي تعتمد فيه أغلب الهواتف الذكية على بصمات الأصابع والتعرف على الوجه لفتحها، يصادف سيف فتاتين ساذجتين لا زالتا تستعملان الأرقام السرية لإغلاق الهاتف، وكلتاهما أيضًا تستعملان نفس الأرقام لإغلاق خزائنهما. هكذا بمنتهى السهولة ينجح في سرقتهما، وهكذا ندرك الطريقة التي كُتبت بها شخصية النصاب في هذا الفيلم.

الأمر لا يتوقف عند العمليات الفرعية التي نتعرف بها على شخصية سيف، بل على العملية الرئيسية التي تقوم عليها أحداث الفيلم، حلا تريد سرقة سليم وسليم يريد سرقتها أيضًا، وسيف هو العامل المشترك بينهما، لا تسرح بخيالك عزيزي القارئ الأمر أبسط مما تتخيل، سيُقنع سيف كلًا منهما بالتوقيع على الشيك الذي يحتوي على المبلغ المراد تحصيله ويذهب هو لصرف الشيك مع وعد لكل منهما بأنه سيمنحه مبلغ الشيك بالكامل، هكذا هو الأمر بمنتهى السهولة، لا خطط ذكية لتزوير التوقيع، ولا حيل لسرقة البنك، الأمر كان يمكن أن ينتهي مبكرًا لكن السيناريو امتلأ بتفاصيل أخرى لزيادة مدة الفيلم، زيادتها إلى حد تقديم مطاردة بالسيارات في شوارع لبنان تمتد إلى يوم كامل في سابقة لم أشاهد مثلها من قبل حتى في أقوى أفلام الأكشن.

يمكن حذفه
لدينا شخصيتان ليس لهما أدنى تأثير على الأحداث، وهما حامد (محمد سلّام) وفايزة (عائشة بن أحمد) وقد حاول كاتب السيناريو إضافة بعض التفاصيل للشخصيات لكنها لم تضف إلا إلى حالة الضعف المنتشرة في الفيلم، فلن نفهم أبدًا دوافع حلا للاستعانة بشخصية ساذجة مثل حامد، كما إن الطريقة التي ينقلب بها عليها في النهاية لم تكن مقنعة على الإطلاق، أما شخصية فايزة، فحتى لو قبلنا بأنها ساعدتها في الحصول على النقود في النهاية فإن هذا لا يبرر كتابة شخصية كاملة لم تكن ذات تأثير، بل إن محاولات خلق تأثير لها كانت شديدة السذاجة، كأن تذهب إلى سليم، الذي يشك بالفعل في سيف وتخبره أن هذا الأخير قرر أن يأخذ كل النقود لصالح حلا، لم تقدم له تسجيلًا صوتيًا مثلًا حتى تدعم كلامها، بل مجرد الكلام، هذا هو ما أضاف شكًا إلى شك سليم، لكنه لم يضف إلى شخصية فايزة.

بالإضافة للشخصيات التي يمكن حذفها، سنجد أيضًا الكثير من المشاهد غير المجدية، أبرزها بالطبع الصدفة الغريبة التي يكتشف بها سليم أماكن إخفاء زعيم العصابة خريتسو (كميل سلامة) لنقوده، وحتى تُضاف غرابة إلى الغرابة، يأتي سليم مع سيف لسرقة هذه النقود، ليجدا أن خريتسو نقلها بالفعل، فما الداعي من هذه المشاهد إن لم تكن ستحدث تأثيرًا؟ هي أيضًا يمكن حذفها مع الشخصيات سابقة الذكر.

يمكن إضافة الكثير من المآخذ على سيناريو الفيلم وعلى المخرج سعيد الماروق الذي استخدم "الدرون" لسبب ودون سبب، لكن دعونا نعود إلى المقدمة، ماذا عن تامر حسني من كل هذا؟

أن تكون تامر حسني

في الحقيقة ينتمي هذا الفيلم إلى تامر حسني أكثر من أي شيء، منذ بداية الفيلم، نجد جميع الفتيات يقعن في حبه منذ النظرة الأولى، دون حتى أن يبذل مجهودًا معهن، يكفي أن يصطدم بإحداهن دون قصد فتقع في غرامه وتطلب رقم هاتفه. لا يتوقف طيلة الوقت عن إلقاء التعليقات الجنسية التي من المفترض أن تكون ذكية ومضحكة بينما هي غير ذلك، حتى أننا نجد لقطات مضافة فقط ليلقي تامر بتعليقاته تلك، فنجد فتاة تظهر من اللامكان وتطلب منه التصوير معها ليلقي بجملة من المفترض أن تكون مضحكة. وفي الحالات التي لا يلقي فيها تامر تعليقات جنسية فإنه يلقي تعليقات ساخرة على الجميع، وخاصة الفتيات، وأيضًا من المفترض أن تكون مضحكة ولكنها أبعد ما يكون عن ذلك، وأيضًا نجد مشاهد مضافة فقط تمهيدًا لهذه التعليقات، مثل مشهد زيارة حلا لسيف في بيته في نفس اللحظة التي يداهمه فيها مجهولون، ليأخذها من باب خلفي إلى السيارة ويقول ساخرًا "بتدوسي فرامل وبنزين مع بعض؟ بتاخدي سكرين شوت؟"، لم نعلم من هم هؤلاء الذين هجموا عليه في منزله ولا كيف عاد بعد ذلك إليه، فليس هذا ما يهم، المهم هنا أن يلقي تامر تعليقه على فتاة تجيد القيادة، لكنه يراها تضغط على دواستي البنزين والفرامل معًا.

لكن إذا انتهى الفيلم هكذا فسينقصنا ملمحًا مهمًا من أفلام تامر، وهي الرسالة، فلا بد أن تكون هناك رسالة ما، وفي "الفلوس" سنجد عدة مشاهد وحورارات بين سيف وسليم حول ما إذا كان الإنسان مصيرًا أم مخيرًا، وهو ما يبدو قضية عميقة لكننا عندما ننظر إلى الفيلم لن نجد أي انعكاس لهذه القضية أو هذه الحوارات، مجرد محاولة لإضفاء فلسفة ما على الفيلم، وكأن الفيلم لو كان غرضه التسلية فقط لأصبح جريمة.

الجريمة الحقيقية هي ألا تدرك أماكن موهبتك وتعمل عليها، يحاول تامر أن يكون كل شيء، مطرب وشاعر وملحن، ثم ممثل وكاتب قصة وكوميديان أيضًا، وفي الحقيقة أن جماهيريته كمطرب هي ما يسمح له بأن يقدم أفلامًا تلقى النجاح -وإن كان بعضها جيد بالفعل- جماهيريته وليست موهبته كممثل، ومرة أخرى نقول إنه لا يوجد ضرر كبير في ذلك، فلا نعتقد أن عبد الحليم أو فريد كانا يؤمنان أنهما ممثلان موهوبان بالفعل، لكن تامر يريد أن يفعل كل شيء، لا نود أن نبدو وكأننا نلومه على اختياره تقديم نوع سينمائي جديد عليه، لا ضرر في ذلك، لكن الأولى هو معرفة مدى قدرتك على تقديم هذا النوع، وعلى معرفة قواعد هذا النوع التي غابت تمامًا عن هذا الفيلم.
المصدر: في فن