2020 عام التيه

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

رامي مهداوي

لا أستطيع لعب دور ميشال حايك أو ماغي فرح بتقديم توقعات عام 2020 للعالم، لكن من خلال واقعنا الفلسطيني وطريقة تعاطينا معه أستطيع مشاهدة مستقبل لا يُبشر لنا بالخير إذا ما بقينا نتعامل مع هذا الواقع كما نحن نتعامل معه الآن.
بالتأكيد استطاع شعبنا التعامل مع العديد من المنعطفات الخطيرة في مسيرة الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن تراكمات كل ذلك أوصلتنا لما نحن عليه الآن، لا حرب ولا سلام مع الاحتلال، لا مفاوضات مع المحتل لكن نتحدث معه بشكل يومي، يغتصب أرضنا يومياً وما زلنا نقول الاحتلال يهدد عملية السلام.
انقسام الضفة وغزة أصبح أكبر من انقسام سياسي لحركتي "فتح" و"حماس"، أخذ طرقاً جديدة ضمن عناوين مؤسسة لشكل جديد لمفهوم التحرر من الاحتلال، أشبه ما يكون دُويلة في غزة ودُويلات بما تبقى من الضفة، ومع كل هذا يتم التعامل مع المصالحة بأنها نوع من الإكسسوارات التجميلية لبشاعة ما أوصلونا له الآن.
فقدان الثقة بالسلطة الفلسطينية وبأهم أداة لها الحكومة، أضعف أي عمل تقوم به الحكومة الحالية، جعل المواطن في حالة كُفر دائمة بها، ما أفقده شعور المواطنة، ولن أكون مُتطرفاً أو خيالياً عندما أقول بأن حالة الرفض للسلطة أصبحت حالة جعلت نسبة المُتنمرين على السلطة تتزايد بشكل ملحوظ.
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" تدخل عامها الـ 55 وهي في حالة من الإرهاق والكهولة وعدد من الأمراض أصابها، لكن جميع أبنائها يريد لها التجديد والتجدد والاستنهاض، لأنها هي عامود خيمتنا الأساس على الرغم من محاولة البعض اغتيالها ضمن تبريرات الحفاظ عليها. أخشى بأن تتمزق الحركة وخصوصاً اذا ما ذهبنا لانتخابات تشريعية ورئاسية دون أن تقوم الحركة بوظيفتها داخل بيتها.
أصبحنا نتقن قتل أنفسنا بأيدينا، تدمير مؤسساتي واضح لا نريد للمؤسسة الحكومية أو الأهلية أو الخاصة أن تنجح، نحارب بعضنا كأننا في حرب باردة داخلية دون أن نتكاتف مع بعضنا البعض، بل على العكس كلياً؛ فجعلنا من أنفسنا جيوشاً تدمر ذاتها ضمن مفاهيم الوطنية والدينية والعقائدية والحزبية والعائلية والقبلية والعادات والتقاليد والعنصرية.
_متمنياً أن أكون على خطأ_ وبناءً على ما سبق إلاّ أنني أجد أن عام 2020 سيكون عام المتاهة الفلسطينية والضياع في ظلام جديد سيأخذنا الى أماكن جديدة لا نستطيع تجاوزها ما لم نُغير ونعالج ما ذُكر في المقال الى أفعال عملية من أجل التغيير والنهوض بالحالة التي وصلنا لها، وإن لم نقم بما يجب أن نقوم به أستطيع القول وبحزن أن هذا العام عام بداية التيه في أماكن مختلفة جديدة تأخذنا إلى طريق النهاية واللاعودة.