سليماني - المهندس .. قطار عربي إيراني انطلق!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

يواصل الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، صعوده أكثر فأكثر على الشجرة ، فيهدد إيران بقصف 52 هدفا داخلها، ويهدد العراق بفرض عقوبات عليها بعد قرار مجلس نوابها اخراج القوات الاجنبية والا عدت احتلالا تجدر مقاومته .

لم يبدأ ترامب صعود الشجرة باغتياله القائدين الايراني قاسم سليماني والعربي ابي مهدي المهندس في السنة الاخيرة من مدة محكوميته، بل بدأ ذلك منذ السنة الاولى ضد العرب بشكل خاص والمسلمين عموما ، واعلانه عن "صفقة قرن" فيما يخص حل القضية الفلسطينية ، ترقبها البعض بفارغ صبر ، ليتبين انها "صفعة قرن" ، إذ اهدى فيها القدس عاصمة للكيان ، وفي السنة الثانية نقل سفارته اليها وحل وكالة غوث اللاجئين ، وفي السنة الثالثة اهدى هضبة الجولان السورية واعلن عن شرعية المستعمرات في الضفة الغربية .

لم يعرف ترامب انه باغتياله للقائدين الايراني والعربي قد دشن مرحلة تأريخ جديدة لبداية عد تنازلي لنهاية صلاحية امريكا في المنطقة العربية و مؤذنا بانطلاق القطار من الطراز الجديد ، قطار عربي ايراني ، محطته الاولى بغداد التي على ارضها التاريخية تمت جريمة الاغتيال ، وعلى الارض نفسها جاءت عملية التشييع التي لم تشهدها ارض العراق من قبل ، ملايين الغاضبين نزلوا الى الشوارع يهتفون ضد امريكا وربيبتها المدللة اسرائيل . وخلال يومين التأم مجلس النواب واتخذ قرار طردها .

في المحطة الثانية "دمشق" التي على مدار ثماني سنوات تكنس بقايا مؤامرة الارهاب الديني ، التي رعتها امريكا اوباما قبل مجيء ترامب، في تأسيس داعش، ثم الجيش الحر ثم النصرة التي طلبت اليها تغيير اسمها فقط فاصبحت "تحرير الشام"، تكالب هذا الارهاب عليها من حوالي ثمانين دولة، وبعد ان تم اقصاء سوريا من الجامعة العربية وتعيين ممثل المعارضة في عضويتها، تمت محاصرة قطر خليجيا، فكشف رئيس وزرائها الاسبق : اختلفنا على الطريدة قبل صيدها.

المحطة الثالثة بيروت، "ست الدنيا"، وفق الشاعر الكبير نزار قباني، التي انتصرت لسوريا ممثلة في المعادلة الذهبية "جيش وشعب ومقاومة" في بواكير الازمة ، فمنعت تمدد هذا الارهاب الى تخوم الدولة ، لكن امريكا لم تستسلم ، فركبت موجة مظاهرات الفقراء ودرء الفساد، تماما كما انها لم تستلم في الشمال السوري، حيث يريد ترامب ابار نفطها.

المحطة الرابعة غزة التي انتصرت ايران لها علنا بالعتاد والمال والتدريب والتصنيع، واصبحت من خلال فصائلها المسلحة قادرة على ان تردع اسرائيل وتدرأ مخاطرها. لكن امريكا هناك تعكف على اقامة مستشفى يحمل اسمها.

المحطة الخامسة صنعاء التي خلال شهرين سيدخل العدوان عليها سنته الخامسة دون ان يأخذ منها "لا حق ولا باطل" وفق القول الشائع. من يدري ربما هناك محطات اخرى في طريق هذا القطار ، كعمان مثلا الذي يتربص بها ترامب نقل وصاية الهاشميين على الاماكن المقدسة في القدس الى السعوديين، والقاهرة التي لا يمكن ان تستقيم معادلة العرب في الطريق الى محطة القدس، بدونها .

أما اولئك الزاعقين الفرحين بمقتل سليماني / المهندس ، فالقطار لا يسمع زعيقهم ، لأنه انطلق .