اغتيال سليماني يضع «حماس» في معضلة

حجم الخط

بقلم: جاكي خوري


وجد قادة "حماس" في قطاع غزة أنفسهم في معضلة في نهاية الأسبوع الماضي، في أعقاب اغتيال قائد "قوة القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، على أيدي الولايات المتحدة. فقد جاء هذا الاغتيال في توقيت حساس بالنسبة لـ"حماس"، التي تجري الآن اتصالات مع إسرائيل من أجل تطبيق تسوية في القطاع.
قرار رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، المشاركة في جنازة قاسم سليماني، أول من أمس، في طهران، يمكن أن يستدعي ردوداً غير متوقعة من مصر وإسرائيل.
تشمل الاتصالات، التي تجري بين إسرائيل و"حماس"، مؤخراً، بمشاركة المخابرات المصرية ومبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، تسهيلات لسكان القطاع، والدفع قدما بمشاريع مدنية.  ولكن من ناحية عسكرية – استراتيجية فان تأثير إيران على "حماس" وعلى "الجهاد" هو تأثير دراماتيكي.
فطهران تقوم بضخ الأموال للأذرع العسكرية للمنظمتين، ويعيش قادة كبار فيهما في دمشق وبيروت بحماية المخابرات السورية أو "حزب الله". لذلك، فإن مشاركة هنية والسكرتير العام لـ "الجهاد الإسلامي"، زياد النخالة، في جنازة سليماني غير مفاجئة بشكل خاص، لكنها ستختبر بتداعياتها، لا سيما في مصر.
يوجد هنية خارج القطاع منذ شهر، عندما تلقى الضوء الأخضر من مصر للقيام بجولة في عدد من الدول العربية والإسلامية.
وقد وصل إلى طهران بمرافقة قيادة المكتب السياسي لـ"حماس". وقالت جهات من "حماس" في القطاع، ممن تحدثوا مع "هآرتس"، إن الزيارة حددت كما يبدو على خلفية اغتيال سليماني، ولم يستبعدوا إمكانية أن إسماعيل هنية قد أبلغ القاهرة بنية خروجه من الدوحة، عاصمة قطر، حيث كان يقوم بزيارتها، مؤخراً.
"موقف مصر لا يتوافق بالضرورة بشكل أوتوماتيكي مع موقف إسرائيل، حيث إن هذه الزيارة لن تحظى بالضرورة برد مضاد من قبل مصر"، قالت تلك المصادر التي أكدت أن "هنية قام بزيارة تركيا وقطر، اللتين حسب موقف مصر أكثر خطراً من إيران. وحسب أقوال المصادر "لا يوجد أي سبب كي لا يضبطوا في مصر أنفسهم أو يتغاضوا، طالما أنهم في "حماس" يحافظون على الخط الموجه والاتفاقات مع القاهرة".
وحسب مصادر في "حماس" فإن الاتصالات لترسيخ التهدئة بين مصر و"حماس" دخلت في مرحلة متقدمة، ففي السنة الأخيرة دفعتا قدما خطوات في  المجال الأمني والاستخباري، وأيضا ترتيب النشاطات في معبر رفح، بما في ذلك إدخال البضائع بمبالغ كبيرة، وهم معنيون بمواصلة القيام بذلك.  وحسب هذه المصادر، يقود رئيس "حماس" في القطاع، يحيى السنوار، المفاوضات عن "حماس".
"المعضلة غير سهلة لسبب واحد أساسي وهو أن "حماس" التي تعتبر نفسها منظمة مقاومة شعبية لا يمكنها التنازل عن إيران وحزب الله من وجهة نظر عسكرية واستراتيجية، لكن من جهة ثانية، منذ عقد تقريبا تتولى "حماس" المسؤولية المدنية عن أكثر من مليوني إنسان، ومصر هي المرساة التي من دونها لا يمكن لـ "حماس" أن تحكم بصورة فعلية"، قالت المصادر، وأضافت: "التوجه هو السير بين القطرات والحفاظ على نظام توازن مشدد، والدليل على ذلك هو أنهم في "حماس" وفي "الجهاد" أظهروا الغضب والإدانة لعملية الاغتيال، لكن لم يخطر ببال أي منهما القيام برد عسكري".
مصدر مصري مقرب من السلطة والمخابرات أكد في محادثة مع "هآرتس" تقديرات "حماس" التي تقول إن مصر لن تقوم بالرد على زيارة طهران بشكل رسمي، ولن تتخذ على الفور خطوات حاسمة ضد هنية وقيادة "حماس".
وأضاف إنه ربما أن رئيس المكتب السياسي سيضطر إلى الانتظار فترة طويلة إلى حين السماح له بالعودة إلى القطاع أو الخروج منه في المستقبل القريب.
"هنا توجد مسألة مركبة. فمن جهة توجد التصريحات العلنية – رئيس "حماس" وصل إلى طهران وامتدح سليماني وهاجم الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن جهة أخرى، توجد النشاطات على الأرض للحفاظ على التسوية والتهدئة ومنع انهيار القطاع بوساطة مصرية ودولية"، قال المصدر المصري، وأضاف: "فعليا، في "حماس" معنيون بتسوية مقابل تسهيلات، وفي مصر يفهمون ذلك لكنهم لا يعملون على كسر هذه الصيغة".
عن "هآرتس"