إسرائيل بحاجة إلى التصرّف بمسؤولية وطنية

حجم الخط

بقلم: اليكس فيشمان


حين تقرر شعبة الاستخبارات «أمان» بأن هناك احتمالاً متدنياً للحرب في السنة القريبة القادمة، كنتيجة لمبادرة من العدو، فهذا لا يعني أنه لن تكون حرب. فحارتنا غير مستقرة ومتأثرة بسلسلة متغيرات، بدءا بالانتخابات في الولايات المتحدة وانتهاء بصراعات القوى في العراق، لدرجة ان مواجهة عسكرية يمكن ان تنشب في كل نقطة زمنية نتيجة لشرارة غير متوقعة.
تقديرات «أمان» لا تأتي لأغراض المعنويات؛ فهي تشكل أداة لبناء القوة العسكرية. ولكن أكثر من هذا: «أمان» كـ»المقدر الوطني» تطلق قولا واضحا من المستوى المهني الى القيادة السياسية: 2020 هو عام آخر توجد فيه لكم نافذة فرص للعمل بلا ضغوط من تهديد عسكري فوري. إذا كنتم ستختارون السير في مبادرة سياسية هذا هو الوقت. واذا أردتم ان تستغلوا حقيقة ان احتمال الحرب متدن كي تستثمروا في التنمية الاقتصادية، التعليم والصحة، فهذا هو الوقت. أما نحن، الجيش، فننفذ دورنا في الصفقة. نعطي الأمن والردع ونشتري الزمن. إذاً، استغلوه. وإذا ما اقنع وزير الدفاع بينيت «الكابينت» بمهاجمة الإيرانيين في سورية فلهذا أيضا يمكن الاستعداد لضمان النتيجة المرغوب فيها.
هل ستقوم هنا حكومة تعرف كيف تستغل نافذة الفرص هذه؟ من تجربة العقد الماضي من المشكوك في ذلك جداً. إذ في العقد الأخير أيضا، الذي كان هادئا نسبيا، أضاعت الساحة السياسية حرية العمل الذي حققها لها المستوى العسكري. في العقد الأخير، بخلاف العقود التي سبقته، لم تكن هنا انتفاضة جبت ثمناً دموياً باهظاً. في العقد الأخير وقعت هنا حملتان – «الجرف الصامد» و»عمود السحاب» – مقابل العقد الذي تضمن انتفاضة وحرب لبنان الثانية. ناهيك عن العقد الذي سبقه والذي في أثنائه غرقت إسرائيل في الوحل اللبناني وكانت الحياة في الشمال كابوسا.
في العقد الأخير، انخفض مستوى «الإرهاب» في الضفة رغم موجات العمليات الفردية. وحتى المواجهة في غزة، بأضرارها، لا تقترب من الجهد الوطني اللازم لمواجهة الانتفاضات. والجبهة الشمالية أيضا كانت شبه هادئة تماما: أعمال الجيش الإسرائيلي في سورية لم تلمس حقا مواطني الدولة. لقد تميز العقد الأخير بـ»قبة حديدية» – المنظومة التي غيرت مجرى التفكير في القيادة العسكرية السياسية. فجأة لم تعد حاجة للخروج الى حملة بسبب كل صاروخ. الصواريخ تعترض فتقرر القيادة: هل كيف ومتى نرد. هذا يسمى حرية عمل. هذا سيحصل أيضا للصواريخ الدقيقة في سورية: لن تضطر إسرائيل للخروج إلى حروب كي تحيدها. ثلاثة عقود، وبالأساس في العقد الأخير، يهددون بالنووي الإيراني، والحقيقة هي أن ليس لهم، ومن المشكوك فيه ان يكون لهم لأسباب سياسية وداخلية.
أضاعت القيادة السياسية حرية العمل، التي كانت لها في العقد الأخير كي تغير، بشكل جوهري، المكانة الاستراتيجية لإسرائيل. ويبدو أن «الاحتمال المتدني» للعام 2020 تتم إضاعته على حملة انتخابات أخرى، وهذا ما يسمى مسؤولية وطنية.

عن «يديعوت»