يسعى الرئيس ترامب إلى الفوز بالانتخابات الأمريكية القادمة في نوفمبر القادم بالرغم من الاتهامات والأزمات الداخلية التي يواجهها من خصومه؛ وذلك من خلال تحقيق نجاحات في سياسته الخارجية والتي من أصعب ملفاتها ملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلى؛ وكما نعلم كل رئيس أمريكى يبذل جهده لإنهاء هذا الملف للفوز برضى اللوبى اليهودى الأمريكي؛ ولكن جميعهم لم يفلحوا إلى الآن رغم كل المبادرات التي طرحتها كل إدارة أمريكية سابقة، وفى نفس الوقت كذلك هو يحاول انقاذ صديقه نتنياهو من تهم الفساد وتأجيل تصويت الكنيست على منحه الحصانة البرلمانية في المحاكمة والتي مقرر الثلاثاء القادم الذى سيلتقى به؛ وهى محاولة منه ليضمن لنتنياهو الفوز في الانتخابات الإسرائيلية في مارس المقبل من خلال صفقة القرن الذى سيعلن عنها في الأيام القريبة القادمة والتي تشير التسريبات إلى أنها تنهى حل الدولتين؛ وهذه الصفقة هي بمثابة طوق نجاة للصديقين ترامب ونتنياهو للخروج من مأزقهما في حال نجحا في تمريرها وسيحقق كل منهما أهدافه الخاصة.
وبالاطلاع على البنود المسربة من الصفقة نجد أنها تثبيت لسياسة الأمر الواقع التي انتهجتها إسرائيل منذ سنوات ودعمتها فيها أميركا، فقضية الحدود والمستوطنات رسمتها الجرافات الإسرائيلية وصفقة ترامب لن تزيل حجر منها وإن ذكرت إزالة بعض البؤر الاستيطانية، وقضية القدس حسمتها إسرائيل بإخراجها سكان مناطق E1 وعزلتها بشكل كامل بالعديد من الإجراءات والقرارات بحق المقدسيين؛ واعترف بها ترامب عاصمة لدولة إسرائيل؛ وحسمت قضية اللاجئين يوم قرارها بوقف دعم الأونروا ومحاصرتها وكذلك إغلاقها لمكتب منظمة التحرير في واشنطن وهى بذلك تحدد اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط؛ وباقي اللاجئين يتم البحث عن حل لهم بعيدا عن إسرائيل ضمن مساهمة إقليمية في حل الصراع .
وسياسة إدارة ترامب هذه تطلق بالونات الاختبار لترى ردود الأفعال والذى يقوم بها المستوى السياسى والشعبى الفلسطيني؛ وعليه قوة ردة فعل الفلسطينيين على هذه الصفقة التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية هو من يجهضها ويمنع تمريرها؛ وما سيعلن عن ترامب هو شكل الدولة الفلسطينية التي خططت لها الحكومة الإسرائيلية منذ سنوات.
وعليه نحن أمام سيناريوهات صعبة لا تحتمل التسويف أو المناورة:
1. السيناريو الأول :
أن يتم الاطلاع على صفقة ترامب وتحليل مضمونها ومناقشتها مع ذوى الاختصاص والرأى وتقديم التعديلات عليها بما يتوائم والرؤية الفلسطينية والتي لا تتنازل فيها عن الحقوق الفلسطينية؛ وذلك مع الاشتراط أن يكون ذلك في حضور أطراف دولية بجانب الولايات المتحدة الأمريكية وأن تكون هناك ضمانات دولية لإلزام إسرائيل بالتنفيذ ومنح الفلسطينيين حقوقهم وفق جدول زمنى محدد تلتزم به إسرائيل أمام العالم.
وهذا السيناريو يأتي في ضوء أن المنطقة بأسرها تمر بظروف سياسية مضطربة سواء الإقليمية أو العربية أو الفلسطينية وقد تم تدجينها من خلال مجموع الأزمات السياسية والاقتصادية التي مرت بها مما جعلها غير قادرة على مقاومة أي صفقات أمريكية؛ وأن إسرائيل فرضت الصفقة كأمر واقع على الأرض من خلال استراتيجية سياسية نفذتها خلال السنوات الماضية .
2. السيناريو الثانى :
رفض صفقة ترامب واتخاذ قرارات حاسمة تحدد العلاقة مع إسرائيل؛ وإنهاء الانقسام والالتفاف حول القيادة الشرعية لشعبنا الفلسطيني التي تتصدى لسياسة ترامب والالتزام بقرارتها؛ وكذلك رسم استراتيجية وطنية للمواجهة يشارك فيها الكل الفلسطيني بكافة أطيافه؛ وتشكيل جبهة عربية إسلامية لمساندتنا ودعمنا في المواجهة؛ وإدارة ماكنة إعلامية تخاطب العالم أجمع على المستوى الرسمي والشعبى خاصة أحرار العالم المؤمنين بعدالة قضيتنا؛ وتحريك الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بالطرق السلمية للتعبير عن رفضه لصفقة تنهى حلمه الوطنى .
لقد وصلنا إلى نقطة لا رجعة عنها ونحتاج لقرارات شجاعة وعملية؛ وعلينا التوقف عن سياسة الرفض والتهديد وتشكيل اللجان دون اتخاذ أي قرارات حاسمة توقف إسرائيل عن الاستخفاف بحقوقنا المشروعة .
وما ستتحدث به الأيام القادمة من قرارات سيشكل مستقبلنا السياسى للأبد .. ولا عزاء للمستضعفين.