شعبنا يسأل كل زعمائه: أين وصلت القضية بعد ٧٢ عاما على النكبة؟!

حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

وسط استمرار الانقسام وطرح صفقة التصفية للقضية الفلسطينية وإمعان الاحتلال ومستعمريه في عدوانهم ضد شعبنا وحقوقه واستمرار معاناة شعبنا في الوطن والشتات جراء حرمانه من ابسط حقوقه السياسية والإنسانية، وحيث أصبحت قضيتنا في مهب الريح أمام تهديد مصيري فإن المراقب للوضع الفلسطيني يلاحظ أن ردود فعل كافة الفصائل دون استثناء لا تزال على حالها من الاكتفاء بالتنديد والشجب لما يجري دون تقديم بديل ناجع يبث الأمل في نفوس أبناء شعبنا ويوجه رسالة قوية للاحتلال وللإدارة الأميركية بأن هذا الشعب العظيم المناضل لن يقف مكتوف الأيدي امام تهديد وجوده ومستقبله.

لقد سئم الشعب الفلسطيني من التنديد فقط الذي يسمعه من زعمائه ومسؤولي المنظمات والفصائل ووسائل اعلامهم تجاه ما يرتكبه أعداؤنا، سواء الاحتلال أو الإدارة الأميركية من جرائم يومياً بحق ابنائنا من قتل وجرح واعتقال، وسرقة الاراضي المملوكة للشعب الفلسطيني وبناء المستعمرات المسلحة عليها، والاعتداءات اليومية على المسجد الاقصى، وباقي المقدسات الإسلامية والمسيحية، والتضييق على المقدسيين وتهجيرهم المتواصل الى خارج القدس ، وتهويد البرامج التعليمية، ومحاولة تهويد كل ما هو عربي أو إسلامي في المدينة المقدسة، كي يثبت الاحتلال زورا للعالم بان لا علاقة للمسلمين أو المسيحيين بهذه المدينة المقدسة، التي تضرب جذور أبناء شعبنا المسلمين والمسيحيين عميقا فيها منذ الاف السنين، وهي ممارسات مدعومة بالمال والسلاح من الإدارة الأميركية وصولا إلى الجريمة الأميركية الكبرى بحق شعبنا في محاولة لفرض ما سمي "صفقة القرن" التي تتنكر لحقوق شعبنا المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة.

اما في قطاع غزة فقد بلغت معاناة أهلنا ذروتها وسط الحصار والاعتداءات الإسرائيلية ، وحتى مسيرات العودة السلمية التي اكدت تمسك اللاجئين في العودة الى اراضيهم و بيوتهم، فقد قمعتها قوات الاحتلال بوحشية وكانت حصيلتها ٣٦٧ شهيدا وأكثر من ١٤ ألف جريح الكثيرون منهم الذين اصيبوا بإعاقة دائمة.

إزاء كل هذا العدوان الشامل لم نسمع من القادة سوى الادانة او الادانة بشدة ،او خطابات رنانة تلهب مشاعر الجماهير، ومع الاسف فان حصيلة هذه الادانات او الخطابات صفر كبير ، تماما مثل حصيلة إدانات دول العالم او البيانات الخجولة التي تصدرها بعض عواصمنا العربية.

إن كل ذي عقل يرى بأم العين بأن حالة شعبنا النفسية واوضاعه الاقتصادية في تدهور مستمر ولا يعرف ما هو مستقبله او مستقبل اولاده، ويشعر ان كرامته تنتهك يوميا، لان اي شعب في العالم اذا لم يكن له وطن ويتمتع بالحرية والاستقلال والسيادة فإنه يشعر بما يمس كرامته وكبرياءه الوطني.

يجب ان يعترف الشعب الفلسطيني وقيادته التي تعمل ليلا نهارا في جميع المحافل الدولية لدعم قضيتنا بأن كافة القرارات التي اتخذها المجتمع الدولي بشأن القضية رغم اهميتها المعنوية إلا أنها لم تحقق لشعبنا الحرية والاستقلال، وكما قال الأخ الرئيس محمود عباس للمجتمع الدولي اكثر من مرة خذوا قرارا واحدا وطبقوه ولكن للأسف لم تطبق المنظمة الدولية قراراتها منذ ٧٢ عاما حتى اليوم .

وللتذكير وكما في كل عام مر يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني في ٢٩ تشرين الثاني الماضي دون اي تحرك دولي جاد لتجسيد هذا التضامن رغم كثرة البيانات والتصريحات المؤيدة للحق الفلسطيني، ودون اي فعل رادع لوقف العربدة الاسرائيلية ضد شعبنا وحقوقه، بل فقط كلام بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع.

ومرة أخرى أكرر ما قلته في مقالي الاسبوع الماضي بأن لا حل لقضيتنا إلا بسواعدنا، اي انتفاضة او حراك او ثورة شعبية عارمة لا تتوقف الا بانتزاع الاستقلال والانتهاء من كابوس ابشع استعمار وتمييز عنصري، مهما كان الثمن لأن الحرية لا تعطى بل تنتزع.

ومرة أخرى نذكر كل زعمائنا بأن إنهاء الانقسام شرط ضروري وأساسي للانتصار. وها هي تجارب الشعوب المناضلة امامنا عبر التاريخ، فالثورة الفيتنامية لم تنتصر على اعتى قوة عسكرية، الولايات المتحدة الأميركية الا بوحدة جميع قواها وببرنامج عمل نضالي مقاوم هدفه دحر الاحتلال وانتزاع الحرية والاستقلال. وايضا الثورة الجزائرية لم تنتصر على الاستعمار الفرنسي الا بالوحدة والمقاومة في جبهة موحدة كان هدفها الرئيسي طرد الاستعمار الفرنسي وحققوا الانتصار رغم انهم قدموا مليون شهيد.

الحرية لن تتحقق ببيانات الشجب والمقابلات عبر الفضائيات ولا بانتظار الامم المتحدة العاجزة عن تطبيق قراراتها ولذلك على زعمائنا في فتح و حماس والجهاد وباقي الفصائل ان يرحموا هذا الشعب وان يستيقظوا ويغادروا دوامة الانقسام وأوهام انتظار التحرير والعودة عبر وعود لم تتحقق منذ ٧٢ عاما، او عبر الرهان على هذه الدولة الاقليمية او تلك وان يضعوا مصلحة شعبنا وقضيته نصب أعينهم ويبادروا الى بناء جبهة موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، ويضعوا برنامجا نضاليا لتخليص شعبنا من هذا الواقع المأساوي وعندها فقط يمكن للمجتمع الدولي ان يتحرك ويمكن لهذا الاحتلال ان يرتدع وعندها نمضي قدما نحو تحقيق حرية واستقلال شعبنا على ترابه الوطني.

الشعب الفلسطيني صبر على ظلم بريطانيا وأميركا، اللتين دعمتا العصابات الصهيونية والنتيجة حرماننا حتى من دفن موتانا في وطننا فلسطين، وصولا إلى "صفقة القرن" التي يريدون فرضها مستهدفين تصفية القضية، ولكن هذا الشعب الصابر المرابط لم ولن يقبل يوما التنكر لشهدائه وجرحاه وأسراه ومعاناة أبنائه في الوطن والشتات وسيواصل مسيرته حتى تحرير تراب وطنه فلسطين، وهذه الإرادة الصلبة يجب ان تحفز كل فصائلنا وقياداتها كي تتوحد وتتبنى نهجا اكثر فاعلية من لغة البيانات والفضائيات... والله المستعان