اعتبر مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج"، سهيل خليلية، أنّ الخطر الذي تُشكله اللجنة الإسرائيلية - الأمريكية التي شرعت بترسيم الخرائط تمهيدًا لضم المستوطنات والأغوار وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية، بمثابة محاولات فرض شكل الجغرافيا النهائية، لأي صفقة يمكن أنّ تتم ما بين الاحتلال "الإسرائيلي" والفلسطينيين في المراحل اللاحقة.
وقال خليلية في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ مسألة ترسيم الحدود، ليس بالأمر الجديد؛ لأنّ جميع المستوطنات لديها مخططات هيكلية خاصة بها؛ لكن الخطر أكبر من المعتاد؛ لأنّ اللجنة تضم شخصيات أمريكية"، مُبيّناً أنّ الاحتلال يُحاول بذلك أنّ يضع اللمسات الأخيرة على ما تُسمى بـ"صفقة القرن".
وأشار إلى أنّ (خطة ترامب - نتنياهو) تقوم على ضم حوالي 30% من مساحة الضفة الغربية؛ ولكنّ على أرض الواقع تتجاوز 42% من الضفة الغربية، وما تم ضمه من أراضي موجودة خلف الخط الأخضر: هي "مناطق فلسطينية تم انتقاصها؛ لذلك يدور الحديث عن 30%".
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في واشنطن، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خطة تضمنت إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها "في أجزاء من القدس الشرقية"، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة لـ"إسرائيل".
وتسمح الخطة التي وصفها الرئيس محمود عباس في وقتٍ سابق بأنّها "صفعة القرن" لإسرائيل بالسيادة على مناطق معينة في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن، مما أدى إلى المزيد من التوترات في المنطقة.
وحذّر خليلية من أنّ المناطق التي سيقوم الاحتلال بتبادل أراضي معها، كجنوب الخليل والتي ستضم للدولة الفلسطينية حسب الصفقة، هي مناطق جرداء، في ظل التخوف من أنّ تكون استعملت في السابق كمكب للنفايات النووية.
وحول مخطط لجنة ترسيم الخرائط لمنطقة المثلث، شمال فلسطين المحتلة، قال خليلية: "إنّ الاحتلال لم يُخفِ يومًا رغبته في التخلص من التجمعات العربية"؛ مُشيراً إلى أنّ الصفقة لا تتحدث عن التخلص من 8 بلدات بل حوالي 12 إلى 14 بلدة.
وأوضح أنّ إسرائيل لن تقوم بنقل أي شخص من المثلث؛ ولكنّ الهدف الأساسي هو تجريد فلسطينيي الداخل من الجنسية، الأمر الذي يترتب عليه سلب حقوقهم السياسية؛ وذلك ضمن الخطة الأكبر للوصول إلى ما يُسمى "يهودية الدولة".
وعن المستوطنات التي ستبدأ لجنة ترسيم الخرائط العمل فيها، قال خليلية: "إنّ بداية عملها يدور حول تحديد المستوطنات التي تحظى بالأولوية (أ)"، لافتًا إلى وجود تقسميات بين المستوطنات من الناحية الأساسية.
وتابع: "بالنظر إلى ما يقوم به الاحتلال خلال العقدين الماضين، فإنّ بعض المستوطنات تحظى بمشاريع تطويرية من حيث البنية التحتية والتوسع الجغرافي، بينما كانت هناك مستوطنات لم تحظى بأي نوع من التطوير؛ لأنها معدة للإخلاء".
ورأى أنّ ما يقرأ بين السطور، يكشف أنّه سيكون هناك تدخل دولي ودعم لمشاريع البنية التحتية الضخمة التي تعمل عليها لجنة ترسيم الخرائط.
واستدرك: "الاحتلال والولايات المتحدة سيقومون بحشد دعم مالي من أطراف دولية أخرى، وسيكون ذلك تحت مُسمى إذا أردتم البقاء في هذه العملية يجب أنّ تُساهموا في مثل المشاريع ولو بشكل مبدئي".
وقال: "لكنّ سيكون هناك دعم من أطراف عدة؛ خاصة أنّ الجهات الأوروبية تُريد العمل في المناطق المسماه (ج)، ولنّ تتمكن من العمل في في المرحلة القادمة؛ لأنّ الاحتلال سيوقف العمل في المشاريع التطويرية إلا من خلاله".
ورأي أنّ خيارات مواجهة لجنة ترسيم الخرائط محدودة، ولكنّ المساحات الممكنة للحركة تكمن في المقاومة الشعبية والتوجه للمنظمات الدولية لإعادة تفعيل العمل بالقرارت الدولية التي تجرم الاحتلال وسياسياته.
وفي وقت سابق من أمس الأحد، قالت صحيفة "إسرائيل اليوم": "إنّ لجنة إسرائيلية أمريكية شرعت بترسيم خرائط تمهيداً لضم المستوطنات والأغوار وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية".
ونقلت الصحيفة، عن مسؤول أمريكي رفيع أنّ الرئيس دونالد ترامب، عيّن مندوبين أمريكيين في اللجنة، وهم السفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، وكبير مستشاري السفير أرييه لايتستون ورئيس الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في مجلس الأمن القومي الأمريكي سكوت ليث.
وفي 9 فبراير/ شباط الجاري، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في جلسة للحكومة: "جلبنا مخططا أمريكيا تعترف الولايات المتحدة في إطاره بسيادتنا على غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع البلدات اليهودية في يهودا والسامرة دون استثناء، مع مساحة كبيرة حولها"، في إشارة إلى المستوطنات في الضفة الغربية.
يُذكر أنّه في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن ترامب عن خطة "صفقة القرن" التي تضمنت إقامة دولة فلسطينية في صورة "أرخبيل" تربطه جسور وأنفاق، وعاصمتها في جزء من القدس الشرقية، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة وغير مقسمة لإسرائيل، وسط رفض عربي ودولي واسع.