منذ دخول السلطة الى ارض ما تبقى من الوطن الموهوب وبعكس ما كان يتوقع طرفي اعلان المبادئ بان هناك حالة استرخاء وحالة سلام وحالة تعاون ستسود المناطق المحتلة ، طبعا بما فيها اراضي السلطة في الضفة وغزة .
الكل كان يتوهم ان هناك ستكون سنغافورا ، هكذا اوهموا الشعب وهكذا واجهوا المعارضين للاتفاقية واعلان المبادئ وخاصة لدى الجمهور الواسع الذي كان يعمل في اسرائيل وبنيت كثير من مربعات المخيمات من الايدي العاملة الفلسطينية ، بالتاكيد كما بنيت المستوطنات ايضا وغالبيتها بايدي عاملة فنية فلسطينية ، ولكن كانت هناك المعايير تختلف في ذاك الوقت فاسرائيل كانت في حالة طوارئ دائمة امنية وعسكرية والفلسطينيين يعيشون حياتهم بين المقاومة والحفاظ على الذات والتنمية الذاتية في ظل الاحتلال .
المهم هنا ان تصور ان تكون اوسلو هي بوابة لحل عادل للقضية الفلسطينية باء بالفشل ولانها بنود وضعت " الارنب في فم الثعلب " هذا اذا ما قلنا اكثر من ذلك في فم الذئب ، ولان مروجي هذا السلام المبني بعيدا عن حقائق وطنية وتاريخية حاولوا او توهموا انهم كما اقنعوا غيرهم بانها استراحة محارب وكانت تلك الاستراحة هي توسع الاستيطان بما يقارب 850 الف مستوطن في الضفة الغربية و 550 مستوطنة رئيسية وحوالي 450 حاجز يقطع اوصال الضفة بالاضافة الى الجدار ، اما غزة فاصبحت هي ايضا سجن يختلف في طريقة مربعاته وحدوده باسلاك شائكة بحرا وجوا وبرا ً ، هكذا ... ولكن بعد ما حدث الذي حدث من وقائع على الارض الكل يراها ويشاهدها وانهيار شبه كامل للبرنامج الوطني او للمنظومة الوطنية الفلسطينية وعدم رد نافع وشافع لتلك القيادة التي تقول انها معارضة لصفقة القرن وهي تعجز عن صياغة قرار او تنفيذ توجه على الارض يعطي ملامح من الرفض لهذه الصفقة التي هي غالبيتها نفذت على الارض وفقط الاختلاف الان من هو الذي سيلعب الدور من الجانب الفلسطيني او الجانب الاسرائيلي وما يسمى فترة ما بعد محمود عباس.
المشكلة تكمن الان في غزة والتصور لغزة فنتنياهو اعلن بالامس انه شكل لجنة لترسيم ضم المستوطنات والغور الشمالي وغور الاردن وليس هناك مشكلة لدى الاسرائيليين في الضفة الغربية والمشكلة تكمن الان في غزة وكيف يمكن ان يطبق عليها صفقة القرن في حين ان المنهجية الثقافية والضغط الامني الذي تعرض له الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية كان ممنهجا ً وقويا ً ويكاد يكون قد اعدم الحركة الوطنية الا القليل ، اما غزة ورغم الخلاف الفكري مع حماس او الجهاد الاسلامي فتبقى غزة هي الجرعة الثقافية وبكل مكوناتها التي تشبعت بها من ثورة يوليو والمد القومي بشعاراته المعروفة ، وهكذا صنعت الاجيال في غزة ولقن الابن الابن والجد لقن احفاده وتبقى هي تلك المشكلة التي تبكي منها اسرائيل من غزة ، فالادلجة لم تتم رغم اعلان حماس في وثيقتها بقبول دولة في 67 وما حملت من مرونة لا تختلف كثيرا ً عن البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير في عام 1974 .
اذا غزة بعد مسيرات العودة او كما تسموها سموها ومحاولة حماس ان تجير ذلك لصالح وجودها وتقويته وبالتاكيد هو فك الحصار عن غزة ايضا هو لصالح الشعب الفلسطيني في غزة الذي يعاني من الفقر والمرض والبطالة ويعاني من قرارات متعددة مضافة لقرارات اسرائيل اتخذها محمود عباس بحق الشعب الفلسطيني في غزة وبالتحديد هم هؤلاء الموظفين الذين عينوا في السلطة تحت راية فتح واجهزتها الامنية ، ولذلك دخلت حماس في تهدئة ولكن لم تهنأ بالاسترخاء ، فعمليات الاغتيالات ولو كانت محدودة فهي قائمة وعمليات القنص لكل من يشكل خطورة على السلك الشائك مع وعود من بينيت وزير الدفاع بانه يمكن تصفية واغتيال 30 او اكثر من غزة في عملية قد تكون مفاجأة ولكي يتم تسوية الوضع في غزة ليتماشى ويتناغم مع معدلات تنفيذ الصفقة في الضفة الغربية والخطة التي طرحتها صفقة القرن لروابط مدن سواء في الضفة او في غزة لا تمتلك سيادة لا ارضا ولا جوا ولا بحرا ولا عمقا في الارض .
حالة الاسترخاء والطوارئ كما قلت سابقا كانت اسرائيل في حالة طوارئ دائمة وهي مكلفة حسب القوانين الدولية بكل ما يلزم الشعب الفلسطيني من صحة وتعليم وخدمات وهو جانب مكلف كثيرا وكذلك القضايا الامنية التي كانت دائما في حالة طوارئ لمواجهة قوات الثورة الفلسطينية في الداخل والعمليات الفدائية، اما الان فاعتقد ان الجانبين في حالة طوارئ دائمة مما يكلف اسرائيل ويكلف السلطة التي هي في حالة طوارئ دائمة مع الاحتلال لمقاومة وملاحقة اي نشطاء يعتنقون الكفاح المسلح او يتعارضون مع برنامجها الذي هو لا برنامج ، اما غزة فهي ايضا في حالة طوارئ ولان في وجهة نظر الاسرائيليين والامريكان انه على فصائل المقاومة في غزة ان تقدم اكثر واكثر واكثر وعلى راسها الاعتراف باسرائيل وسحب السلاح وعدم وجود قوات مسلحة تهدد اسرائيل ، ولذلك كانت هناك مطالبات في القيادة العسكرية والسياسية الاسرائيلية تطالب بعملية واسعة تستأصل المقاومة في غزة واضعافها وتاهيلها سياسيا وامنيا لتقوم بنفس الدور الذي تقوم به السلطة وان كانت حماس بمستوجبات التهدئة قد قامت بعملية تهدئة على الحدود ومنع النشطاء من الاقتراب حفاظا كما تقول على التكاليف في الارواح وبالاضافة الى تنفيذ بنود التهدئة ، ولكن اعتقد ان التهدئة بهذا الشكل لن تدوم لان ماهو مطلوب سياسيا وامنيا يفوق في التصور والتخطيط مجرد انها تهدئة بين قوتين لهما جانب من تهديد في الرعب ولذلك صرح بينيت وزير الدفاع بان هناك عملية عسكرية كبيرة يمكن ان تكون في غزة ولكن ستكون مفاجاة ، اما نتنياهو فقد رد على المطالبين بتلك العملية بان مثل ذلك لن يتم ما قبل الانتخابات ومن الصعب تنفيذ عملية عسكرية في غزة ، اما اليسار الاسرائيلي وعلى راسهم غينيتس فقد قال ان مستوطني غلاف غزة هم يعيشون في حالة طوارئ وعلى نتنياهو ان يحررهم ... اذا ً كلا الجانبين اصبحا في حالة طوارئ " اسرائيل والسلطة " " حماس واسرائيل " ولذلك اعتقد ان اسرائيل ستعتمد على منهجية الاستنزاف المعنوي والمالي لحماس والفصائل الاخرى طالما هي متمسكة بقواعد
واصوله وتاريخه ، وفي هذه الحالة قد يكلف حماس هذا كثيرا التي تعاني من العجز المالي في ظل حصار كبير لايران وانشغال تركيا في مشاكلها في سوريا وليبيا وقطر التي تعاني ايضا ً في خزينتها من صعوبات اقتصادية نتيجة حصارها ولذلك لم يبقى لدى حماس والفصائل الاخرى الا ابتداع طرق فوق الاعتيادية للتحصيل المالي وتوفير احتياجات غزة والا ان الصفقة ستمر على غزة كما نفذت في الضفة ودامت عقولكم.