لا يوجد أيّ حلول لمعضلة غزة

حجم الخط

بقلم: د. حاييم مسغاف


ليس للجرح الملتهب الذي يسمى «قطاع غزة»ـ أي سبيل للإشفاء. فهو يوجد معنا منذ نهاية «حرب التحرير». عدد لا يحصى من محاولات التصدي له فشلت. موشيه دايان كان بين البارزين في قائمة طويلة من العسكريين ممن اعتقدوا بأن لديهم حلا جيدا؛ بعده جاء كثيرون آخرون. عشرات آلاف العرب، ممن اندفعوا الى هناك من الأماكن التي احتلها الجيش الإسرائيلي في أثناء الحرب، اصبحوا «لاجئين» الى الابد؛ عمليا، إلى أدوات لعب في ايدي المحافل الدولية.
ملايين اللاجئين في كل أرجاء العالم أُعيد تأهيلهم منذئذ، بينما بقي الغزيون في وضعهم هذا. تشكّلت من أجلهم «الأونروا»، ولا أحد معني بحلها، إذ إنها توفر مصدر رزق لآلاف الأشخاص. وإلى جانب ذلك لا يمكن القول إن الوضع بقي ثابتا. فمنظمات «ارهابية» مختلفة سيطرت بين الحين والآخر على القطاع، وفي كل مرة لم تتغير سوى الأسماء.
لم يرغب المصريون في غزة في أي مرة. بيغن حاول أن يفرض على السادات تلقي المسؤولية عن القطاع في إطار اتفاق السلام، ولكن الرئيس المصري رفض. كل مجالات سيناء أعيدت الى مصر، وفقط القطاع بقي كالشوكة في حلقنا. في إطار خطة القرن للرئيس ترامب توجد محاولة لجعله جزءا من الدولة الفلسطينية من خلال شيء ما يسمى «الممر الآمن»، ولكني لا أرى كيف يمكن لمثل هذا المبنى أن يعمل. ما سيحاولون عمله، برأيي، من خلال «الممر الآمن» هو نقل مجالات عملهم إلى الضفة أيضا.
كل هذه حقائق لا يمكن الكفر بصحتها، ومع ذلك في كل حملة انتخابات تصعد مسألة الحل الى العناوين الرئيسة. من ليس وراء دفة الحكم يطلق الوعود، ولكن الجميع يعرفون بأنه لا يوجد حل حقيقي. حملة أخرى ودخول بري آخر لن يجديا نفعا. يعرف الكل هذا، ومن الأفضل لسكان الغلاف هم أيضا أن يتعلموا كيف يتعايشون مع انعدام الحل البنيوي هذا.
رفاه اقتصادي يؤدي الى هدوء محدود. القطريون سيواصلون تحويل الاموال، ولكن حتى هذا ليس حلا. عمليا، كما اسلفنا، لا يوجد حل. إسرائيل جربت حتى الآن كل شيء. رابين وبيريس سلما السيطرة في القطاع لياسر عرفات، ولكن هذا لم يجد نفعا. ارئيل شارون واصل الطريق ذاته وطرد من «غوش قطيف» آلاف العائلات اليهودية.
تواصل منظمات «الارهاب» عادتها، ولا يوجد أي سبيل لابعادها من هناك، مثلما هو الوضع في جنوب لبنان. ايهود باراك أمر بسحب الجيش الإسرائيلي من هناك، وتسبب بتطوير منظمة «ارهابية» عنيدة مع اكثر من 100 الف صاروخ بعضها دقيقة بشكل رهيب. «حزب الله» يجلس في هذه اللحظة بهدوء بالتأكيد ليس بسبب مخاوفه من القيادة الإسرائيلية الحالية، وذلك لأنه إذا أراد الإيرانيون، فكل شيء سيحصل.
أعود الى بداية الحديث. لقد مللنا سماع كل اولئك الذين يعدوننا بأن لديهم الحل. كثيرون وطيبون وعدوا في الماضي الامر ذاته وفشلوا. فلا يمكن ايقاع الهزيمة بمنظمات «الارهاب». لا يوجد أي سبيل للضغط عليها. مصير السكان المدنيين لا يهمهم. الأميركيون تعلموا هذا. يمكن سحق رأس آخر تلو آخر ولكن الجسد يواصل إنتاج الرؤوس الجديدة. كما أن أعمال الرد لا تساعد إلا للحظة، وهذا أيضا ليس دوما.
وهذا يقودني الى منطقة ما كتب حتى هنا. لا يجب التنازل ولو عن شبر واحد من الأرض من غربي نهر الأردن. على الجيش الإسرائيلي أن يسيطر على كل الأرض، والبلدات المدنية يجب أن تكون جزءا من منظومة الدفاع. لا سبيل آخر لضمان سلامة السهل الساحلي ومنع دخول منظمات «الإرهاب» المسلحة بالصواريخ إلى «يهودا» وا»لسامرة».

عن «معاريف»