لماذا أزلتُ يافطة "السلام مع الأعداء المهزومين" من شوارع تل أبيب؟

حجم الخط

بقلم: رون خولدائي*



ردت المحكمة المركزية في تل ابيب، أول من أمس، استئنافاً رفعه «منتدى الشرق الاوسط – إسرائيل» ضد بلدية تل ابيب – يافا، كان رفع في اعقاب أمر بازالة اليافطات التي ظهر فيها محمود عباس وإسماعيل هنية راكعين على ركبتيهما بينما تحيط بهما مروحيات قتالية وفوقهما كتب «السلام لا يصنع الا مع اعداء مهزومين».
وقد أيدت المحكمة موقفنا في أن إزالة اليافطات تمت على وجه قانوني، وأن هذا قرار معقول. وأنا أرحب بالطبع بقرار المحكمة.
ان حرية التعبير وحمايتها قيمة اولى في سموها، وجهتني وتوجهني في كل افعالي كرئيس لبلدية تل أبيب – يافا على مدى السنين. فالحق في الاعراب عن الرأي، ولا سيما في فترة الانتخابات، مهم وضروري لا مثيل له، وحمايته مهمة بالذات في الحالات التي تطلق فيها تعابير قاسية أو مثيرة للحفيظة.
ان شعار «السلام لا يصنع الا مع اعداء مهزومين» هو شعار مشروع، وليس بسببه أو بسبب الرسالة السياسية التي فيه أزلنا اليافطة، رغم أني لا اتفق معه، في ضوء اتفاقات السلام التي لنا مع مصر والاردن، والتي تظهر ان السلام مع الكرامة افضل. فوفاة حسني مبارك، هذا الاسبوع، ذكرتنا مرة اخرى بالقيمة الهائلة لسلام مستقر مع جيران تحولوا من اعداء الى شركاء. والسبب في ازالة اليافطة هو العنف الفظ الذي كان فيها، والذي يذكر بصور الإعدام لـ «داعش»، والمشاهد المقززة في تاريخ شعبنا.
أثناء الـ 21 سنة لولايتي كرئيس للبلدية حرصت على الا أتدخل في المضامين التي تعرض في المجال العام – حتى لو لم تكن تعجبني، وكان الكثير من هذا. الاف اليافطات، وفيها رسائل تثير الاشمئزاز، علقت في شوارع المدينة وفي المؤسسات الثقافية على مدى السنين.
ولكني امتنعت عن التدخل. عمليا، تدخلت حتى اليوم مرتين فقط، وفي المرتين كان هذا دفاعا عن رجال اليمين: في المرة الأولى، بعد أن رفعت صورة مهينة لاسحق شامير في متحف تل ابيب للفن.
طلبت في حينه بهدوء من مدير المتحف ازالة الصورة، فاختفت وكأنها لم تكن. في المرة الثانية، في اثناء احتجاج الخيام، حين نصب المحتجون مقصلة في جادة روتشيلد. اعتقدت في حينه بأن المقصلة تشكل تحريضا على رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وأمرت بإزالتها.
يخيل لي أن هذه الحقائق أيضا تثبت أنه لم يكن هنا دافعا سياسيا، بل فكر مبدئي حول حرية التعبير.
يدور الحديث عن فكر ثابت، يقول انه في حالات متطرفة على مجتمعنا أن يدافع عن نفسه ضد رسائل عنيفة وتحريضية، ولا سيما كتلك التي من شأنها أن تشجع العنف والكراهية في أوساط الأطفال وأبناء الشبيبة.
فما المتوقع، الآن؟ سأواصل الدفاع عن حرية التعبير وعن الحوار الديمقراطي في المجال البلدي، حتى عندما يكون بعض الآراء التي تسمع فيه ليس مقبولا من جهتي. هذا واضح. ولكني سأعمل بالتصميم ذاته كي أمنع تعابير الكراهية، العنصرية، والتحريض على العنف. هذه روح التوازن التي تقررت في سجل القوانين لدولة إسرائيل، كما أن هذا هو التوازن الذي تجدني مقتنعا بأن الغالبية الساحقة من سكان تل أبيب – يافا يتبنونه.

عن «يديعوت»
*رئيس بلدية تل أبيب - يافا.