مشروع إسمنت «سند» له وعليه!

Hasan-AlBatal
حجم الخط



أحبُّ جوليا روبرتس، هذه الممثلة الرائعة ذات الفم الكبير والجسم النحيل، الذي يبدو لي مطليّاً بطبقة من الزبدة والعسل. أفلامها جعلتها الأعلى أجراً.
استحقت أوسكار 1990 على دورها الرئيسي في فيلم «ايرين بروكوفيتش»، كمحامية في مكتب محاماة تترافع عن مواطنين أصيبوا بسرطانات نتيجة نفايات مصنع كيماوي لوّثت مياه الشرب.
عرض محامو الشركة تعويضات مادية غير عادلة، لكنها كسبت دعوى بتعويضات مالية مجزية، ونالت مكافأة كبيرة على انتصار وكالتها عن المواطنين.
هناك تحذير خفيف، على علب السكائر يقول: يؤذيك ومن حولك، وتحذيرات منذرة ثقيلة عن خطر السرطان والعجز الجنسي!
صار تلوّث الماء والهواء موضوعاً بيئياً على نطاق كوكب الأرض، بما في ذلك جرف التربة بفعل تدمير الغابات وتصحُّر الأراضي!
في أيام صافية الأديم، يمكن من رام الله رؤية ما يشبه سيجاراً بنياً هائلاً في أفق تل أبيب نتيجة التلوّث الجوّي.. وتدفعه الرياح الغربية إلى سماء رام الله!
تعاني البيئة الفلسطينية من آثار المقاليع الحجرية والكسارات، وقسم كبير منها إسرائيلية، وكذا من مجارير مياه المستوطنات.
سنأخذ مثالاً: بيئة منطقة طولكرم تعاني من مخلفات منطقة صناعية إسرائيلية تسمّى «جيشوري»، بعد أن تمّ نقلها من كفار سابا إلى طولكرم نتيجة احتجاجات بيئوية إسرائيلية، وخاصة حرق مخلّفات بلاستيكية لمصنع «تل إيل» للمكيّفات.
الآن، هناك احتجاجات في منطقة طولكرم على مشروع أوّل مصنع «سند» الفلسطيني للإسمنت، المقرّر بناؤه شرق طولكرم، ومدى تأثيره على تلوّث الجوّ، وتأثير التلوّث على المحاصيل الزراعية والأشجار.
كل تحوّل للصناعات الفلسطينية من تكميلية إلى ثقيلة، يقف أمام معادلة النفع العام للمصلحة الوطنية، حيث لا يوجد مصنع إسمنت فلسطيني، وضرره على المصالح الفردية لسكان المنطقة.
كل مشروع يخضع لدراسات الجدوى الاقتصادية، لكن جدوى مشروع اقتصادي استراتيجي كمصنع الإسمنت له جانب سلبي هو الضرر البيئوي.
يعني: مصلحة المواطن المباشرة في تلافي الضرر الصحي والبيئوي أولاً، أو مصلحة الاقتصاد الوطني، حيث تستورد فلسطين كل حاجتها من الإسمنت، ويسهم المصنع في سد ثلث هذه الحاجة، ويوفر استيراداً بمئات ملايين الدولارات.
رئيس صندوق الاستثمار، محمد مصطفى، يحاجج ببناء المصنع وفق شروط ومعايير بيئية، ولو كلّف هذا 25 مليون دولار، وأن المصنع سيكون الأكبر في الشرق الأوسط.
تعرض شركة «سند» تعويضات تقول إنها مجزية لأصحاب «وادي الشعير» حيث سيقام المصنع بعد استملاك حوالي 3000 دونم، وكذلك زراعة أشجار كحزام أخضر، للحدّ من تلوث البيئة بالغبار، وحصول أصحاب الأراضي على شراكة بالمشروع المربح بشكل أسهم.
المشروع بين أخذ وردّ من جانب الشركة وأصحاب الأرض ومواطني المنطقة، وهذا دليل على وعي بيئي من الجانبين، وعكست هذا الوعي لجنة برلمانية خاصة تحاور الجانبين.
منطقة طولكرم وقلقيلية تشهدان تطوراً زراعياً، كما في محاصيل الجوافة الممتازة المنافسة لمثيلتها في إسرائيل، لكن الشركة تقول إن المصنع سيقام فوق أرض ريعها الزراعي ضعيف أو متوسط، لكن الناس يرونها مناطق مستقبلية للتوسع العمراني اللاحق لقرى طولكرم، التي تعاني كغيرها من التوسع الاستيطاني اليهودي.
تعهد صندوق الاستثمار ألا تكون خطوات عملية لإقامة مشروع «سند» إلاّ بعد التأكد من أن أضراره الجانبية ستكون طفيفة.
هل يقتنع أصحاب الأرض؟ هذا هو السؤال، لكن الأهم وجود بدايات وعي بيئي في فلسطين.

5775
الرقم أعلاه هو السنة العبرية الجديدة، ومع أن السنة الميلادية هي المعتمدة عالمياً، فهناك العديد من التقاويم الصينية والهندية والكردية.. والهجرية طبعاً. 
سرّني أن السنة المصرية القديمة أكبر من السنة العبرية، وكانت أولى التقاويم التي لا تعتمد القمر أو الشمس، بل نجم «الشعري» أسطع نجوم السماء، وميزتها أن شهورها كلها ذات 30 يوماً.

يسار؟
تعقيباً على عمود، أول من أمس:
Elias M. Zananiri: في رأيي: عيب الاستمرار في استخدام وصف اليسار لدى الحديث عن بعض التنظيمات الفلسطينية، لأنها فقدت هُويّتها السياسية منذ زمن بعيد، بعيد جداً، وباتت تماماً كرأس الفجل!