"بيبي" يعود من جزيرة الأموات .. ولكن!

حجم الخط

بقلم: يوسي فيرتر

 

الاختبار الديمقراطي الكبير لدولة إسرائيل لا يوجد في أجهزة الفرز للجنة الانتخابات، وهو لا يكمن في قدرة أو عدم قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة مستقرة، إذا لم يرتفع الـ 59 مقعداً، كما أظهرت نتائج العينات، إلى 61 مقعدا.

هذا الاختبار يوجد أمام الجهات الثلاث: قاضية المحكمة المركزية في القدس، ريفكا فريدمان فيلدمان، والقاضي موشيه بار عام والقاضي عوديد شاحم، وأمامهم سيقف المتهم نتنياهو بكامل عدم جلاله، بعد أسبوعين.

سجّل زعيم "الليكود"، أول من أمس، إنجازا شخصيا كبيرا، رائعا، تقريبا دون أي تآكل في كتلته. وقد نجح في أن يحول تماما صورة الوضع التي ظهرت على طول هذه الحملة الانتخابية، ونجح في هزيمة "أزرق أبيض".

اشتعلت أرض "الليكود"، وأضيفت إليها أرض "شاس". ويمكننا تسمية ذلك ائتلاف "هو بريء"، الذي شكل نفسه لصالح نتنياهو، بعد 21 سنة على نجاح من فكّر بهذه الكتلة، رئيس "شاس"، آريه درعي، بأن يحقق لحزبه إنجازا يتمثل في حصوله على 17 مقعداً بعد تقديم لائحة اتهام ضده.

بالإجمال، لم يكن نتنياهو ليستطيع تحقيق الانتصار الذي أمله. وحتى لو نجح في تشكيل الائتلاف، وحتى لو كان مستقراً، فيه جميع الشركاء يهنئونه بعودته من المحكمة، هناك سيقضي وقتا طويلا حتى المساء الذي سيعود فيه إلى الانشغال بشؤون الدولة، أيضا حينها، القانون الفرنسي لن يكون، ولن تظهر تغييرات تشريعية كبيرة.

وهي ستبقى في أحلام أمير أوحانا وميكي زوهر. القطار القانوني للمتهم بنيامين نتنياهو انطلق من المحطة، وعن ذلك سنتحدث فيما بعد.

إن فوزه هو سياسي، شخصي بلا شك، معنوي بالتأكيد. وربما أيضا ائتلافي (إذا حصل على 61 مقعدا بمساعدة أصوات الجنود و/أو اتفاقات الفوائض و/أو إغراء أعضاء انسحبوا من أحزابهم).

ولكن باختصار، هو لا يزال متهما بتلقي الرشوة والخداع وخرق الثقة. وستكون هناك تأجيلات، وستكون هناك تأخيرات وستكون هناك مناورات، بعضها قذر، لكن لا توجد أي قوة في العالم ستوقف طواحين عدل المحكمة المركزية في القدس.

وكل ما بقي من محضر الاختزال القذر الذي وثق الحملة القضائية للمتهم الأكبر في إسرائيل، هو المقولة البائسة الأخيرة ذاتها للقضاة اليساريين، كما يبدو، الذين يأمل منهم أن يتنصلوا من الوصف (الذي لم يلتصق بهم في أي يوم، سوى من المحيطين به).

لا شك أنه كان هنا إنجاز. بدأ نتنياهو المعركة من موقع ضعف، في حين أن الطرف الآخر حظي بشروط بداية جيدة في الحملة: لائحة شكوك تحولت إلى لائحة اتهام. موعد للمحاكمة تم تحديده. أغلبية الجمهور تقول في الاستطلاعات إن نتنياهو هو المتهم الرئيس بجرنا إلى جولة انتخابات ثالثة خلال أقل من سنة، وما زال عازف الناي من بلفور يحرث كل شارع وزاوية، كل سوق وساحة وزقاق وحديقة، وأشعل قاعدته بصورة لم نشهدها منذ بيغن، نموذج 1981.

اندفع "الليكود" واشتعل. وكان "أزرق أبيض" يسير ببطء.

إن تقوي كتلة اليمين – الأصوليين والتفويض الواضح الذي أعطي لنتنياهو، ومن جهة أخرى ضعف اليسار – الوسط، ربما يكون ذلك نتيجة مفهوم أن بني غانتس و"أزرق أبيض" لا يشكلون بديلا حقيقيا للحكم.

والأمر المسلي هو أن انهيار غانتس ومعسكره على طول الجبهة حدث بعملية عدو سريعة غير متوقعة؛ عشرة أيام في شباط، فيها "الليكود ونتنياهو"، الذي أشعل الدولة والشبكات وكأن كل حياته تتعلق بذلك، بحملة سلبية، قذرة وهابطة، مليئة بالأكاذيب، ترك المعسكر الخصم بعيداً وراءه.

أول من أمس لم يتردد رئيس حكومة إسرائيل في بث فيلم قصير معد جيداً، شوه أقوالا قالها غانتس.

تبول نتنياهو على خشبة القفز، وعلى الاستقامة وعلى الحقيقة والمعايير والقيم التي كان لها ذات يوم مكان هنا.

تبين، أول من أمس، أن عددا كبيرا من الجمهور اعتبر هذا السائل أمطار خير.

سيطرت الترامبية على نتنياهو بقيادة العهد الجديد المليء بالأخبار الكاذبة والتدني المخيف الذي لم نفكر بالوصول إليه.

بتشجيع رياح نجله البكر لم يستبعد أي وسيلة، كذب أو مناورة قذرة، من أجل التسجيل، وقد نجح ذلك.

المعنى الحقيقي للحسم (الذي حسب نتائج ثلاث عينات متقاربة) هو ما يأتي: نصف الجمهور، الذي كلف نفسه عناء الوصول إلى صناديق الاقتراع، يوافق على تولي نتنياهو، الذي وجهت إليه ثلاث لوائح اتهام، منصبه. هذه هي النواة. هو لم يحصل على شيك مفتوح، مثلما قال، أول من أمس، سياسيون ومراسلون، لقانون فرنسي (بأثر رجعي) أو تغيير النظام في إسرائيل وتحويله إلى تركي أو روسي.

وما زال في مركز الموضوع القضائي تكمن الحملة الحقيقية، وهي الطموح المخيف.

وهناك صورة الوضع معكوسة. إذا كان قد رأى تسلحه بدلاء الوحي واتباع أساليب المافيا قد حقق مكاسب سياسية، لهذا فإن هذه الطريقة هي التي أسقطته في الصعيد الإجرامي. وهناك ما زال يكمن لب القضية.

إن غطرسته خلال فترة ولايته وضعفه في كل ما يتعلق بالبخل والاستحواذ الإعلامي، أدت به إلى تعقيد قضائي.

قوته السياسية أعمته في طريقه إلى حملة سياسية – قانونية، التي فقط ورطته أكثر.
مع تقويه في المرحلة الأخيرة من جولة الانتخابات الحالية، رأينا هذه الغطرسة تظهر وتعيده مرة أخرى إلى صيغ السلوك الضارة ذاتها.

إنجازه، أول من أمس، يمكن أن يجعله يواصل قيادته برعاية رياح بلفور المجنونة أصلا، ليزيد الحملة أمام من سيقررون مصيره. فوزه (النسبي)، أول من أمس، كان فوزا معنويا، لكنه ليس واقعيا. هدفه الوحيد الذي هو الهرب من رعب العدالة لم يتم تحقيقه، ولن يتحقق حتى ولو وصلت نتائج الانتخابات النهائية إلى 61 مقعدا.

إذا كانت النتائج الحقيقية مثل نتائج العينات التلفزيونية المحدثة، وكتلة اليمين الأصولية بقيت عند 59 مقعدا، فإنه سيحكم علينا باستمرار الوضع غير المحتمل والمرفوض الذي يتمثل في حكومة انتقالية غير نهائية.

الرئيس الذي سئم من طريق الآلام التي مر بها الجمهور في السنة الماضية، سيفحص بجدية تقصير الإجراءات والتنازل عن إعطاء التفويض عديم الجدوى لنتنياهو أو غانتس، والانتقال مباشرة إلى المرحلة الأخيرة، إلى الكنيست، من أجل اتخاذ قرار حاسم من قبل الأعضاء فيها.
في الجانب الآخر، في "أزرق أبيض"، سيضطرون إلى القيام بأكثر من انتقاد ذاتي.

باستثناء ظروف البداية التي تم ذكرها من قبل فقد حصلوا على سلة مليئة بالخيرات في الـ 48 ساعة الأخيرة للحملة.

تسجيل نتان ايشل، الذي كان يعادل أكثر بألف مرة خطاب "التشكتشكيم"، كشف المناورات المخيفة لرئيس الحكومة ومن يحيطون به لإسقاط إسرائيل بخر، حيث كان يجب أن يقض مضاجع كل مواطن عاقل.

أمام هذه القذائف التي وضعت أمام دبابته كان يبدو وكأن المعارضة الرئيسة لنتنياهو وضعت الورود في فوهة المدفع.

لم يكن هناك حملة ناجعة في اليوم الأخير، والأسوأ من ذلك أنها كانت حملة متلعثمة وفاشلة، عندما فهموا أن نتنياهو سيفوز.

في "يوجد مستقبل" و"تيلم" وفي أجزاء من "المنعة لإسرائيل" سيكون هناك من يتساءلون هل بني غانتس هو الذي كان يجب أن يقود جولة أخرى أمام نتنياهو.

شركاؤه غير المفيدين (الضرر الذي تسبب به عمير بيرتس لغانتس مؤخراً) هم أيضا سيضطرون إلى التفكير بمسار جديد.

الحزب، الذي أسس الدولة، سيمثل في الكنيست القادمة بثلاثة مقاعد فقط. بعد الاتحاد الذي فرض تقريبا بين "العمل" و"ميرتس"، سيضطرون إلى التفكير بانتخابات تمهيدية يتحدون فيها بيرتس. أيضا التفكير باتحاد آخر مع "أزرق أبيض" فيما بعد.

سؤال آخر يطرح الآن وهو هل سيكون هناك أشخاص سيتركون أحزابهم من كتلة الوسط – اليسار.
صحيح حتى الآن أن هذا لا يبدو احتمالا مقبولا. لا يوجد لأي من "المشبوهين الطبيعيين" ما يكسبه في هذه المرحلة.

ملذات السلطة مرفوضة في الأجواء الحالية إزاء اختبار الإخلاص ورغبة معظم النظام السياسي في إنهاء عهد نتنياهو.

في السياق ذاته لا يوجد لنتنياهو ما يبنيه على أفيغدور ليبرمان بعد أن خرج من الصندوق السياسي نهائيا.

من الواضح أن هدفه كان وما زال أن يقودنا إلى اليوم التالي لنتنياهو. هو لن يحيد عنه، ولا حتى أمام الإغراءات الكبيرة جداً التي ستوضع أمامه.

عن "هآرتس"