العرب داخل إسرائيل يريدون إنجازات حقيقية

حجم الخط

وكالة خبر


صوت 64.7 في المئة من أصحاب حق الاقتراع في أوساط المواطنين العرب، في الانتخابات للكنيست الـ 23. تعتبر هذه زيادة بأكثر من 5 في المئة مقارنة مع الـ 59.2 في المئة الذين صوتوا في شهر أيلول، وزيادة حادة بـ 15 في المئة مقارنة مع الـ 49.2 في المئة الذين صوتوا في نيسان. ولا نذكر على الإطلاق مجموعة من المصوتين رفعت نسبة تصويتها بهذا الشكل خلال سنة. تعتبر هذه سابقة، وهي نسبة التصويت الأعلى للعرب منذ انتخابات 1999. في تلك الحملة الانتخابية ذهب 75 في المئة من العرب الى صناديق الاقتراع من أجل تتويج ايهود باراك رئيسا لحكومة إسرائيل. وفي السنة والنصف التي أعقبت ذلك تعلم العرب درسا قاسيا فيما يتعلق بوفاء ومصداقية الأغلبية اليهودية تجاههم. انخفضت نسبة تصويتهم منذ ذلك الحين حتى الانتخابات الأخيرة.
النتيجة هي إنجاز غير مسبوق للقائمة المشتركة التي نجحت في الحصول على 15 مقعدا (حتى فرز 90 في المئة من الأصوات)، بزيادة مقعدين أكثر من الانتخابات السابقة. مع ذلك، يجب التحفظ على هذا الإنجاز: العرب يشكلون 16 في المئة من أصحاب حق الاقتراع في إسرائيل. لذلك، فإن نصيبهم في كعكة المقاعد في الكنيست كان يجب أن يصل إلى 19 مقعدا. 15 مقعدا تشكل انجازا مدهشا بكل المقاييس. وهم ما زالوا يشكلون تمثيلا ناقصا مقارنة مع نسبتهم في السكان. نسبة التصويت العامة من مجمل السكان وصلت في هذه المرة الى 71 في المئة. وهكذا ما زال يوجد للمصوتين العرب ما يطمحون اليه.
جزء مهم من النجاح هو بفضل القائمة المشتركة التي قامت بعمل سياسي جيد – والقدرة القيادية لأيمن عودة. فقد نجح، خلافا للتوقعات، في توحيد جميع القوى في المجتمع العربي وطرح حزب موحد عمل بشكل مشترك وركز على تحقيق مصالح العرب في الحكومة وفي الكنيست. وإذا كانت نسبة التصويت المنخفضة جدا في نيسان (49 في المئة) قد نسبت لخيبة الأمل من انقسام القائمة المشتركة، فان الارتفاع الآن يعود بشكل كبير إلى رد للجميل من الناخب العربي على كونه ممثلا بشكل جيد من قبل منتخبيه.
يجب علينا أن ننسب لعودة وأحمد الطيبي الإنجاز الاستثنائي للقائمة المشتركة في الوسط العربي. وحسب اقوال اريك رودنتسكي من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، فإن القائمة المشتركة حظيت بزيادة المصوتين من خارج القرى العربية الكلاسيكية (المدن المختلطة وفي أرجاء البلاد). في هذا الجزء يوجد نصف مقعد ساهم فيه اليهود للقائمة المشتركة. وحسب التقديرات، هذا رقم غير مسبوق. وهذا نتيجة خيبة أمل اليسار اليهودي من انضمام «ميرتس» الى «العمل» – «غيشر»، وبسبب العمل الممتاز الذي قام به عودة والطيبي لتقريب اليسار اليهودي وطرح القائمة المشتركة على أنها الحزب الوحيد الذي يهتم بالمساواة والسلام.

هل يئسوا من الشراكة السياسية؟
الفضل في استيقاظ الناخب العربي يجب نسبه لنوايا السياسيين اليهود السيئة تجاههم. حملة «الليكود» (غانتس لن تكون له حكومة دون الطيبي)، حاولت ونجحت في نزع الشرعية عن هذه الشريحة من السكان الذين يشكلون 20 في المئة من سكان إسرائيل. وهذه النسبة من السكان تجرأت على التمرد والتذكير بأنه يوجد لهم صوت.
لا شك أنه يوجد لنتنياهو دور مهم في استيقاظ العرب. وما بدأ بـ»تدفق العرب الى صناديق الاقتراع» في 2015 استمر مع قانون القومية وقانون الكاميرات ووصل الى الذروة عند اعلان صفقة القرن وفكرة تنفيذ الترانسفير لسكان قرى المثلث. الأمر لم يكن بحاجة الى الكثير من اجل تحذير العرب بأن مواطنتهم توجد في خطر، وأنه إذا لم يستيقظوا ويستخدموا قوتهم من أجل الدفاع عن أنفسهم، يمكن أن يجدوا انفسهم يفقدون الجنسية.
هذا الضرر تسبب به نتنياهو لنفسه، لكنه لم يكن الوحيد. ايضا حزب «أبيض أزرق» ارتكب خطأً إستراتيجيا عندما انجر وراء حملة نزع الشرعية التي قام بها نتنياهو. وأوضح بأنه سيستند فقط على أغلبية يهودية، أي أن أغلبية عربية امر مرفوض. يدور الحديث عن ضرر ثلاثي تسبب به «ازرق ابيض» لنفسه ولناخبيه.
أولا، محاولة التقنع بقناع حزب يميني فشلت. لأنه اذا كان الحديث يدور عن اليمين فإن نتنياهو يفعل ذلك بصورة افضل.
ثانيا، دعم العرب لحزب «ازرق ابيض» في انتخابات شهر شهر، فقده. ففي حينه أعطى العرب مقعدا كاملا لحزب «أزرق أبيض»، الذي أصبح الحزب اليهودي الرائد في الوسط العربي. ولكن ذلك لم يحصل في هذه المرة. الانتخابات الأخيرة كانت استثنائية بالتكتل الكبير للناخب العربي. للمرة الأولى 88 في المئة من المصوتين العرب صوتوا للقائمة المشتركة، أي أنه نحو 11 في المئة من الأصوات العربية ذهبت إلى أحزاب يهودية. وهذه هي نسبة التصويت الأدنى لأحزاب يهودية من أي وقت مضى. وهي تدل بالطبع على خيبة الأمل الكبيرة من أن جميع الاحزاب اليهودية، بما في ذلك «ازرق ابيض»، وحزب «ميرتس» الذي انضم الى حزب العمل ولم يضع أي عربي في مكان مضمون في قائمته، أدارت لهم ظهرها.
ثالثا، التقدير هو لو أن «أزرق أبيض» مد يده للعرب فربما كانت يقظتهم ستكون أكبر. الدكتورة نسرين الحاج يحيى، من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، قدرت بأنه لو أن العرب شعروا بأنه مرغوب فيهم في اللعبة السياسية الإسرائيلية، لكانت نسبة تصويتهم سترتفع الى 70 في المئة، وهو الأمر الذي كان سيعطي على الأقل مقعدين آخرين لكتلة اليسار. وهي تؤسس ذلك على حقيقة أنه في استطلاعات الرأي فإن 80 في المئة من العرب قالوا إنهم أرادوا أن يكونوا أعضاء في الحكومة، وتدل أيضا على الدعم الكبير الذي حصل عليه باراك، المرة الأخيرة، التي طور فيها العرب آمالا حقيقية كي يكونوا جزءاً من اللعبة السياسية.
مع ذلك، الأمر الأخير، الذي يمكن أن يظهر من ارتفاع نسبة تصويت العرب الحادة هو اليأس من الشراكة السياسية مع اليهود. ولكن العكس هو الصحيح. ينبع الارتفاع من أن العرب فهموا للمرة الأولى قوتهم السياسية وضرورة استخدامها. حملة «لا توجد لغانتس حكومة مع الطيبي» بثت للمواطنين العرب القوة – أنهم يخافون منهم، أي أن لهم قدرة على التأثير. أيضا النقاش غير النهائي بأن غانتس سيشكل حكومة أقلية بدعم عربي من الخارج، عزز لديهم الشعور بهذا التأثير.
أخيراً، بدأ العرب يشعرون بأن لهم تأثيرا وفاعلية في الكنيست. قرار الحكومة تحويل 10 مليارات شيكل من أجل جسر الفجوات في الوسط العربي، الذي اتخذ في 2015، كان نتيجة بارزة لتشكيل القائمة المشتركة، وزيادة قوة العرب في الكنيست. ومنذ ذلك الحين القائمة المشتركة زادت قوتها ونشاطاتها في مجال الاقتصاد والمجتمع، مثل المعركة من أجل إلغاء قانون كمنتس (تنظيم البناء غير المرخص في القرى العربية). أيضا دون الجلوس في الحكومة أو في الائتلاف فإن قوة العرب المتزايدة في الكنيست بدأت تؤتي ثمارها.

نحن بالتأكيد لسنا إمعات
«مرّ على الوسط العربي تغييرات فكرية كبيرة»، قال أيمن سيف، رئيس سلطة تطوير الأقليات في الحكومة سابقا. «هذا مجتمع لديه طبقة وسطى كبيرة مع زيادة في مستوى المعيشة، ومع طموحات اقتصادية. هذا مجتمع يريد أن يكون مشاركا ومؤثرا. وليس عبثا أن 80 في المئة من العرب قالوا إنهم يريدون أن يكون لهم تمثيل في الحكومة».
التقدير هو أن اليقظة ما زالت في بدايتها، وأنه إضافة إلى تحسين الوضع الاقتصادي في المجتمع العربي، فإن مشاركتهم السياسية ستزداد. القائمة المشتركة، كما هو معروف، قدمت في السابق لـ»أزرق أبيض» بعد انتخابات أيلول قائمة من الطلبات كشرط لدعمه في حالة تشكيل حكومة أقلية. يدور الحديث عن طلبات اقتصادية – اجتماعية في معظمها: إلغاء قانون كمنتس ومعالجة الجريمة ووضع خطة خماسية اقتصادية بمبلغ 32 مليار شيكل والغاء قانون القومية وانشاء جامعة عربية وانشاء مستشفى عربي وانشاء مدينة عربية ومعالجة القرى غير المعترف بها في النقب واقامة مناطق تشغيل في القرى العربية ودمجهم في الهايتيك وزيادة التشغيل العربي.
في نهاية هذه القائمة الطويلة ظهر طلب آخر للدفع قدما بالعملية السياسية. ومثل الأصوليين، العرب ايضا يريدون استخدام قوتهم السياسية لتحقيق إنجازات اقتصادية. وقد توقفوا عن كونهم اغبياء وهم يريدون إنجازات. لذلك، يتوقع أن يواصلوا ويزيدوا مشاركتهم في السياسة الإسرائيلية.
«توجد أهمية لأصوات الأصوليين»، قالت الحاج يحيى. «بعد 72 سنة يريد العرب أيضا أن يكون لهم صوت. العرب اكتشفوا قوتهم، والآن هذا يعتمد على اليهود الذين سيفهمون ذلك. وإذا قام أي زعيم يهودي ووافق على احترام العرب ووافق على أن يكونوا جزءا من معسكره، فإن الإنجازات التي يمكن أن نحققها ستكون إنجازات استثنائية».

عن «هآرتس»