«أزرق أبيض» ألقى الجمهور العربي في إسرائيل تحت إطارات الحافلة !

حجم الخط

بقلم: زهافا غلئون


"تحترم الشعوب الأخلاق إلى حد معروف، وتحترم القوة"، قال بنيامين نتنياهو في الأيام العادية من العام 2018. هذا هو المبرر الذي ساقه لفرض الديكتاتورية العسكرية على الفلسطينيين. ولكن يمكننا أن نتعلم منها أيضا عن هذا الشخص نفسه. لا يؤمن بالأخلاق نتنياهو، بل يؤمن بالقوة. ويمكن للقوة أن تمحو كل وصمة. يمكن أن تكذب في الانتخابات طالما أنك فزت. ويمكن أن تغازل ايتمار بن غبير وأن تتاجر بكراهية العرب والضم. والسؤال المطروح الآن هو من سيكون رئيس الحكومة؟
ينافس نتنياهو على كراهية العرب والضم؛ لأنه يعرف أن القضية الأساسية كانت ولا تزال تقسيم البلاد.
وهناك مكان تحالفه. وهو يعرف أن أحزاب المستوطنين ستكون على استعداد للتعايش مع كل قذارة من فساده الشخصي وحتى بن غبير، طالما أن السيادة مضمونة لها.
الضم هو الجزرة التي يمكن التلويح بها للمستوطنين من أجل ضمان خضوعهم.
ولن يصوت هذا اليمين لـ "ازرق ابيض"، ولا يهم كم من امثال هندل وامثال هاوزر سيضعون في قائمتهم.
وبدل أن يتحدى الجنرالات الثلاثة هذا الوهم الخطير، وأن يوضحوا للجمهور معنى المغامرة التي يعده بها نتنياهو، فضلوا الاستهزاء بنتنياهو؛ لأنه غير يميني بما فيه الكفاية.
ولم يزعجهم أنهم في الجيش يستعدون للتصعيد إذا تم تطبيق "صفقة القرن".
يتحدث نتنياهو عن تغيير حدود الدولة لإرضاء بتسلئيل سموتريتش وبن غبير. وفي "ازرق ابيض" ينشرون في الشبكات الاجتماعية أفلام محبة لغور الأردن.
جميعنا سندفع ثمن هذا الصمت، وبسبب اختيارنا التصفيق لمقامرة مجنونة على مستقبل إسرائيل، ولكن بالاساس على تنكرهم الجبان لمواطني إسرائيل العرب.
ذهب نتنياهو لالقاء خطاب في طمرة، في حين أنهم في "ازرق ابيض" تمتموا بشيء ما عن "اغلبية يهودية".
وقد سمحوا لنتنياهو بأن يفكك احتمالهم الاكبر لتشكيل الحكومة. وحتى أنهم القوا تحت اطارات الحافلة بجمهور كامل عمل نتنياهو على وصفه بأنه غير شرعي، وهذا أمر لا يمكن غفرانه. مسألة الحدود ومعاملة المواطنين العرب ترافق إسرائيل منذ اقامتها. في "ازرق ابيض" ابتعدوا عن هذه المسائل مثل ابتعادهم عن النار. وفي "الليكود" لمسوها بيد مكشوفة. يمكننا فهم لماذا اختاروا في "الليكود" التركيز على التشهير والعنصرية. عندما قاموا بنشر فيلم تحريضي عن بني غانتس، غرمتهم لجنة الانتخابات 7500 شيكل. هذه نكتة. لا شك أن ثمن الفيلم فحص قبل اتخاذ قرار نشره. هذه الاموال سيدفعها "الليكود" من جيبه، من ميزانية تمويل الأحزاب. ليس للكذب أرجل، ولكن له ثمن. وفي "الليكود" سيسرون بدفعه.
تقوم القوة بتبييض أي شيء. من الآن تعمل ماكينة الرسائل من اجل الشرح بأنه حان الوقت للوحدة، وأنه لا مناص من تعيين غانتس وزيرا للدفاع، الذي وصفوه بأنه مجنون وفاسد ومتلعثم وقابل للابتزاز.
لا أحسد "أزرق أبيض". فقد تنافس مع ماكينة التشويه الاكثر نجاعة في تاريخ إسرائيل، مع اشخاص كانوا على استعداد لبيع أي قيمة اذا كان لديهم فقط ما يكفي من الأوراق المالية. مع ذلك، هم ايضا يتحملون المسؤولية عن النتائج.
لا يمكن معرفة ما الذي يخبئه لنا المستقبل، لكن من الواضح أن الصراع هو حول هوية الدولة. وهو صراع من المحظور تركه لسياسيين يخشون من الوقوف وراء ما يؤمنون به. وهذا النضال يحتاج الى مجتمع مدني قوي يحارب من اجل القيم التي يؤمن بها. نتنياهو يقترح علينا عالما بدون كوابح ودون أخلاق. ولا يوجد أي سبب للذهاب في هذه الطريق ونحن نطأطئ الرأس.

عن "هآرتس"