كل عام والرحيمات اللواتي أنجبن أعداء من أرحامهن بعافية

حجم الخط

بقلم: ناهد أبو طعيمة

 

في آذار الغارق حتى أذنيه بنعمة التأنيث تكون النساء الفلسطينيات بالعادة محل تساؤل الصحافة العربية والمحلية في موسم الأعياد، عما تريد النساء في شهرهن ويومهن الثامن من آذار وعيد الأمهات ويوم الأرض.

تتأمل النساء المشهد ولسان حالهن يقول نريد أن نعبر النهر دون أوسمة باعتبارنا بطلات تارة وضحايا تارة أخرى، نريد أن نعيش في وطن لا يكرس الحقوق بحسب اعتبار الجنس، ولا يجعل من الفروق البيولوجية مدخلا للتميز في القوانين والعرف والعادات، بل يحتكم الى الرمز الإنساني الذي يهب النساء كافة حقوقا متساوية بصرف النظر عن حدود الجغرافيا والتاريخ واللغة والديانة والعرق.

الأرقام بحسب دائرة الإحصاء الفلسطينية تقول إننا 49% من قوام هذا المجتمع أكثر من عُشر الأسر الفلسطينية ترأسها نساء، ونسبتنا في القوى العاملة 18% ، في حين معدل البطالة للنساء بلغ 68% وربع المستخدمات بأجر في القطاع الخاص يعملن دون عقد عمل.

هذه مؤشرات الأرقام لكن في بلدنا يبدو المشهد خاصا وفريدا على النساء مثل لوحة فسيفساء غير متجانسة في ظل دولة ترزح تحت الاحتلال، وبالتالي يتوجب عليهن حراسة حلمنا في التحرر والانعتاق، ورقم وأحد فقط يقول ما نحن عليه، فمنذ عام 1967 تم اعتقال 16 ألف امرأة عابرات طريق الآلام بكل صنوفه م الاستشهاد والفقدان والأسر ويدفعن الفاتورة الأكبر منذ عام 2007 نتيجة فواحش الانقسام الفلسطيني.

ومن جانب آخر تعيش المرأة مع واقعها حالة من الالتباس من جانب جملة الإصلاحات والمحاولات التي تقوم بها السلطة الوطنية بداية من قرار المجلس المركزي في اعتماد 30% كنسبة تمثيل النساء في مؤسسات منظمة التحرير الى استحداث وحدات نوع اجتماعي ونيابة أسرة متخصصة ووحدات حماية الأسرة في الشرطة وقضاة خاصين بالنوع الاجتماعي، وانتهاءً باعتماد يوم وطني للمرأة الفلسطينية الى جانب خطاب لطيف يعبر عنه الرئيس أو دولة رئيس الوزراء في كل مناسبة في إشارة للدور والمكانة التي وجب أن تكون عليها شريكات النضال.

لكن كل هذه المحاولات والخطابات تصبح هشة لا تسمن ولا تغني من الجوع عندما تُقتل امرأة حينما تفشل كل منظومة قطاع العدالة بحمايتهن من سكاكين القبيلة على مرأى منا جميعا، ومع ازدياد وتيرة القتل كل عام تحت أغطية وأقنعة متعددة، سقوط من علو أو انتحار وأخيراً الشعوذة والجن.

يقول الإحصاء الفلسطيني أن العنف من قبل الأزواج ضد النساء المتزوجات سجل أعلى نسبة في الضفة في محافظة الخليل 37%، وأعلى نسبة في قطاع غزة في محافظة خانيونس 41% .

هذا ما تقوله الأرقام وهي صماء تخفي دوماً ثقوبا عن ضحايا غير مرئيات لا يصلن الى مراكز الشرطة وضحايا يوصدن أبوابهن خشية من تنمر وخطاب كراهية مؤثث على العيب والحرام والرضا بالرهان عليهن في جلسة حل عشائري على فنجان قهوة.

ما تريده النساء .. قوانين عصرية عادلة مستنيرة تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين، ما تريده المرأة قوانين لا تطلب منها الطاعة مقابل الإنفاق، نريد حقوقا متساوية في الزواج والطلاق والولاية في الزواج والتملك، نحتاج الى عدالة لها حواس منصفة تسمع وتحس ولها ذهنية قادرة على تفكيك جذور العنف ومسبباته لا نريد جحودا وتوقيع عرائض من أبناء أرحامنا بأننا ناقصات عقل ودين.

لا نريد ترقيع في إقرار مادة او مادتين أو تعميمات موسمية لمقايضة غضب النساء بعد كل حالة قتل واغتصاب، نريد رزمة محكمة أولها قانون الأحوال الشخصية للكل الفلسطيني لا يوجد فيها استثناءات تصبح بعد وقت هي الأساس،

نريد قانون حماية الأسرة من العنف، نريد قانونا يجرم التحرش في بيئة العمل وفي الشارع، نريد قضاء عادلا يوقع عقوبات رادعة ضد القتلة والمغتصبين في جوهره لا يتساهل في حقوق النساء وينتصر للحق العام.

نريد العافية لكل النساء رغم وعورة الطريق دون فقدان بيوت او أحباء في بيوت آمنة وقوانين حامية.