انتشار فيروس كورونا يضع إسرائيل في وضع حساس مع جارتها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وفي قطاع غزة الذي تسيطر عليه "حماس".
هذا الوباء، لا يعرف الحدود والجدران، لكن في هذه الأثناء تسهم محاربته الكثيفة في الهدوء الأمني النسبي، بل تؤدي إلى تعزيز التنسيق بين الأطراف.
الامتحان الأكبر سيأتي في الأيام القريبة القادمة عندما ستضطر إسرائيل إلى اتخاذ قرار هل ستمدد الحصار الكامل الذي فرض على "المناطق" في عيد المساخر؟
الوضع في القطاع وفي الضفة مختلف في جوهره. فغزة أكثر حساسية بالنسبة لانتشار الأوبئة. ولكن في هذه الأثناء لم يشخص فيها أي مصابين بالكورونا.
وفي الضفة الغربية تم حتى الاثنين إحصاء 25 مصاباً، معظمهم في بيت لحم. وفعليا لا توجد أي إمكانية للفصل بصورة كاملة عن إسرائيل.
في جميع تحليلات الوضع، التي يجريها جهاز الأمن في السنوات الأخيرة، تم طرح خطر انتشار أمراض معدية في القطاع كأحد السيناريوهات المحتملة بسبب الاكتظاظ هناك والبنى المنهارة والشروط الصحية المتدنية. ولكن في هذه الحالة فإن مركز الإصابة بالكورونا يأتي من الخارج. وبصورة متناقضة الفصل النسبي للقطاع عن العالم بالتحديد يحميهم في الوقت الحالي.
سواء في القطاع أو في الضفة يسود قلق كبير في أوساط الجمهور، يصل إلى حد الذعر من انتشار الكورونا.
في القطاع أقيمت منشأة عزل في رفح للأشخاص الذين يوجد شك بأنهم أصيبوا بالفيروس. والآن يوجد فيها أشخاص معدودون. وفي الوقت ذاته تم تقليص الحركة إلى مصر ومنها في معبر رفح، وطلبت الحكومة من السكان عدم السفر إلى الخارج إذا لم يكن ضروريا.
المعضلة الأساسية، التي تشترك فيها إسرائيل وأيضاً "حماس"، رغم أنهم لا يتحدثون معا، تتعلق بالعمال الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل.
وفي الشهر الماضي في إطار التسهيلات للقطاع ومحاولة التوصل إلى تهدئة طويلة المدى قررت إسرائيل زيادة عدد تصاريح الدخول لسبعة آلاف تاجر ورجل أعمال (فعليا معظمهم من العمال).
هذا التسهيل لم يطبق بالكامل، لكن يوجد لـ "حماس" مصلحة في استنفاده بسبب الأزمة الاقتصادية في القطاع وحقيقة أن متوسط الأجر للعامل الفلسطيني في إسرائيل يزيد بستة أضعاف عن الدخل في غزة.
مع ذلك، يوجد لـ "حماس" سبب جيد للخوف من أن يجلب الغزيون الذين سيدخلون إلى إسرائيل عند عودتهم الفيروس معهم، وسيكون من الصعب جدا وقف انتشاره في القطاع المكتظ. المعضلة الفورية بناء على ذلك ستكون بالأساس متعلقة بـ "حماس": هل يجب عليها المخاطرة بوقف مصدر الدخل الحيوي للقطاع من أجل منع دخول الكورونا؟
إذا انتشر فيروس الكورونا في القطاع فإن إسرائيل ستجد صعوبة في أن تزيح عن نفسها المسؤولية عن ذلك.
المجتمع الدولي لن يوافق على ادعاء إسرائيل، الذي يقول إنها توقفت نهائيا عن أن تكون مسؤولة عن الوضع في القطاع بعد عملية الانفصال في العام 2005، في حين أن السلطة الفلسطينية، المسؤولة عن القطاع، استنادا إلى تطبيق اتفاقات أوسلو لا توجد بتاتا على الأرض منذ طردتها "حماس" من هناك بصورة عنيفة في العام 2007.
"كيف سنتصرف إذا توجه عشرات آلاف الفلسطينيين نحو الجدار وطلبوا مساعدة إسرائيل في الكارثة الإنسانية في القطاع؟"، سألت الدكتورة دانا وولف، الخبيرة في القانون الدولي من المركز متعدد المجالات في هرتسليا، "الكورونا تظهر على السطح مشكلات لم يتم حلها بخصوص علاقات إسرائيل مع القطاع والتي لم نحسمها خلال سنوات".
هذه مسألة تشغل مؤخرا أيضا القيادة السياسية والأمنية عدا مشاكل أخرى كثيرة.
بكلمات أخرى، سيناريو انتشار فيروس الكورونا في قطاع غزة يتم تصنيفه في جهاز الأمن بعنوان "ليحفظنا الله".
إغلاق مع علامة استفهام
خلافا للقطاع فإن الفصل الطبيعي بين إسرائيل والضفة الغربية هو ببساطة غير قائم.
جدار الفصل الذي تم بناؤه في منتصف العقد السابق لم يتم استكماله بعد، وقد تم إهماله في السنوات الأخيرة، وهو قابل للاجتياز من قبل من يريد ذلك حقا.
حتى صباح أول من أمس تركز معظم حالات الإصابة بالكورونا في بيت لحم. وهناك قررت السلطة فرض الحصار على المدينة بالتنسيق مع إسرائيل.
ولكن المنطقة الريفية بين بيت لحم والخليل تقريبا لا يمكن فصلها بشكل كامل، ولا يوجد فيها وجود حقيقي للجيش الإسرائيلي الذي يقوم بتطبيق الإغلاق. لذلك، من المعقول أن المرض سيواصل الانتشار على الأقل نحو الجنوب.
وزير الدفاع، نفتالي بينيت، أعلن، الأحد الماضي، أنه يفحص فرض إغلاق كامل على "المناطق"، وهو لم يتخذ بعد قرارا نهائيا حول ذلك.
في هذه الأثناء يتم التخطيط لدخول عمال من الضفة باستثناء منطقة بيت لحم بدءاً من يوم الخميس.
هنا أيضا مرة أخرى سيكون هناك تردد بين خطر انتشار الفيروس وبين اعتبارات كسب الرزق – في الضفة يدور الحديث عن أكثر من 120 ألف شخص يعملون داخل الخط الأخضر وفي المستوطنات، إضافة إلى عشرات الآلاف الذين يعملون بصورة غير قانونية في إسرائيل.
الأنباء الجيدة، إذا كان يمكن التحدث عن أنباء كهذه، هي أن تهديد الوباء عزز جدا التنسيق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، الذي مر في السنة الأخيرة بأزمات شديدة حول صفقة القرن والمساعدات الفلسطينية للسجناء الأمنيين، ومؤخراً الخلاف حول العجول.
التنسيق في المجال الصحي وثيق بشكل خاص وإسرائيل تساعد الفلسطينيين في الضفة في تحويل طواقم فحص للمرض وتحليل النتائج.
ربما يمكن الاستنتاج من ذلك عدة استنتاجات على المدى البعيد: الشعبان مرتبطان معا، ويجب عليهما التنسيق فيما بينهما في مسائل حاسمة تتعلق بالأمن والصحة دون صلة بالاختلافات الايديولوجية والتوترات العسكرية.
عن "هآرتس"